خطبة الجمعه مشاهد من يوم القيامه : شريف ابراهيم : 9 / جماد الآخر / 1435 هجريه
صفحة 1 من اصل 1
خطبة الجمعه مشاهد من يوم القيامه : شريف ابراهيم : 9 / جماد الآخر / 1435 هجريه
الخطبة الأولى :
أمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ فَإِنّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسي بِتَقْوى اللهِ العَلِيِّ القَديرِ. اتَّقُوا اللهَ يا عِبادَ اللهِ، وَٱعْلَموا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الإِيمانِ فَقالَ “الإِيمانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ” فَمِنْ أُصولِ الإِيمانِ، الإِيمانُ بِاليَوْمِ الآخِرِ أَيْ بِيَوْمِ القِيامَةِ فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَهُوَ كافِرٌ غَيْرُ مُسْلِمٍ. وَقَدْ أَخْبَرَنا اللهُ عَنْ ذَلِكَ اليَوْمِ وَعَنْ هَوْلِ ما يَحْصُلُ فيهِ فَٱسْمَعُوا مَعِي بَلِ اسْتَمِعُوا سَماعَ الـمُتَنَبِّهينَ الـمُتَفَكِّرينَ الـمُوقِنينَ وَتَذَكَّرُوا بِأَنَّكُمْ سَتَشْهَدُونَ هَذا اليَوْمَ، وَسَتَكُونونَ مِنْ أَهْلِهِ قالَ تَعالى في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ *وَإِذَا الكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ*وَإِذَا البِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا القُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ )
يَا ابْنَ ءادَمَ كَيْفَ بِكَ وَقَدْ تَصَدَّعَتِ الجِبالُ ونُسِفَتْ وَٱنْشَقَّتِ السَّماءُ وَٱنْفَطَرَتْ وَٱنْتَثَرَتِ الكَواكِبُ أَيْ تَساقَطَتْ وَفُتِحَتِ القُبورُ وَبُعْثِرَتْ .. وَٱشْتَعَلَتِ البِحارُ بِالنَّارِ وَسُجِّرَتْ .. وَٱنْصَدَعَتِ الأَرْضُ وَتَبَدَّلَتْ وَعَلِمَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما قَدَّمَتْ وَما أَخَّرَتْ، يَا ابْنَ ءادَمَ تَذَكَّرْ أَنَّ اللهَ خَلَقَكَ وَأَنَّ اللهَ يُمِيتُكَ ثُمَّ يَبْعَثُكَ كَما قالَ تَعالى ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْـحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْىِ الْـمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ*وَأَنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَن فِى القُبُورِ ) أَحِبَّتِى مَواقِفُ القِيامَةِ خَمْسُونَ مَوْقِفًا كُلُّ مَوْقِفٍ مِقْدارُهُ أَلْفُ سَنَةٍ مِنْ سَنَواتِ الدُّنْيا قالَ تَعالى ﴿ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾. لَكِنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّويلَةَ تَكُونُ عَلى التَّقِيِّ مِقْدارَ صَلاةِ الفَريضَةِ فَفِى صَحيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ رَسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قالَ “يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسينَ أَلْفَ سَنَةٍ” فَقيلَ لَهُ “ما أَطْوَلَ هَذا اليَوْمَ” فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَليْهِ وَسَلَّمَ “وَالَّذي نَفْسي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُخَفَّفُ عَلى المُؤْمِنِ (أَيِ الكامِلِ) حَتَّى يَكونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صلاَةٍ مَكْتوبَةٍ يُصَلِّيها في الدُّنْيا) فَمَنْ صَبَرَ فى الدُّنْيا عَلى أَداءِ الواجِباتِ وَٱجْتِنابِ الـمُحَرَّماتِ يَقْصُرُ انْتِظارُهُ فى ذَلِكَ اليَوْمِ، فَٱحْرِصْ أَنْ تَكونَ مِنْ أُولَئِكَ الـمُؤْمِنينَ ما بَقِىَ لَكَ نَفَسٌ مِنْ عُمْرِكَ، وَٱعْمَلْ فى أَيّامٍ قِصارٍ لِأَيَّامٍ طِوالٍ تَرْبَحْ رِبْحًا لا مُنْتَهى لِسُرُورِهِ، إِنْ صَبَرْتَ عَنِ الـمَعاصِى فى الدُّنْيا لِتَخْلَصَ مِنْ عَذابِ يَوْمٍ مِقْدارُهُ خَمْسونَ أَلْفَ سَنَةٍ يَكُنْ رِبْحُكَ كَثيرًا وَتَعَبُكَ فى الدُّنْيا بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَرْبَحُ فى الآخِرَةِ يَسيرًا.
إِخْوَةَ الإِيمانِ يَوْمُ القِيامَةِ يَبْدَأُ مِنْ بَعْثِ الأَجْسادِ إِلى اسْتِقَرارِ أَهْلِ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ وَأَهْلِ النّارِ في النّارِ وَالبَعْثُ هُوَ خُرُوجُ الـمَوْتَى مِنَ القُبورِ بَعْدَ إِعادَةِ الجَسَدِ الَّذي أَكَلَهُ التُّرابُ إِنْ كانَ مِنَ الأَجْسادِ الَّتي يَأْكُلُها التُّرابُ وَهِيَ أَجْسادُ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ لِقَوْلِهِ صَلّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ “إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسادَ الأَنْبِيَاءِ” اهـ وَكَذَلِكَ شُهَداءُ الـمَعْرَكَةِ الَّذينَ ماتُوا في قِتالِ الكُفّارِ وَبَعْضُ الأَوْلِيَاءِ لاَ تَأْكُلُ الأَرْضُ أَجْسادَهُمْ لِمَا تَواتَرَ مِنْ مُشاهَدَةِ ذَلِكَ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الحَشْرُ أَيِ الجَمْعُ أَيْ جَمْعُ النَّاسِ إِلى أَرْضِ الـمَحْشَرِ قالَ تَعالى ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ سورَةُ الكَهْفِ. أَيْ جَمَعْناهُمْ إِلى الْمَوْقِفِ فَلَمْ نَتْرُكْ مِنْهُمْ أَحَدًا وَيَكونُ حَشْرُ النّاسِ عَلى ثَلاثَةِ أَقْسامٍ قِسْمٌ كاسُونَ راكِبُونَ عَلى نُوقٍ رَحائِلُها مِنْ ذَهَبٍ طاعِمُونَ شارِبُونَ وَهُمُ الأَتْقِيَاءُ وَقِسْمٌ حُفاةٌ عُراةٌ وَهُمُ العُصاةُ وَقِسْمٌ يُحْشَرونَ حُفاةً عُراةً عَلى وُجوهِهِمْ وَهُمُ الكُفّارُ فَفِي مُسْنَدِ الإِمامِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ(إِنَّ الصَّادِقَ الْـمَصْدُوقَ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسلمَ حَدَّثَنِي أَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ عَلى ثَلاَثَةَ أَفْوَاجٍ فَوْجٌ رَاكِبِينَ طَاعِمِينَ كَاسِينَ وَفَوْجٌ يَـمْشُونَ وَيَسْعَوْنَ وفَوْجٌ تَسْحَبُهُمُ الـمَلائِكَةُ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَتَحْشُرُهُمْ إِلى النَّار)
وَفي سُنَنِ النَّسائِيِّ أَيْضًا عَنْ عائِشَةَ رَضِىَ اللهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قَالَ يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ القِيامَةِ حُفَاةً عُراةً غُرْلاً فَقالَتْ عائِشَةُ فَكَيْفَ بِالعَوْرَاتِ قَالَ ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )
عباد الله سَتَأْتِي لَحْظَةٌ يَقِفُ كُلٌّ مِنّا فيها حَيْثُ تُوضَعُ أَعْمالُهُ عَلى الـمِيزانِ وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَنْتَظِرُ حُكْمَ اللهِ فيهِ، فَما أَصْعَبَها مِنْ لَحْظَةٍ في ذَلِكَ اليَوْمِ الَّذي تَذْهَلُ فيهِ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرى النّاسَ سُكارَى وَما هُمْ بِسُكارَى وَلَكِنَّ عَذابَ اللهِ شَديدٌ ذَلِكَ اليَوْمَ الَّذي تَشَقَّقُ فيهِ السَّمَواتُ وَتَشْتَعِلُ فيهِ البِحارُ فَٱعْمَلْ أَخي وَٱجْتَهِدْ في الطّاعاتِ وتَعَلَّمْ وعَلِّمِ الخَيْراتِ فَإِنَّ الدُّنْيا دارُ العَمَلِ وَالآخِرَةَ دارُ الجَزاءِ عَلى العَمَلِ، وَقَدْ رَوى البُخَارِىُّ عَنْ سَيِّدِنا عَلِىٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قالَ “ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً وَٱرْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ اليَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلَ”
هَذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ.
الخطبة الثانية :
عباد الله رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ ماجَهْ عَنْ شَدّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ “الكَيِّسُ مَنْ دانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالعاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَواها وَتَمَنَّى عَلى اللهِ” الكَيِّسُ أَيِ العَاقِلُ الـمُتَبَصِّرُ فِي الأُمُورِ النَّاظِرُ فِي العَوَاقِبِ مَنْ دانَ نَفْسَهُ أَىْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ القِيامَةِ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ عَمِلَ العَمَلَ الَّذِى يَنْفَعُهُ فى الآخِرَةِ أَىِ الطاعاتِ وَتَرَكَ ما يَضُرُّهُ فيها أَيِ الْمُحَرَّماتِ وَالعاجِزُ وَهُوَ الَّذى غَلَبَتْهُ نَفْسُهُ فَقَصَّرَ في طاعَةِ اللهِ رَبِّ العالَمِينَ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَواها أَيْ جَعَلَهَا تَابِعَةً لِهَوَاهَا فَلَمْ يَكُفَّهَا عَنِ الشَّهَوَاتِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا عَنِ الوُقوعِ فى الْـمُحَرَّمَاتِ وَتَمَنَّى عَلى اللهِ أَيْ يُذْنِبُ وَيَتَمَنَّى الجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ وَإِنَابَةٍ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ أَميرِ الـمُؤْمِنينَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنْهُ أَنَّهُ قالَ “حاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحاسَبُوا، وَزِنُوا أَعْمالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَإِنَّما يَخِفُّ الحِسابُ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى مَنْ حاسَبَ نَفْسَهُ في الدُّنْيا، وَتَزَيَّـنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ” أَىْ عَرْضِ الأَعْمالِ في الآخِرَةِ وَهُوَ عَلى ما قالَ تَعالى ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾
اللهم أهدنا وأهد بنا وثبت قلوبنا على طاعتك
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
مواضيع مماثلة
» خطبة الجمعه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر شريف ابراهيم / 18 جماد الآخر / 1435 هجريه
» خطبة الجمعه إلى متى الغفله / شريف ابراهيم : شندى / 11 / محرم 1435 هجريه
» خطبة الجمعه عن شهر المحرم 5 / محرم / 1435 هجريه: الشيخ : شريف ابراهيم: شندى
» خطبة الجمعه (الابزكر الله تطمان القلون ) شريف ابراهيم : شندى 18 محرم 1435 هجريه
» خطبة العام الهجرى الجديد 1435 هجريه ( الشيخ شريف ابراهيم ) شندى
» خطبة الجمعه إلى متى الغفله / شريف ابراهيم : شندى / 11 / محرم 1435 هجريه
» خطبة الجمعه عن شهر المحرم 5 / محرم / 1435 هجريه: الشيخ : شريف ابراهيم: شندى
» خطبة الجمعه (الابزكر الله تطمان القلون ) شريف ابراهيم : شندى 18 محرم 1435 هجريه
» خطبة العام الهجرى الجديد 1435 هجريه ( الشيخ شريف ابراهيم ) شندى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى