ديوان محمد العيد آل خليفة
صفحة 1 من اصل 1
ديوان محمد العيد آل خليفة
ديوان
محمد العيد آل خليفة
دار الهدى
عين مليلة-الجزائر
دار الهدى
للطباعة والنشر والتوزيع
سنة الطبع
2010
[صورة صاحب الديوان]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
للجزائر كما للأمم العريقة في المجد والحضارة تراث أدبي وعلمي يربط حاضرها بماضيها فتبني عليه مستقبلها، وهو ضمان لحفظ كيانها، وتدعيم بنيانها، ولم تتأخر الجزائر عن ركب هذه الأمم في عصر من العصور.
غير أن كثيرا من الأمم ساعدتها الظروف وساعفتها فبقي تراثها محفوظا يتلقاه أبناؤها جيلا بعد جيل، أما الجزائر فقد نسجت عناكب النسيان خيوطها على جل تراثها العلمي والأدبي ولعبت به يد الاستعمار فوضعته في زوايا الخمول، وقد أعان كل ذلك ليل الاستعمار الطويل الذي لم ينجل إلا بعد قرن وعشرات من السنين الشداد.
وبعد أن أصبحت الجزائر حرة مستقلة عقدت وزارة التربية الوطنية العزم على بعث تراث الجزائر ونشره، وكان فاتحة ذلك هو نشر ديوان محمد العيد. وطبع ديوان محمد العيد أمنية عز منالها قبلا، ولقد خامرت هذه الأمنية نفوس كثير من رجال العلم والأدب والإصلاح بالجزائر، فمات البعض منهم وفي نفوسهم حرقة وأسى عميق من عدم نشر هذا الديوان لأن شعر محمد العيد ساير نهضة الجزائر الحديثة وواكبها، فهو قلبها الخافق ولسانها الناطق وترجمانها الصادق، وهو مع ما فيه من بلاغة التعبير وصدق التصوير يمثل الإيمان بالدين والوطن، ويدعو إلى الثورة المسلحة على الاستعمار قبل اندلاعها بسنين، ومن الذي ينكر قوله سنة 1937:
فقم يا ابن البلاد اليوم وانهض …*… بلا مهل فقد طال القعود
وقل يا ابن البلاد لكل لص …*… تجلى الصبح وانتبه الرقود
فخض يا ابن الجزائر في المنايا …*… تظللك البنود أو اللحود
هذا وعسى الله أن يعين وزارة التربية الوطنية على أن تخطو بعد هذه الخطوة خطوات، وتثب في هذا الميدان وثبات بثبات، فبعونه سبحانه تتم الصالحات.
أحمد طالب الإبراهيمي
وزير التربية الوطنية
التقديم
لرائد الأدباء ورئيس العلماء
الإمام الشيخ
محمد البشير الإبراهيمي (رحمه الله)
نشرت في مجلة الشهاب عدد ختم القرآن الكريم
سنة 1939م
•---------------------------------•
الاستاذ محمد العيد شاعر الشباب، وشاعر الجزائر الفتاة، بل شاعر الشمال الإفريقي بلا منازع.
شاعر مستكمل الأدوات، خصيب الذهن، رحب الخيال، متسع جوانب الفكر، طائر اللمحة، مشرق الديباجة، متين التركيب، فحل الأسلوب، فخم الألفاظ، محكم النسج ملتحمه، مترقرق القوافي، لبق في تصريف الألفاظ وتنزيلها في مواضعها، بصير بدقائق استعمالات البلغاء، فقيه محقق في مفردات اللغة علما وعملا، وقاف عند حدود القواعد العلمية، محترم للأوضاع الصحيحة في علوم اللغة كلها، لا تقف في شعره - على كثرته- على شذوذ أو رخصة أو تسمح في قياس، أو تعقيد في تركيب، أو معاظلة في أسلوب. بارع الصنعة في الجناس والطباق وإرسال المثل والترصيع بالنكت الأدبية والقصص التاريخية.
ومن يعرف "محمد العيد" ويعرف إيمانه وتقواه وتدينه وتخلقه بالفضائل الإسلاميه- يعرف أن روح الصدق المتفشية في شعره إنما هي من آثار صدق الإيمان وصحة التخلق، ويعلم أنه من هذه الناحية بدع في الشعراء
رافق شعره النهضة الجزائرية في جميع مراحلها، وله في كل ناحية من نواحيها، وفي كل طور من أطوارها، وفي كل أثر من آثارها- القصائد الغر، والمقاطع الخالدة، فشعره- لو جمع- سجل صادق لهذه النهضه، وعرض رائع لأطوارها.
وقد سمت نفسه في العهد الأخير إلى الشعر الفلسفي وتظهر فيه عدة مقطوعات لزومية رائعة نشر القليل منها.
وإذا كان في النهضة العربية الأدبية بالجزائر، نواحي نقص، فمنها أن يبقى شعر محمد العيد غير مجموع ولا مطبوع.
جنيف في 26 شعبان 1355
البهاء زهير ينشر في هذا العصر! (1)
•---------------------------------•
كلما قرأت شعر لمحمد العيد الجزائري تأخذني هزة طرب تملك علي جميع مشاعري وأقول: إن كان في هذا العصر شاعر يصح أن يمثل البهاء زهيرا في سلاسة نظمه، وخفة روحه، ودقة شعوره، وجودة سبكه، واستحكام قوافيه التي يعرفها القاريء قبل أن يصل إليها وإن التكلف لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه فيكون محمدا العيد الذي أقرأ له القصيدة المرتين والثلاث، لا أمل وتمضي الأيام وعذوبتها في فمي. كان يظن أن القطر الجزائري تأخر عن إخوته سائر الأقطار العربية في ميدان الأدب ولا سيما في الشعر، ولعله بعد الآن سيعوض الفرق بل يسبق غيره بمحمد العيد.
شكيب أرسلان
__________
(1) نشرت هذه القطعة بخط الأمير رحمه الله مع صورتين إحداهما له بالزي المغربي، والثانية للشاعر- فى مجلة "الشهاب" ج (1) م: (13) - 1356هـ - 1137م
محمد العيد آل خليفة
دار الهدى
عين مليلة-الجزائر
دار الهدى
للطباعة والنشر والتوزيع
سنة الطبع
2010
[صورة صاحب الديوان]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
للجزائر كما للأمم العريقة في المجد والحضارة تراث أدبي وعلمي يربط حاضرها بماضيها فتبني عليه مستقبلها، وهو ضمان لحفظ كيانها، وتدعيم بنيانها، ولم تتأخر الجزائر عن ركب هذه الأمم في عصر من العصور.
غير أن كثيرا من الأمم ساعدتها الظروف وساعفتها فبقي تراثها محفوظا يتلقاه أبناؤها جيلا بعد جيل، أما الجزائر فقد نسجت عناكب النسيان خيوطها على جل تراثها العلمي والأدبي ولعبت به يد الاستعمار فوضعته في زوايا الخمول، وقد أعان كل ذلك ليل الاستعمار الطويل الذي لم ينجل إلا بعد قرن وعشرات من السنين الشداد.
وبعد أن أصبحت الجزائر حرة مستقلة عقدت وزارة التربية الوطنية العزم على بعث تراث الجزائر ونشره، وكان فاتحة ذلك هو نشر ديوان محمد العيد. وطبع ديوان محمد العيد أمنية عز منالها قبلا، ولقد خامرت هذه الأمنية نفوس كثير من رجال العلم والأدب والإصلاح بالجزائر، فمات البعض منهم وفي نفوسهم حرقة وأسى عميق من عدم نشر هذا الديوان لأن شعر محمد العيد ساير نهضة الجزائر الحديثة وواكبها، فهو قلبها الخافق ولسانها الناطق وترجمانها الصادق، وهو مع ما فيه من بلاغة التعبير وصدق التصوير يمثل الإيمان بالدين والوطن، ويدعو إلى الثورة المسلحة على الاستعمار قبل اندلاعها بسنين، ومن الذي ينكر قوله سنة 1937:
فقم يا ابن البلاد اليوم وانهض …*… بلا مهل فقد طال القعود
وقل يا ابن البلاد لكل لص …*… تجلى الصبح وانتبه الرقود
فخض يا ابن الجزائر في المنايا …*… تظللك البنود أو اللحود
هذا وعسى الله أن يعين وزارة التربية الوطنية على أن تخطو بعد هذه الخطوة خطوات، وتثب في هذا الميدان وثبات بثبات، فبعونه سبحانه تتم الصالحات.
أحمد طالب الإبراهيمي
وزير التربية الوطنية
التقديم
لرائد الأدباء ورئيس العلماء
الإمام الشيخ
محمد البشير الإبراهيمي (رحمه الله)
نشرت في مجلة الشهاب عدد ختم القرآن الكريم
سنة 1939م
•---------------------------------•
الاستاذ محمد العيد شاعر الشباب، وشاعر الجزائر الفتاة، بل شاعر الشمال الإفريقي بلا منازع.
شاعر مستكمل الأدوات، خصيب الذهن، رحب الخيال، متسع جوانب الفكر، طائر اللمحة، مشرق الديباجة، متين التركيب، فحل الأسلوب، فخم الألفاظ، محكم النسج ملتحمه، مترقرق القوافي، لبق في تصريف الألفاظ وتنزيلها في مواضعها، بصير بدقائق استعمالات البلغاء، فقيه محقق في مفردات اللغة علما وعملا، وقاف عند حدود القواعد العلمية، محترم للأوضاع الصحيحة في علوم اللغة كلها، لا تقف في شعره - على كثرته- على شذوذ أو رخصة أو تسمح في قياس، أو تعقيد في تركيب، أو معاظلة في أسلوب. بارع الصنعة في الجناس والطباق وإرسال المثل والترصيع بالنكت الأدبية والقصص التاريخية.
ومن يعرف "محمد العيد" ويعرف إيمانه وتقواه وتدينه وتخلقه بالفضائل الإسلاميه- يعرف أن روح الصدق المتفشية في شعره إنما هي من آثار صدق الإيمان وصحة التخلق، ويعلم أنه من هذه الناحية بدع في الشعراء
رافق شعره النهضة الجزائرية في جميع مراحلها، وله في كل ناحية من نواحيها، وفي كل طور من أطوارها، وفي كل أثر من آثارها- القصائد الغر، والمقاطع الخالدة، فشعره- لو جمع- سجل صادق لهذه النهضه، وعرض رائع لأطوارها.
وقد سمت نفسه في العهد الأخير إلى الشعر الفلسفي وتظهر فيه عدة مقطوعات لزومية رائعة نشر القليل منها.
وإذا كان في النهضة العربية الأدبية بالجزائر، نواحي نقص، فمنها أن يبقى شعر محمد العيد غير مجموع ولا مطبوع.
جنيف في 26 شعبان 1355
البهاء زهير ينشر في هذا العصر! (1)
•---------------------------------•
كلما قرأت شعر لمحمد العيد الجزائري تأخذني هزة طرب تملك علي جميع مشاعري وأقول: إن كان في هذا العصر شاعر يصح أن يمثل البهاء زهيرا في سلاسة نظمه، وخفة روحه، ودقة شعوره، وجودة سبكه، واستحكام قوافيه التي يعرفها القاريء قبل أن يصل إليها وإن التكلف لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه فيكون محمدا العيد الذي أقرأ له القصيدة المرتين والثلاث، لا أمل وتمضي الأيام وعذوبتها في فمي. كان يظن أن القطر الجزائري تأخر عن إخوته سائر الأقطار العربية في ميدان الأدب ولا سيما في الشعر، ولعله بعد الآن سيعوض الفرق بل يسبق غيره بمحمد العيد.
شكيب أرسلان
__________
(1) نشرت هذه القطعة بخط الأمير رحمه الله مع صورتين إحداهما له بالزي المغربي، والثانية للشاعر- فى مجلة "الشهاب" ج (1) م: (13) - 1356هـ - 1137م
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
فاتحة ثناء وابتهال
فاتحة ثناء وابتهال
حمدتك باللسان وبالجنان …*… وحمدك غرة النعم الحسان
وباسمك أبتدي وعليك أثني …*… بما أثنيت في السبع المثاني
بك استعصمت من فتن الأعادي …*… كما استحصنت من محن الزمان
على عملي استعنتك يا الاهي …*… وليس سواك لي من مستعان
فأنت موفقي للخير فضلا …*… وأنت معلمي قول البيان
فألهمني السداد ولا تزغني …*… وجنبني بليات اللسان
جعلت الشعر في الدنيا نجيي …*… فكان لخاطري كالترجمان
ولم أكفف عن استنهاض شعبي …*… به لأراه فى أعلى مكان
لذاك رجوت أن يبقى كذخر …*… لشعبي رافع للذكر باني
ويجلب لي رضاك وأنت أهل …*… لبذل رضاك لي دون امتحان
ويجلب لي رضى أزكى نبي …*… إلى مرضاتك المثلى دعاني
إذا روي القريض إليه أصغى …*… وردد منه حكمي المعاني
لقد أصغى إلى إنشاد (كعب) …*… ومن عليه بالبرد اليماني
كما أغرى به (حسان) حربا …*… فكان به المبرز في الطعان
فصل عليه أزكى ما تصلي …*… عليه وأدنه عن كل داني
وجاز الأهل والأصحاب عنا …*… بأوفى الأجر منك والامتنان
لقد نشروا هدى الإسلام قدما …*… بما بذلوه من روح التفاني
وأبقوه لنا أغلى تراث …*… له في العالمين أجل شان
إلاهي إننا بحماك لذنا …*… وعذنا من جناية كل جاني
لقد آتيتنا التحرير حكما …*… فألهمنا الحفاظ على الكيان
بدأنا الأمر باسمك واختتمنا …*… فجد بالعون واختم بالأمان
أدبيات وفلسفيات
الإهداء
إلى شعب الجزائر البطل الثائر
•---------------------------------•
تحرر من أمسه القاهر …*… وهب إلى غده الزاهر
حليف نضال حمى أرضه …*… وحررها بالدم الزاخر
وواصل ثوراته صامدا …*… ففاز بتحريره الباهر
هو الشعب فانزل على حكمه …*… وأذعن لاجماعه الباتر
اذ ما أصر على مطلب …*… فقل أبرمته يد القادر
لقد بذر الشعر فيه الفدى …*… وحسبك بالشعر من باذر
وما الشعر الا شعور سما …*… خيالا بإيحائه الساحر
يهز النفوس بتياره …*… فتسمو إلى الأوج كالطائر
وتسبح فى عالم شامخ …*… على الارض من إفكها طاهر
شغفت به منذ عهد الصبا …*… فأبت بعمر به عامر
أذبت عليه حشا مهجتي …*… وما كل من طرفي الساهر
وعرضت نفسي لأخطاره …*… بما ليس يعرض بالخاطر
وقفت على الشعب جهدي به …*… وكرست عمري إلى الآخر
فديوان شىعري بمرآته …*… جلا غابر الشعب للحاظر
كسانى (البشير) (1) برود المنى …*… بما صاغ من عقده الفاخر
تفيأ ظل الرضى آمنا …*… وباء بمغفرة الغافر
__________
(1) إشارة إلى الأستاذ الكبير الشيخ محمد البشير الإبراهيمي الذي يعود إليها الفضل في جمع جل قصائد هذا الديوان والتعليق على أحداثها ومناسباتها الوطنية.
ومن لم يكن للورى شاكرا …*… فما هو لله بالشاكر
أقدمه مشعلا ثاقبا …*… إلى شعبي البطل الثائر
ليسعى على ضوئه هادفا …*… إلى المجد فى ركبه السائر
هدية من بهوى شعبه …*… تتيم مذ فطرة الفاطر
تقرب للشعب زلفى بها …*… وحاشاه من وصمة الناكر
اذا ما جزاه بعرفانها …*… أصاب به بغية الشاعر
يا دار
قصيدة نظمها الشاعر حوالي سنة 1925م
•---------------------------------•
بيض وسود وأخيار وأشرار …*… كم تحتوين على الأضداد يا دار!
العرش والفرش والأحداث بينهما …*… خير وشر فإقلال وإكثار
والليل والصبح والإنسان عندهما …*… نعسان مستيقظ والماء والنار
والأنجم الزهر: هذا النجم مرتفع …*… زاهي الضياء وهذا النجم منهار
تبدو على الأفق أشتاتا ويجمعها …*… في سيرها فلك في الأفق دوار
قد قيل في كوكب المريخ أبنية …*… مشيدات وجنات وأنهار
وقيل في البحر آكام وأودية …*… كما على البر أنجاد وأغوار
أتى على الميز حين وهو منتشر …*… فاش إلى أن تأتت منه اضرار
كم ذا أرى المثل دون المثل محتفلا …*… به لتقضى به حاج وأوطار؟
إن كان للميز مقدار يحد به …*… فإن أحداثنا للميز مقدار
ما المسك والقار الا مائع لزج …*… أحوى فكيف تنافى المسك والقار؟!
وكيف صحت من الانسان تفرقة …*… بين الحصا واللئالي وهي أحجار؟!
يا دار هل فيك من هاد ليرشدني …*… فإنني مستريب فيك محتار
همي تقسم أشطارا ولن تجدى …*… من همه مثل همي فيك أشطار
يعروه خفض ورفع في تنقله …*… كأنه كلا يذروه إعصار
(أعمى المعرة) أهدى فيك تبصرة …*… لو لم تشط به في الدين أنظار
قد كان عنك مشيحا وجه همته …*… حرا وقدما تجافت عنك أخرار
كفته شهوة أكل اللحم أرغفة …*… بسيطة وكفته الستر أطمار
وعاش فيك حصورا غير متخذ …*… زوجا وبعض من الأزواج اصار
ولم يزل فيك للذات مجتنبا …*… حتى استوى منك إقبال وإدبار
مضى بمبدئه السامي الغريب ولم …*… يكن لمبدئه في الناس أنصار
وعنصر الناس فخار ألم به …*… كسر وما التام بعد الكسر فخار
ياكم أجاد هزار الصبح من نغم …*… ولم يصخ لهزار الصبح ديار
وواصل الحزن بوم الليل ملتزما …*… (غاقا) (1) فحفته أسماع وأبصار
وجار سوء ثوى أرضي فضايقني …*… فيها ومن دونه حجب وأستار!
فما وعى قط صوتي وهو مرتفع …*… وما رأى قط دمعي وهو مدرار
قلت له احفظ جواري وارع منزلتي …*… أولا فبارح دياري أيها الجار
وخل سوء توخاني لأخلفه …*… في ذبح شاء عجاف وهي إيثار
قال ابتدرها على اسم الله قلت له …*… دعني فما أنا يا ابن اللؤم جزار
ومسرف منكر للبعث قلت له …*… هيهات يجديك يوم البعث إنكار
أأنت تنكر حالا تستحيل إلى …*… حال وخلقك رأي العين أطوار
تبارك الله هذا الكون معترف …*… بأن صانعه رحمان قهار
قامت بحكمته الأرواح خاضعة …*… له فهل في ذوي الأرواح مختار؟
مات الأئمة أهل العلم- لا بليت …*… أوصالهم- ولهم في الكون آثار
هم خلفوا العلم تذكارا لأنفسهم …*… وما يؤثر في السالين تذكار
قد أفعموا الكتب أخبارا وما لبثوا …*… أن أصبحوا وهم في الكتب أخبار
__________
(1) (الغاق): موت الغراب.
أسطر الكون
هذه القصيدة من بواكير شعر الشاعر في شبابه، وهي تدل على ما ينطوي عليه ذلك الجسم الضئيل من مواهب كمينة تدرجت فيشعره، وتجلت في شعر الحكمة والمثل والنصيحة، وهي الأنواع التي بلغ فيها القمة.
•---------------------------------•
سئمت على شرخ الشباب حياتي …*… فحرت ولم أملك على ثباتي
أرى حظ أرذال النفوس مواتنا …*… وحظ كريم النفس غير مواتي
فأوجس في نفسي من الدهر خيفة …*… لعلمي بأن الدهر ذو غمرات
أرى الكون قرآنا من الله منزلا …*… على الروح والأحداث آي عظات
وأقرأ من آي الشقاوة أسطرا …*… على صفحات الكون مرتسمات
فسطر عياييل أمضهم الطوى …*… عراة على لفح الأثير حفاة
وسطر أيامى يصطرخن توجعا …*… من البؤس لا يفتأن مكتئبات
وسطر يتامى مرهقين تكبهم …*… على جرف البلوى يد العثرات
وسطر شيوخ كالأهلة شيب …*… وهل شيبهم إلا نذير وفاة
وسطر مشائيم غرار أذلة …*… يسامون بالارزاء والنكبات
وفوقهم سطر من الخلق كله …*… جناة لعمر الحق فوق جناة
جناة يرى الرائي من الليل مسحة …*… على سطرهم والظلم كالظلمات؟
فهل كان هذا الكون سيفا مشطبا …*… يمثل بالأرواح والمهجات؟
وهل كان هذا الكون سوطا مبرحا …*… يدع بني الإنسان بالسنوات؟
فمن ستة جاءت بكل ملمة …*… إلى سنة جاءت بكل آذاة
سئمت وإن كنت ابن عشرين حجة …*… حوادث لا تنفك مستعرات
اردد طرفي سابرا كنه غورها …*… فيرجع طرفي خاسئ النظرات
تبارك رب العرش لمست بملحد …*… أحاول طمس الحق بالشبهات
ولكن وجداني ينم بحسرة …*… إلى القلب أو يوحى له بشكاة
فيسكب من مزن الحقيقة سلسلا …*… وينبت في روض النهى زهرات
تفتح عن غض من الشعر محكم …*… طلي شهي شيق النسمات
تروح به الأيام شبه هواتف …*… تساجلن فوق الروض بالنغمات
كذللث كان الشعر آليات رقة …*… على صور الابداع منطويات
كلفت به طفلا فكنت أصوغه …*… سبائك تبر أفرغت بحصاة
وأنظمه سمطا نضيدا منسقا …*… بديع اللئالي محكم الخرزات
وقافية أمست تمثل يوسفا …*… بما فيه من يمن وحسن صفات
خلعت عليها من شعوري مطارفا …*… وكللتها ما شئت من خطراتي
وقوم رموها في غياهب جبهم …*… ويا كثر ما في الجب من حشرات
أذقتهم كأسامن السم علقما …*… وأوسعتهم طعنا بحد قناتي
وقلت لهم: من يعش عن نفع قومه …*… أقيض له جيشا من الكلمات
كذلك سفر الكون وعظ وحكمة …*… وزجر وتوبيخ وقرع بغاة
لو اتعظ القراء منه بختمة …*… لكانت عليهم أيمن الختمات
صدى الصحراء
من جريدة صدى الصحراء إلى الشعب الجزائري نشرت في العدد الأول من جريدة (صدى الصحراء) التي أصدرها السيد أحمد بن العابد العقبي سنة 1924 ونشرت في كتاب (شعراء الجزائر)
•---------------------------------•
صفا العيش لي وامتد ريف ظلالي …*… فما لتكاليف الزمان ومالي؟
صفا العيش لي وازدان روض مواهبي …*… وأينع فضلي واستبان كمالي
ولانت لي الأيام وهي عصية …*… فمالي لا أزهو بنضرة حالي
سلامة أذواق ويمن مطالب …*… وعزة أعراق وطيب خلال
وباقت نجوم الليل وهي طوالع …*… تزف لي البشرى بنيل سؤالي
وترنو إلى وجهي بإيماض نورها …*… فيبهجها مني بديع جمالي
وتوجني المقدور تاج كرامة …*… فأنحى على بؤسي وأسعد فالي
كتبت فكان الحق طوع أناملي …*… وقلت فكان الصدق وسع مقالي
وكنت (صدى الصحراء) أدعى لأنني …*… بسطت على الصحراء نور هلالي
وواليت بالإرشاد رفع عقيرتي …*… عسى أن يهب النائمون حيالي
عسى أن يهب النائمون فإنهم …*… يغطون من حقب مضين طوال
يخالون آيات الحضارة بينهم …*… عجائب غيب أو طيوف خيال
وتمضي الليالي السود تجهد سيرها …*… وهم بين مسلوب الشعور وسالي
وهم بين منهد العزيمة خائر …*… وآخر من كل المواهب خالي
أفيقوا فهذا الدين بين ربوعكم …*… تنازله الأحداث شر نزال
تحاول نكباء الضلالة نسفه …*… وترميه أشلاء الردى بنبال
فقوموا مقامات الدفاع حياله …*… ليأمن هذا الدين كل ضلال
ولا تهملوا أمر الحياة فإنها …*… حياة نشاط بل حياة جدال
فبينكم الغربي وهو أخو العلا …*… يجد لا دراك العلى ويوالي
طوى الأرض بالخط الحديدي وانبرى …*… يجول مع الأرياح كل مجال
وأبدع طيارا بدون محرك …*… فهل كان هذا يستقر ببال
وشبق عباب البحر والبحر مزبد …*… بغواصه ينساب غير مبالي
يغوص مع الحيتان في لج بحرها …*… فتحسبه الحيتان ضرب وبال
أجلوا رجال العلم بين وبوعكم …*… فقدرهم وافي الرجاحة عالي
ولا تقبلوا فيهم وشاية خائن …*… ونفثة مغتاب وبغضة قالي
فتلك عراقيل يعانون وعرها …*… على أنهم لا ينثنون بحال
ولا تغفلوا شأن الصغاو فإنهم …*… لمستقبل الأيام خير رجال
وأشبه شيء بالمرايا عقولهم …*… فصوغوا لها منكم أجل مثال
ابينوا لهم طيب الفعال ليقتدوا …*… بكم، فحياة الطفل طيب فعال
وهبوا إلى الاصلاح فالله كافل …*… لمن هب للاصلاح حسن مئال
هذه خطوة
ألقاها الشاعر في حفل التكريم الذي أقيم للأستاذ الهادي السنوسي بمناسبة طبع كتابه ((شعراء الجزائر في العصر الحاضر)) والقصيدة نشرت في الجزء الثاني من الكتاب.
•---------------------------------•
إرق بالشعر لا عدمت رقيا …*… قد عرفناك نابغا عبقريا
قد عرفناك نابغ الفكر حرا …*… نابه الذكر مخلصا وطنيا
قد عرفناك بالجزائر برا …*… يوم أحييت ذكرها الأدبيا
يوم أحييت شعرها بعد أن لم …*… يكن الشعر في الجزائر شيا
كان بالأمس مودع القبر ميتا …*… كيف أخرجته من القبر حيا؟!
إنها نهضة تحاكي ضبى الهند …*… مضاء وتشبه البرق طيا
أنشاطا أظهرت أم كهرباء …*… واعتزاما أشهرت أم سمهريا؟!
أنت هيئته كما شئت شعرا ماثل الروح قائما فتهيا
وتخيرته أغض من الروض …*… وأزكى من عارض المزن ريا
وتخيرته ألذ من الوصل …*… وأحلى من العناق شهيا
عجب القوم من صنيعك لما …*… جئتهم بالكتاب غضا طريا
جئتهم بالكتاب يحوي قريضا …*… محكم السبك متقنا عربيا
من معان مثل المرايا وضوحا …*… ومبان مثل الصبايا حليا
حيث لا يسمع الالباء إلا …*… منطقا صائبا ولحنا خفيا
وسطورا تمثل الحسن للرائي …*… فتحكى خيط الغزالة زيا
ورسوما تمثل الصدق والاخـ …*… ـلاص واليمن والرضى والرقيا
فقفوا خاضعي النفوس صموتا …*… عندها واضعي الرؤوس مليا
وخذوا في الرجاء حول حماها …*… أنه كان بالرجاء حريا
إن في تلكم الرسوم شبابا …*… ناهضا يمقت الهوان أبيا
لا خنوعا لغيره لا ذليلا …*… لا قنوعا بخيره لا دعيا
لا خمولا لا معرضا لا بخيلا …*… لا جهولا لا معرضا لا دنيا
أودع الله في الشباب قلوبا …*… ملئت حكمة وعزما قويا
ومضاء موكلا بالجديديـ …*… ـن وهما معلقا بالثريا
وشعورا مثل الأثير رقيقا …*… وطهورا مثل النمير زكيا
لا تقولوا غوى الشباب فإني …*… قد تخليته ملاكا رضيا
وتعالوا حيوا (السنوسي) ياقو …*… م فقد كان بالشباب حفيا
يا أسد الشباب رأيا صحيحا …*… يا أحد الشباب عقلا ذكيا
أنت أغريتني بحب حياة …*… كدت فيها أقلد المانويا (1)
أنت أطلقتني وما كنت رهنا …*… أنت أنطقتني وما كنت عيا
إنما لم أجد كمثلك يا خل …*… سميعاعف الضمير بريا
أرسل الشعر إن رضيت رضيا …*… وهو واع وإن شجيت شجيا
اعل دست الاداب يا بن علي …*… فهنيئا لك الرقي هنيا
هذه خطوة لك اليوم كبرى …*… فتقبل جزاءها الأبديا
__________
(1) المانوية: هم أصحب المذهب الفلسفي القائل: أن الخير كله من النور، والشر من الظلمة. وقد أشار لها أبو الطيب المتنبي في قوله:
وكم لظلام الليل عندك من يد …*… تخبر أن المانوية تكذب
حمدتك باللسان وبالجنان …*… وحمدك غرة النعم الحسان
وباسمك أبتدي وعليك أثني …*… بما أثنيت في السبع المثاني
بك استعصمت من فتن الأعادي …*… كما استحصنت من محن الزمان
على عملي استعنتك يا الاهي …*… وليس سواك لي من مستعان
فأنت موفقي للخير فضلا …*… وأنت معلمي قول البيان
فألهمني السداد ولا تزغني …*… وجنبني بليات اللسان
جعلت الشعر في الدنيا نجيي …*… فكان لخاطري كالترجمان
ولم أكفف عن استنهاض شعبي …*… به لأراه فى أعلى مكان
لذاك رجوت أن يبقى كذخر …*… لشعبي رافع للذكر باني
ويجلب لي رضاك وأنت أهل …*… لبذل رضاك لي دون امتحان
ويجلب لي رضى أزكى نبي …*… إلى مرضاتك المثلى دعاني
إذا روي القريض إليه أصغى …*… وردد منه حكمي المعاني
لقد أصغى إلى إنشاد (كعب) …*… ومن عليه بالبرد اليماني
كما أغرى به (حسان) حربا …*… فكان به المبرز في الطعان
فصل عليه أزكى ما تصلي …*… عليه وأدنه عن كل داني
وجاز الأهل والأصحاب عنا …*… بأوفى الأجر منك والامتنان
لقد نشروا هدى الإسلام قدما …*… بما بذلوه من روح التفاني
وأبقوه لنا أغلى تراث …*… له في العالمين أجل شان
إلاهي إننا بحماك لذنا …*… وعذنا من جناية كل جاني
لقد آتيتنا التحرير حكما …*… فألهمنا الحفاظ على الكيان
بدأنا الأمر باسمك واختتمنا …*… فجد بالعون واختم بالأمان
أدبيات وفلسفيات
الإهداء
إلى شعب الجزائر البطل الثائر
•---------------------------------•
تحرر من أمسه القاهر …*… وهب إلى غده الزاهر
حليف نضال حمى أرضه …*… وحررها بالدم الزاخر
وواصل ثوراته صامدا …*… ففاز بتحريره الباهر
هو الشعب فانزل على حكمه …*… وأذعن لاجماعه الباتر
اذ ما أصر على مطلب …*… فقل أبرمته يد القادر
لقد بذر الشعر فيه الفدى …*… وحسبك بالشعر من باذر
وما الشعر الا شعور سما …*… خيالا بإيحائه الساحر
يهز النفوس بتياره …*… فتسمو إلى الأوج كالطائر
وتسبح فى عالم شامخ …*… على الارض من إفكها طاهر
شغفت به منذ عهد الصبا …*… فأبت بعمر به عامر
أذبت عليه حشا مهجتي …*… وما كل من طرفي الساهر
وعرضت نفسي لأخطاره …*… بما ليس يعرض بالخاطر
وقفت على الشعب جهدي به …*… وكرست عمري إلى الآخر
فديوان شىعري بمرآته …*… جلا غابر الشعب للحاظر
كسانى (البشير) (1) برود المنى …*… بما صاغ من عقده الفاخر
تفيأ ظل الرضى آمنا …*… وباء بمغفرة الغافر
__________
(1) إشارة إلى الأستاذ الكبير الشيخ محمد البشير الإبراهيمي الذي يعود إليها الفضل في جمع جل قصائد هذا الديوان والتعليق على أحداثها ومناسباتها الوطنية.
ومن لم يكن للورى شاكرا …*… فما هو لله بالشاكر
أقدمه مشعلا ثاقبا …*… إلى شعبي البطل الثائر
ليسعى على ضوئه هادفا …*… إلى المجد فى ركبه السائر
هدية من بهوى شعبه …*… تتيم مذ فطرة الفاطر
تقرب للشعب زلفى بها …*… وحاشاه من وصمة الناكر
اذا ما جزاه بعرفانها …*… أصاب به بغية الشاعر
يا دار
قصيدة نظمها الشاعر حوالي سنة 1925م
•---------------------------------•
بيض وسود وأخيار وأشرار …*… كم تحتوين على الأضداد يا دار!
العرش والفرش والأحداث بينهما …*… خير وشر فإقلال وإكثار
والليل والصبح والإنسان عندهما …*… نعسان مستيقظ والماء والنار
والأنجم الزهر: هذا النجم مرتفع …*… زاهي الضياء وهذا النجم منهار
تبدو على الأفق أشتاتا ويجمعها …*… في سيرها فلك في الأفق دوار
قد قيل في كوكب المريخ أبنية …*… مشيدات وجنات وأنهار
وقيل في البحر آكام وأودية …*… كما على البر أنجاد وأغوار
أتى على الميز حين وهو منتشر …*… فاش إلى أن تأتت منه اضرار
كم ذا أرى المثل دون المثل محتفلا …*… به لتقضى به حاج وأوطار؟
إن كان للميز مقدار يحد به …*… فإن أحداثنا للميز مقدار
ما المسك والقار الا مائع لزج …*… أحوى فكيف تنافى المسك والقار؟!
وكيف صحت من الانسان تفرقة …*… بين الحصا واللئالي وهي أحجار؟!
يا دار هل فيك من هاد ليرشدني …*… فإنني مستريب فيك محتار
همي تقسم أشطارا ولن تجدى …*… من همه مثل همي فيك أشطار
يعروه خفض ورفع في تنقله …*… كأنه كلا يذروه إعصار
(أعمى المعرة) أهدى فيك تبصرة …*… لو لم تشط به في الدين أنظار
قد كان عنك مشيحا وجه همته …*… حرا وقدما تجافت عنك أخرار
كفته شهوة أكل اللحم أرغفة …*… بسيطة وكفته الستر أطمار
وعاش فيك حصورا غير متخذ …*… زوجا وبعض من الأزواج اصار
ولم يزل فيك للذات مجتنبا …*… حتى استوى منك إقبال وإدبار
مضى بمبدئه السامي الغريب ولم …*… يكن لمبدئه في الناس أنصار
وعنصر الناس فخار ألم به …*… كسر وما التام بعد الكسر فخار
ياكم أجاد هزار الصبح من نغم …*… ولم يصخ لهزار الصبح ديار
وواصل الحزن بوم الليل ملتزما …*… (غاقا) (1) فحفته أسماع وأبصار
وجار سوء ثوى أرضي فضايقني …*… فيها ومن دونه حجب وأستار!
فما وعى قط صوتي وهو مرتفع …*… وما رأى قط دمعي وهو مدرار
قلت له احفظ جواري وارع منزلتي …*… أولا فبارح دياري أيها الجار
وخل سوء توخاني لأخلفه …*… في ذبح شاء عجاف وهي إيثار
قال ابتدرها على اسم الله قلت له …*… دعني فما أنا يا ابن اللؤم جزار
ومسرف منكر للبعث قلت له …*… هيهات يجديك يوم البعث إنكار
أأنت تنكر حالا تستحيل إلى …*… حال وخلقك رأي العين أطوار
تبارك الله هذا الكون معترف …*… بأن صانعه رحمان قهار
قامت بحكمته الأرواح خاضعة …*… له فهل في ذوي الأرواح مختار؟
مات الأئمة أهل العلم- لا بليت …*… أوصالهم- ولهم في الكون آثار
هم خلفوا العلم تذكارا لأنفسهم …*… وما يؤثر في السالين تذكار
قد أفعموا الكتب أخبارا وما لبثوا …*… أن أصبحوا وهم في الكتب أخبار
__________
(1) (الغاق): موت الغراب.
أسطر الكون
هذه القصيدة من بواكير شعر الشاعر في شبابه، وهي تدل على ما ينطوي عليه ذلك الجسم الضئيل من مواهب كمينة تدرجت فيشعره، وتجلت في شعر الحكمة والمثل والنصيحة، وهي الأنواع التي بلغ فيها القمة.
•---------------------------------•
سئمت على شرخ الشباب حياتي …*… فحرت ولم أملك على ثباتي
أرى حظ أرذال النفوس مواتنا …*… وحظ كريم النفس غير مواتي
فأوجس في نفسي من الدهر خيفة …*… لعلمي بأن الدهر ذو غمرات
أرى الكون قرآنا من الله منزلا …*… على الروح والأحداث آي عظات
وأقرأ من آي الشقاوة أسطرا …*… على صفحات الكون مرتسمات
فسطر عياييل أمضهم الطوى …*… عراة على لفح الأثير حفاة
وسطر أيامى يصطرخن توجعا …*… من البؤس لا يفتأن مكتئبات
وسطر يتامى مرهقين تكبهم …*… على جرف البلوى يد العثرات
وسطر شيوخ كالأهلة شيب …*… وهل شيبهم إلا نذير وفاة
وسطر مشائيم غرار أذلة …*… يسامون بالارزاء والنكبات
وفوقهم سطر من الخلق كله …*… جناة لعمر الحق فوق جناة
جناة يرى الرائي من الليل مسحة …*… على سطرهم والظلم كالظلمات؟
فهل كان هذا الكون سيفا مشطبا …*… يمثل بالأرواح والمهجات؟
وهل كان هذا الكون سوطا مبرحا …*… يدع بني الإنسان بالسنوات؟
فمن ستة جاءت بكل ملمة …*… إلى سنة جاءت بكل آذاة
سئمت وإن كنت ابن عشرين حجة …*… حوادث لا تنفك مستعرات
اردد طرفي سابرا كنه غورها …*… فيرجع طرفي خاسئ النظرات
تبارك رب العرش لمست بملحد …*… أحاول طمس الحق بالشبهات
ولكن وجداني ينم بحسرة …*… إلى القلب أو يوحى له بشكاة
فيسكب من مزن الحقيقة سلسلا …*… وينبت في روض النهى زهرات
تفتح عن غض من الشعر محكم …*… طلي شهي شيق النسمات
تروح به الأيام شبه هواتف …*… تساجلن فوق الروض بالنغمات
كذللث كان الشعر آليات رقة …*… على صور الابداع منطويات
كلفت به طفلا فكنت أصوغه …*… سبائك تبر أفرغت بحصاة
وأنظمه سمطا نضيدا منسقا …*… بديع اللئالي محكم الخرزات
وقافية أمست تمثل يوسفا …*… بما فيه من يمن وحسن صفات
خلعت عليها من شعوري مطارفا …*… وكللتها ما شئت من خطراتي
وقوم رموها في غياهب جبهم …*… ويا كثر ما في الجب من حشرات
أذقتهم كأسامن السم علقما …*… وأوسعتهم طعنا بحد قناتي
وقلت لهم: من يعش عن نفع قومه …*… أقيض له جيشا من الكلمات
كذلك سفر الكون وعظ وحكمة …*… وزجر وتوبيخ وقرع بغاة
لو اتعظ القراء منه بختمة …*… لكانت عليهم أيمن الختمات
صدى الصحراء
من جريدة صدى الصحراء إلى الشعب الجزائري نشرت في العدد الأول من جريدة (صدى الصحراء) التي أصدرها السيد أحمد بن العابد العقبي سنة 1924 ونشرت في كتاب (شعراء الجزائر)
•---------------------------------•
صفا العيش لي وامتد ريف ظلالي …*… فما لتكاليف الزمان ومالي؟
صفا العيش لي وازدان روض مواهبي …*… وأينع فضلي واستبان كمالي
ولانت لي الأيام وهي عصية …*… فمالي لا أزهو بنضرة حالي
سلامة أذواق ويمن مطالب …*… وعزة أعراق وطيب خلال
وباقت نجوم الليل وهي طوالع …*… تزف لي البشرى بنيل سؤالي
وترنو إلى وجهي بإيماض نورها …*… فيبهجها مني بديع جمالي
وتوجني المقدور تاج كرامة …*… فأنحى على بؤسي وأسعد فالي
كتبت فكان الحق طوع أناملي …*… وقلت فكان الصدق وسع مقالي
وكنت (صدى الصحراء) أدعى لأنني …*… بسطت على الصحراء نور هلالي
وواليت بالإرشاد رفع عقيرتي …*… عسى أن يهب النائمون حيالي
عسى أن يهب النائمون فإنهم …*… يغطون من حقب مضين طوال
يخالون آيات الحضارة بينهم …*… عجائب غيب أو طيوف خيال
وتمضي الليالي السود تجهد سيرها …*… وهم بين مسلوب الشعور وسالي
وهم بين منهد العزيمة خائر …*… وآخر من كل المواهب خالي
أفيقوا فهذا الدين بين ربوعكم …*… تنازله الأحداث شر نزال
تحاول نكباء الضلالة نسفه …*… وترميه أشلاء الردى بنبال
فقوموا مقامات الدفاع حياله …*… ليأمن هذا الدين كل ضلال
ولا تهملوا أمر الحياة فإنها …*… حياة نشاط بل حياة جدال
فبينكم الغربي وهو أخو العلا …*… يجد لا دراك العلى ويوالي
طوى الأرض بالخط الحديدي وانبرى …*… يجول مع الأرياح كل مجال
وأبدع طيارا بدون محرك …*… فهل كان هذا يستقر ببال
وشبق عباب البحر والبحر مزبد …*… بغواصه ينساب غير مبالي
يغوص مع الحيتان في لج بحرها …*… فتحسبه الحيتان ضرب وبال
أجلوا رجال العلم بين وبوعكم …*… فقدرهم وافي الرجاحة عالي
ولا تقبلوا فيهم وشاية خائن …*… ونفثة مغتاب وبغضة قالي
فتلك عراقيل يعانون وعرها …*… على أنهم لا ينثنون بحال
ولا تغفلوا شأن الصغاو فإنهم …*… لمستقبل الأيام خير رجال
وأشبه شيء بالمرايا عقولهم …*… فصوغوا لها منكم أجل مثال
ابينوا لهم طيب الفعال ليقتدوا …*… بكم، فحياة الطفل طيب فعال
وهبوا إلى الاصلاح فالله كافل …*… لمن هب للاصلاح حسن مئال
هذه خطوة
ألقاها الشاعر في حفل التكريم الذي أقيم للأستاذ الهادي السنوسي بمناسبة طبع كتابه ((شعراء الجزائر في العصر الحاضر)) والقصيدة نشرت في الجزء الثاني من الكتاب.
•---------------------------------•
إرق بالشعر لا عدمت رقيا …*… قد عرفناك نابغا عبقريا
قد عرفناك نابغ الفكر حرا …*… نابه الذكر مخلصا وطنيا
قد عرفناك بالجزائر برا …*… يوم أحييت ذكرها الأدبيا
يوم أحييت شعرها بعد أن لم …*… يكن الشعر في الجزائر شيا
كان بالأمس مودع القبر ميتا …*… كيف أخرجته من القبر حيا؟!
إنها نهضة تحاكي ضبى الهند …*… مضاء وتشبه البرق طيا
أنشاطا أظهرت أم كهرباء …*… واعتزاما أشهرت أم سمهريا؟!
أنت هيئته كما شئت شعرا ماثل الروح قائما فتهيا
وتخيرته أغض من الروض …*… وأزكى من عارض المزن ريا
وتخيرته ألذ من الوصل …*… وأحلى من العناق شهيا
عجب القوم من صنيعك لما …*… جئتهم بالكتاب غضا طريا
جئتهم بالكتاب يحوي قريضا …*… محكم السبك متقنا عربيا
من معان مثل المرايا وضوحا …*… ومبان مثل الصبايا حليا
حيث لا يسمع الالباء إلا …*… منطقا صائبا ولحنا خفيا
وسطورا تمثل الحسن للرائي …*… فتحكى خيط الغزالة زيا
ورسوما تمثل الصدق والاخـ …*… ـلاص واليمن والرضى والرقيا
فقفوا خاضعي النفوس صموتا …*… عندها واضعي الرؤوس مليا
وخذوا في الرجاء حول حماها …*… أنه كان بالرجاء حريا
إن في تلكم الرسوم شبابا …*… ناهضا يمقت الهوان أبيا
لا خنوعا لغيره لا ذليلا …*… لا قنوعا بخيره لا دعيا
لا خمولا لا معرضا لا بخيلا …*… لا جهولا لا معرضا لا دنيا
أودع الله في الشباب قلوبا …*… ملئت حكمة وعزما قويا
ومضاء موكلا بالجديديـ …*… ـن وهما معلقا بالثريا
وشعورا مثل الأثير رقيقا …*… وطهورا مثل النمير زكيا
لا تقولوا غوى الشباب فإني …*… قد تخليته ملاكا رضيا
وتعالوا حيوا (السنوسي) ياقو …*… م فقد كان بالشباب حفيا
يا أسد الشباب رأيا صحيحا …*… يا أحد الشباب عقلا ذكيا
أنت أغريتني بحب حياة …*… كدت فيها أقلد المانويا (1)
أنت أطلقتني وما كنت رهنا …*… أنت أنطقتني وما كنت عيا
إنما لم أجد كمثلك يا خل …*… سميعاعف الضمير بريا
أرسل الشعر إن رضيت رضيا …*… وهو واع وإن شجيت شجيا
اعل دست الاداب يا بن علي …*… فهنيئا لك الرقي هنيا
هذه خطوة لك اليوم كبرى …*… فتقبل جزاءها الأبديا
__________
(1) المانوية: هم أصحب المذهب الفلسفي القائل: أن الخير كله من النور، والشر من الظلمة. وقد أشار لها أبو الطيب المتنبي في قوله:
وكم لظلام الليل عندك من يد …*… تخبر أن المانوية تكذب
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
وقفة على بحر الجزائر
وقفة على بحر الجزائر
(1) نشرت في الجزء التاسع من الشهاب عام 1930م
•---------------------------------•
وقفت على بحر الجزائر ليلة …*… وناجيته لو كان يسمعني البحر
فقلت له: يا بحرمالك هائجا …*… على البر مغتاظا ولم يذنب البر
وما لك لا تألوه دفعا وضجة …*… وصفعا بأيدي الموج رق له الصخر
لعلك مغتاظ عليه لأنه …*… كثير الرضا في النائبات له صبر
تقول: لماذا يمكث البر حاملا …*… عليه هنات لا ينهنهها زجر
تروح عليه الشائنات وتغتدى …*… تباعا ولا نهي عليه ولا أمر
وتفشو من العاثين في جنباته …*… أمور لها وجه الشريعة يحمر
ويذهب سعي الناس فيه مذاهبا …*… لكل ابن أنثى منهم فوقه أمر
كسرب من الأغنام أخطأت الحمى …*… فضلت سواء القصد والجو مغبر
ويأتون أفعالا عليه ذميمة …*… مخالفة، في فعلها يعظم الوزر
كتجرهم بالغش والكذب والربا …*… وما كان مسموحا بها لهم التجر
وزرعهم للتبغ وهو لهم أذى …*… وعصرهم للكرم وهو لهم خمر
فيوسعهم في كل ذلك بسطة …*… وتشملهم منه الكرامة والبر
وأعجب من هذا وذلك أنه …*… لأحيائهم مهد وأمواتهم قبر
رويدك قد أنديت يا بحر وجهه …*… بتقريعه فارفق به ولك الشكر
كأني (برأس المول) (1) جاءك باسطا …*… له العذر لو يفضى إلى سمعك العذر
يناديك كن يا بحر بالبر مشفقا …*… رحيما لعل البر بالخلق مغتر
__________
(1) رأس المول: جسر على البحر يحيط بالميناء في العاصمة. وفيه توجد ثكنة ضباط البحرية، وعليه أجهزة الرصد وقلاع المراسة.
عساه رأى خيرا لهم فأقلهم …*… لذاك، وأي الخير فارقه الشر
فقد صح أن الخير ما زال جاريا …*… على أرضه منهم ولو أنه نزر
وقامت عليه اليوم للعلم دعوة …*… تطوف بها للنشر طائفة غر
تسير على القرآن فهو لها هدى …*… وتعتز بالإيمان فهو لها ذخر
على أن هذا البر ما كان ساكنا …*… لما فيه من نكر وإن عمه النكر
فكم ثار بركان وخرت بناية وأطبق زلزال به وطغى نهر
نداء احتجاج منه للخلق بالغ …*… يعاد على الاستماع لكن بها وقر
ومنذر سوء بالحقيقة صادع …*… ينادى على الإنسان قد غلب الخسر
حوادث تستدعى من الفكر لفتة …*… إليها فيستعصى لدعوتها الفكر
ويخبط في بحر من الوهم تائها …*… يغوص، وبحر الوهم ليس له قعر
فيمكث بين البؤس واليأس حائرا …*… كمستعصم بالسحر قد خانه السحر
ومستنكر نطق الجمادات قال لي …*… رويت حديثا لم يعد مثله الدهر
يخالف إجماع الورى ولعله …*… إليك من العقل الخيالي منجر
فما حركات البر ألا تصادم …*… بماء ونار منهما البرد والحر
وما حركات البحر ألا تماوج …*… على سطحه يقضى به المد والجزر
فصدقته فيها وقلت له اخترق …*… ظواهرها بالرأي يظهر لك السر
وأرع لسان الحال سمعك منصتا …*… فإن لسان الحال يعوزه الجهر
هناك ترى ما لم تكن قبل رائيا …*… وتسمع ما للعقل في ذكره ذكر
بواهر آيات من الغيب فصلت …*… على الكون لم يجمع حقائقها سفر
مجددة بالكون في كل لحظة …*… فماذا عسى تحصى اليراعة والحبر
تعاصى على الأفواه نشر عظاتها …*… على أمم الدنيا فمنها لها النشر
برئت من الإيغال في العد راجعا …*… إلى الله مشدوها يحيط بي الذعر
ألا إن هذا الكون أصدق شاهد …*… بأن كمال الله ليس له حصر
بين الشك والتشكي
نشرت بمجلة (الشهاب) ج: 8 و 9 - غرة ربيع الأول 1352هـ جوليت 1933م
•---------------------------------•
هل للحقائق في الحياة وجود …*… كادت على عقلي الشكوك تسود
ما في الحياة حقيقة محدودة …*… إلا اصطلاحات بها وقيود
تدعو إلى العرفان وهي جهالة …*… وتشيد بالإيمان وهي جحود
مثل الدفوف على المسامع رنة …*… خلابة، وعلى الأكف جلود
أو كلما أو شكت أجلو مبحثا …*… ضربت عليه من الشكوك سدود
لا ريب سر الكون وهو لطيفة …*… لا يحتويه اللفظ وهو جمود
دنيا على الأعمى التوت أوعارها …*… من يرشد الأعمى بها ويقود؟
ظلمات أمك يا جنين كثيفة …*… شتى وأمك يا جنين ولود
صبرا على ليل الحياة وطوله …*… حتى يشق من الصباح عمود
من مات لا ريب استهل فلا تخف …*… الموت دنيا واللحود مهود
يا موت خولت ابن آدم راحة …*… ما بعد جودك لابن آدم جود
في القبر نزل طيب وكرامة …*… كبرى وظل وارف ممدود
والناس أطهر في القبورجبلة …*… ولو انهم رمم هناك ودود
كم قدروا فوق التراب خلودهم …*… طمعا وما فوق التراب خلود
ملكاتهم هلكاتهتم. وهباتهم …*… هباتهم بالعقل وهو مؤود
ضاق الرعاة السائسون بعقل من …*… في طبعه مثل البعير ندود
لا تعث ويحك يا ابن آدم مفسدا …*… إن الحياة محارم وحدود
تدرى إلى من أنت فيها كادح؟ …*… أم أنت فيها للإله كنود؟
السعي أروى للنفوس، فقل لمن …*… ورد المنى أعلى السراب ورود؟
والسعي شتى فالعباد جهودهم …*… كجلودهم بيض تبين وسود
ويحي على قلبي دهته قوارع …*… وعدته دنيا نضرة وسعود
لا تركنن إلى السعود فطبعها …*… كالغانيات تبرم وصدود
كم فاقد فردوسه متحسر …*… وشبابه فردوسه المفقود
ذوت الخمائل من صباه وصوحت …*… لم ينج من تلك الخمائل عود
يا دهر عاجلت الصبا بالقطف لم …*… يزهر، ولم يثمر به عنقود
لا تنكر الدعوى علي معارضا …*… رأسي عليك وعارضاي شهود
فكأن هذا الهم منك جهنم …*… وكأن هذا الشيب منك وقود
أسفى على مسعاي في ظل الصبا …*… أيام لم تنهك قواي جهود
أيام أرتشف المنى معسولة …*… وأميس في الرغبات وهي برود
الحظ واف والغريزة خصبة …*… والعيش صاف والزمان ودود
فعليك يا عهد الشباب تحية …*… فيحاء ما تلت العهود عهود
في الكأس فضل منك فيه لذاذة …*… وتعلة ما زلت عنه أذود
ما كنت أوثر أن أذود يد الأذى …*… لولا مطامح للعلا وقصود
وأمانة لله قمت بحملها …*… جسمي بها متحطم مهدود
وأثارة عظمى وكنز خالد …*… ومحلة غيداء حين أرود
وطني الذي هموا به ودليله …*… كدليل يوسف ثوبه المقدود
لا يأمنوا صب العذاب عليهمو …*… فرعون أعتى منهم وثمود
آليت ما للحادثات مبارز …*… إلا على أعقابه مردود
يا قلب مالك لا تعتم خافقا …*… يا طرف مالك بالدموع تجود
الله أوفى الواعدين وكم خلت …*… منه بنصر الصابرين وعود
فلعل أيام المشائم تنتهي …*… ولعل أيام السعود تعود
الصحو
(انقطعت الثلوج على عاصمة الجزائر برهة من الزمن، ثم هطلت بغزارة حتى غطت المنازل والشوارع. فلما بدأت هذه العاصفة تنقشع، حرك منظرها شاعرنا محمد العيد، فسجل إحساسه في هذه القطعة).
وقد نشرت في مجلة (الشهاب) سنة 1935م
•---------------------------------•
أصح قلبا فوجدك اليوم حمق …*… إن وجه الطبيعة اليوم طلق
زانت الجونة السماء فزالت …*… ظلمات بها ورعد وبرق
وبدا النور من وراء الغيابات …*… فما في خلالها اليوم ودق
وبدا البحر ساكنا غير موجات …*… علتها طير أبابيل بهق
وأرى الثلج ذاب إلا بقيا …*… ت بها الدور توجت فهي بلق
خالعات على الربى حللا بيـ …*… ـضا بدت تحتها غلائل زرق
وإذا الأرض كالسماء رواء …*… ليس بين السماء والأرض فرق
فكأن الثلوج في الأرض غيم …*… وكأن الرياض في الأرض أفق
هكذا كان أول الصحو رسم اللـ …*… ـه، في لونه جمال وعمق
هام طرفي به وأسلم قلبي …*… مذعنا أن قدرة الله حق
لوح الخيال
قصيدة في وصف السينما الناطقة بالعربية، نظمها الشاعر بعد مشاهدته لفيلم (أنشودة الفؤاد).
وقد نشرت بمجلة الشهاب ج: (7) م. ( في ربيع الأول. 1350هـ جويلية 1932م
•---------------------------------•
أنت دنيا ما أنت لوح خيال …*… ما على العلم غاية بمحال
أنت دنيا عريضة من بلاد …*… وعباد وأبحر وجبال
بين حالي سعادة وشقاء …*… وزماني وداعة وقتال
في ملاهيك جد للعين والأذ …*… ن ضروب من الرؤى والأمالي
آن للذوق منك والشم واللـ …*… ـمس نوال فجد لها بالنوال
ليس بدعا أن يحدث العلم فيها …*… بك إلمامة وبعض اتصال
جمع الجيل فيك والجيل حتى …*… صرت يا لوح مجمع الأجيال
صور من ممالك قائمات …*… وتقاليد من هدى وضلال
فكأني أرى القيامة قامت …*… وأرى الخلق مهطعين حيالي
فكأني أرى شريطك عرضا …*… فيه فضت صحائف الأعمال
عظ به يا جماد من كان حيا …*… فمقال الجماد فصل المقال
هون الموت عالم لك فيه …*… كل حي مخلد بمثال
والتقى حاضر الزمان بماضيه …*… كأن لم يكن به من زوال
ووعى الناس ألسنا مند شتى …*… في مغاز علمية ذات بال
وتجلت فصحى اللغات كشمس …*… فخبا كل كوكب متلالي
زانك الضاد من لسان بديع …*… أيها الفيلم البديع الجمال
فهو وحي إلى شهودك يوحى …*… من سماء الحجى وعرش الجلال
وبدا الشرق فيك للغرب مرعى …*… للحضارات مخصبا بالرجال
حي قوما أبوا سوى الكشف عما …*… أودع الشرق من عظات غوالي
ناولونا من الكنانة سهما …*… ومعينا من نيلها السيال
تلد مصر مثوى الفراعين في الما …*… ضي ومأوى بنيهم في الحال
ضل "أنشودة الفؤاد" فؤاد …*… لم يصلها بعطفه المتوالي
نسم من جوانب النيل أفشى …*… نغم النيل تحت جنح الليالي
نم عن مائه النمير وعما …*… حوله من ماثر وخلال
عرف الشرق مشرقا من قديم …*… وجديد على الفلا والتلال
وكأني به أطل على الغر …*… ب مع الشمس ضاحكا عن لآلي
وكأني بالغرب أذعن للشر …*… ق اعترافا بما له من كمال
(1) نشرت في الجزء التاسع من الشهاب عام 1930م
•---------------------------------•
وقفت على بحر الجزائر ليلة …*… وناجيته لو كان يسمعني البحر
فقلت له: يا بحرمالك هائجا …*… على البر مغتاظا ولم يذنب البر
وما لك لا تألوه دفعا وضجة …*… وصفعا بأيدي الموج رق له الصخر
لعلك مغتاظ عليه لأنه …*… كثير الرضا في النائبات له صبر
تقول: لماذا يمكث البر حاملا …*… عليه هنات لا ينهنهها زجر
تروح عليه الشائنات وتغتدى …*… تباعا ولا نهي عليه ولا أمر
وتفشو من العاثين في جنباته …*… أمور لها وجه الشريعة يحمر
ويذهب سعي الناس فيه مذاهبا …*… لكل ابن أنثى منهم فوقه أمر
كسرب من الأغنام أخطأت الحمى …*… فضلت سواء القصد والجو مغبر
ويأتون أفعالا عليه ذميمة …*… مخالفة، في فعلها يعظم الوزر
كتجرهم بالغش والكذب والربا …*… وما كان مسموحا بها لهم التجر
وزرعهم للتبغ وهو لهم أذى …*… وعصرهم للكرم وهو لهم خمر
فيوسعهم في كل ذلك بسطة …*… وتشملهم منه الكرامة والبر
وأعجب من هذا وذلك أنه …*… لأحيائهم مهد وأمواتهم قبر
رويدك قد أنديت يا بحر وجهه …*… بتقريعه فارفق به ولك الشكر
كأني (برأس المول) (1) جاءك باسطا …*… له العذر لو يفضى إلى سمعك العذر
يناديك كن يا بحر بالبر مشفقا …*… رحيما لعل البر بالخلق مغتر
__________
(1) رأس المول: جسر على البحر يحيط بالميناء في العاصمة. وفيه توجد ثكنة ضباط البحرية، وعليه أجهزة الرصد وقلاع المراسة.
عساه رأى خيرا لهم فأقلهم …*… لذاك، وأي الخير فارقه الشر
فقد صح أن الخير ما زال جاريا …*… على أرضه منهم ولو أنه نزر
وقامت عليه اليوم للعلم دعوة …*… تطوف بها للنشر طائفة غر
تسير على القرآن فهو لها هدى …*… وتعتز بالإيمان فهو لها ذخر
على أن هذا البر ما كان ساكنا …*… لما فيه من نكر وإن عمه النكر
فكم ثار بركان وخرت بناية وأطبق زلزال به وطغى نهر
نداء احتجاج منه للخلق بالغ …*… يعاد على الاستماع لكن بها وقر
ومنذر سوء بالحقيقة صادع …*… ينادى على الإنسان قد غلب الخسر
حوادث تستدعى من الفكر لفتة …*… إليها فيستعصى لدعوتها الفكر
ويخبط في بحر من الوهم تائها …*… يغوص، وبحر الوهم ليس له قعر
فيمكث بين البؤس واليأس حائرا …*… كمستعصم بالسحر قد خانه السحر
ومستنكر نطق الجمادات قال لي …*… رويت حديثا لم يعد مثله الدهر
يخالف إجماع الورى ولعله …*… إليك من العقل الخيالي منجر
فما حركات البر ألا تصادم …*… بماء ونار منهما البرد والحر
وما حركات البحر ألا تماوج …*… على سطحه يقضى به المد والجزر
فصدقته فيها وقلت له اخترق …*… ظواهرها بالرأي يظهر لك السر
وأرع لسان الحال سمعك منصتا …*… فإن لسان الحال يعوزه الجهر
هناك ترى ما لم تكن قبل رائيا …*… وتسمع ما للعقل في ذكره ذكر
بواهر آيات من الغيب فصلت …*… على الكون لم يجمع حقائقها سفر
مجددة بالكون في كل لحظة …*… فماذا عسى تحصى اليراعة والحبر
تعاصى على الأفواه نشر عظاتها …*… على أمم الدنيا فمنها لها النشر
برئت من الإيغال في العد راجعا …*… إلى الله مشدوها يحيط بي الذعر
ألا إن هذا الكون أصدق شاهد …*… بأن كمال الله ليس له حصر
بين الشك والتشكي
نشرت بمجلة (الشهاب) ج: 8 و 9 - غرة ربيع الأول 1352هـ جوليت 1933م
•---------------------------------•
هل للحقائق في الحياة وجود …*… كادت على عقلي الشكوك تسود
ما في الحياة حقيقة محدودة …*… إلا اصطلاحات بها وقيود
تدعو إلى العرفان وهي جهالة …*… وتشيد بالإيمان وهي جحود
مثل الدفوف على المسامع رنة …*… خلابة، وعلى الأكف جلود
أو كلما أو شكت أجلو مبحثا …*… ضربت عليه من الشكوك سدود
لا ريب سر الكون وهو لطيفة …*… لا يحتويه اللفظ وهو جمود
دنيا على الأعمى التوت أوعارها …*… من يرشد الأعمى بها ويقود؟
ظلمات أمك يا جنين كثيفة …*… شتى وأمك يا جنين ولود
صبرا على ليل الحياة وطوله …*… حتى يشق من الصباح عمود
من مات لا ريب استهل فلا تخف …*… الموت دنيا واللحود مهود
يا موت خولت ابن آدم راحة …*… ما بعد جودك لابن آدم جود
في القبر نزل طيب وكرامة …*… كبرى وظل وارف ممدود
والناس أطهر في القبورجبلة …*… ولو انهم رمم هناك ودود
كم قدروا فوق التراب خلودهم …*… طمعا وما فوق التراب خلود
ملكاتهم هلكاتهتم. وهباتهم …*… هباتهم بالعقل وهو مؤود
ضاق الرعاة السائسون بعقل من …*… في طبعه مثل البعير ندود
لا تعث ويحك يا ابن آدم مفسدا …*… إن الحياة محارم وحدود
تدرى إلى من أنت فيها كادح؟ …*… أم أنت فيها للإله كنود؟
السعي أروى للنفوس، فقل لمن …*… ورد المنى أعلى السراب ورود؟
والسعي شتى فالعباد جهودهم …*… كجلودهم بيض تبين وسود
ويحي على قلبي دهته قوارع …*… وعدته دنيا نضرة وسعود
لا تركنن إلى السعود فطبعها …*… كالغانيات تبرم وصدود
كم فاقد فردوسه متحسر …*… وشبابه فردوسه المفقود
ذوت الخمائل من صباه وصوحت …*… لم ينج من تلك الخمائل عود
يا دهر عاجلت الصبا بالقطف لم …*… يزهر، ولم يثمر به عنقود
لا تنكر الدعوى علي معارضا …*… رأسي عليك وعارضاي شهود
فكأن هذا الهم منك جهنم …*… وكأن هذا الشيب منك وقود
أسفى على مسعاي في ظل الصبا …*… أيام لم تنهك قواي جهود
أيام أرتشف المنى معسولة …*… وأميس في الرغبات وهي برود
الحظ واف والغريزة خصبة …*… والعيش صاف والزمان ودود
فعليك يا عهد الشباب تحية …*… فيحاء ما تلت العهود عهود
في الكأس فضل منك فيه لذاذة …*… وتعلة ما زلت عنه أذود
ما كنت أوثر أن أذود يد الأذى …*… لولا مطامح للعلا وقصود
وأمانة لله قمت بحملها …*… جسمي بها متحطم مهدود
وأثارة عظمى وكنز خالد …*… ومحلة غيداء حين أرود
وطني الذي هموا به ودليله …*… كدليل يوسف ثوبه المقدود
لا يأمنوا صب العذاب عليهمو …*… فرعون أعتى منهم وثمود
آليت ما للحادثات مبارز …*… إلا على أعقابه مردود
يا قلب مالك لا تعتم خافقا …*… يا طرف مالك بالدموع تجود
الله أوفى الواعدين وكم خلت …*… منه بنصر الصابرين وعود
فلعل أيام المشائم تنتهي …*… ولعل أيام السعود تعود
الصحو
(انقطعت الثلوج على عاصمة الجزائر برهة من الزمن، ثم هطلت بغزارة حتى غطت المنازل والشوارع. فلما بدأت هذه العاصفة تنقشع، حرك منظرها شاعرنا محمد العيد، فسجل إحساسه في هذه القطعة).
وقد نشرت في مجلة (الشهاب) سنة 1935م
•---------------------------------•
أصح قلبا فوجدك اليوم حمق …*… إن وجه الطبيعة اليوم طلق
زانت الجونة السماء فزالت …*… ظلمات بها ورعد وبرق
وبدا النور من وراء الغيابات …*… فما في خلالها اليوم ودق
وبدا البحر ساكنا غير موجات …*… علتها طير أبابيل بهق
وأرى الثلج ذاب إلا بقيا …*… ت بها الدور توجت فهي بلق
خالعات على الربى حللا بيـ …*… ـضا بدت تحتها غلائل زرق
وإذا الأرض كالسماء رواء …*… ليس بين السماء والأرض فرق
فكأن الثلوج في الأرض غيم …*… وكأن الرياض في الأرض أفق
هكذا كان أول الصحو رسم اللـ …*… ـه، في لونه جمال وعمق
هام طرفي به وأسلم قلبي …*… مذعنا أن قدرة الله حق
لوح الخيال
قصيدة في وصف السينما الناطقة بالعربية، نظمها الشاعر بعد مشاهدته لفيلم (أنشودة الفؤاد).
وقد نشرت بمجلة الشهاب ج: (7) م. ( في ربيع الأول. 1350هـ جويلية 1932م
•---------------------------------•
أنت دنيا ما أنت لوح خيال …*… ما على العلم غاية بمحال
أنت دنيا عريضة من بلاد …*… وعباد وأبحر وجبال
بين حالي سعادة وشقاء …*… وزماني وداعة وقتال
في ملاهيك جد للعين والأذ …*… ن ضروب من الرؤى والأمالي
آن للذوق منك والشم واللـ …*… ـمس نوال فجد لها بالنوال
ليس بدعا أن يحدث العلم فيها …*… بك إلمامة وبعض اتصال
جمع الجيل فيك والجيل حتى …*… صرت يا لوح مجمع الأجيال
صور من ممالك قائمات …*… وتقاليد من هدى وضلال
فكأني أرى القيامة قامت …*… وأرى الخلق مهطعين حيالي
فكأني أرى شريطك عرضا …*… فيه فضت صحائف الأعمال
عظ به يا جماد من كان حيا …*… فمقال الجماد فصل المقال
هون الموت عالم لك فيه …*… كل حي مخلد بمثال
والتقى حاضر الزمان بماضيه …*… كأن لم يكن به من زوال
ووعى الناس ألسنا مند شتى …*… في مغاز علمية ذات بال
وتجلت فصحى اللغات كشمس …*… فخبا كل كوكب متلالي
زانك الضاد من لسان بديع …*… أيها الفيلم البديع الجمال
فهو وحي إلى شهودك يوحى …*… من سماء الحجى وعرش الجلال
وبدا الشرق فيك للغرب مرعى …*… للحضارات مخصبا بالرجال
حي قوما أبوا سوى الكشف عما …*… أودع الشرق من عظات غوالي
ناولونا من الكنانة سهما …*… ومعينا من نيلها السيال
تلد مصر مثوى الفراعين في الما …*… ضي ومأوى بنيهم في الحال
ضل "أنشودة الفؤاد" فؤاد …*… لم يصلها بعطفه المتوالي
نسم من جوانب النيل أفشى …*… نغم النيل تحت جنح الليالي
نم عن مائه النمير وعما …*… حوله من ماثر وخلال
عرف الشرق مشرقا من قديم …*… وجديد على الفلا والتلال
وكأني به أطل على الغر …*… ب مع الشمس ضاحكا عن لآلي
وكأني بالغرب أذعن للشر …*… ق اعترافا بما له من كمال
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
عامان مقبل ومدبر نشرت في جريدة السنة سنة 1933
عامان مقبل ومدبر
نشرت في جريدة السنة سنة 1933
•---------------------------------•
غشي الليل أم جلا؟ …*… لست أدري بما تلا
قد مضى العام مدبرا …*… وأتى العام مقبلا
وهوى العام كوكبا …*… بشرار مذيلا
ساء مساء في الأخيـ …*… ـر، وأن سر أولا
جد كالثوب واعترا …*… هـ على اللابس البلى
وسقى الناس غب حلـ …*… ـواه سما فجدلا
مجمل القول أنه …*… كان حولا محولا
أيها العام سؤت فيـ …*… ـنا مقاما ومرحلا
لم تكن مجملا فخذ …*… عني العتب مجملا
أنا بالرغم منك لم …*… أنو إلا التحملا
عل في عامنا الجد …*… يد مفازا مؤملا
جل من ركب ابن آ …*… دم جسما وعدلا
برأ العقل جوهرا …*… بالمعاني موكلا
وطوى الغيب دونه …*… فتقفى وأولا
غم تدبيره على …*… كل عبد وأشكلا
أيها الزائر الذي …*… لا أرى عنه معدلا
إن تصنا فمرحبا …*… أو تنكل بنافلا …*…
منظر تاعس ناعس
نظمها الشاعر في مشهد من مشاهد البؤس الكثيرة في الجزائر وقد رأى بعيني رأسه هذا البؤس الذي وصفه في هذه القصيدة.
•---------------------------------•
بدا لعيني تاعس ناعس …*… على الثرى في الصبح بالي الثياب
جاث على الرجلين جاني الحشى …*… والظهر هاوي الجسم ذاوي الشباب
فهاج من حزني ومن لوعتي …*… كما يهيج النار عود الثقاب
ورحت من شعر إلى عبرة …*… والشعر والعبرة جهد المصاب
وقمت أدعوه على رأسه …*… لعلني أحظى ببعض الجواب
يا أيها الأوي إلى حفرة …*… فى سفح طود عند ملقى الشعاب
يا أيها الهاوي على وجهه …*… تحت أديم الجو فوق التراب
يا أيها الملتم في طمره …*… كالقنفذ انهالت عليه الكلاب
هون من الغم عليك فما أحسـ …*… ـب إلا منه هذا الضباب
أنومك الآن خدل لنا …*… أم لك أم أنك صلب الإهاب؟
لا تفعل الأحجار ما نمت في …*… جنبك والأحجار صم صلاب
هل أنت إلا بشر مثلنا …*… أم أنت جن زال عنك الحجاب
لا بل فقير لم تجد رحمة …*… عند ذوي (الفيلات) ذات القباب
بطونهم ملأى وأكياسهم …*… وأنت خاوي البطن خالي الوطاب
ونومهم طاب وإحساسهم …*… وأنت مرتاع بقفر يباب
طواك عسف الدهر في حفرة …*… بجانب الطود كطي الكتاب
أقمت فيها سائر اليوم في …*… ضنى وفقر وعنا واكتئاب
حتى إذا آن أوان الكرى …*… وصار جنح الليل مثل الغراب
غضضت من عينيك مستغفيا …*… والسهد في عينيك قطر (1) مذاب
وملت مثل القوس موتورة …*… بنبلها مشهورة للضراب
منكس العنق إلى الأرض من …*… همك والهم مذل الرقاب
كأنما ليلك عيش امرىء …*… منذر قوم ما لهم من متاب
كأنما عينك في سهدها …*… عين علينا راصد كل باب
شاهدت من شخصك ما راعني …*… ونالني منه أسى واضطراب
أبعد ما روعتني مصبحا …*… يلذ لي الطعم ويحلو الشراب
أقسمت ما في العيش من راحة …*… سوى منى خلابة كالسراب
والناس ويح الناس في وقفة …*… أو جيئة حول المنى أو ذهاب
والنفس فيهم حكمت فهي لا …*… تفتأ تدعوهم إلى كل عاب
أما إذا أمعنت في مكرهم …*… فإنه والله شيء عجاب
مكر يحاكي الصدق في وضعه …*… وباطل منهم يحاكي الصواب
لولا الهدى من بعض أهل الهدى …*… أقسمت ما في الناس إلا الذئاب
هل آن لي الظعن فقد ضاق بي …*… مكثي على رغمي بهذا اليباب؟
كيف يطيب العيش في معشر …*… شدوا عن المسكين فضل النصاب؟
كأنهم ليس لهم ذمة …*… وليس فيهم مؤمن بالحساب
يا أيها المثرون هبوا إلى …*… إسعاف أهل الفقر فالفقر ناب
ونال من إخوانكم واحتوى …*… عليهم والفقر أس الخراب
__________
(1) القطر: النحاس الذائب.
فاستصرخوا الهمة في برهم …*… وأيدوا في الخير كل اكتتاب
وأكرموا في الله سبحانه …*… عباده يكرمكم بالثواب
ومن يكن لله إنفاقه …*… ينل به الزلفى وحسن المئاب
__________
نشرت بـ (الشهاب) ج: (11) م: (6) غرة رجب 1349هـ ديسمبر 1930م.
وداد
عرض في عاصمة الجزائر فيلم (وداد) العربي، فنظم الشاعر قصة الفيلم في هذه القصيدة بعد مشاهدته له.
نشرت في جريدة البصائر سنة 1937.
•---------------------------------•
إن رمت تجزى عن يد …*… بيد جزاء لن يضيع
فاشكر كما شكرت (ودا …*… د) فضل مالكها الوديع
إذ أدبر العيش المريـ …*… ـح وأقبل العيش المريع
وابتاع سيدها الفتى …*… ما ابتاع بالدين الفظيع
وأراد تأمين المبيـ …*… ـع فعز تأمين المبيع
قالت له: بعني وهب …*… ثمني وإخلاصي شفيع
لا أستطيع أراك كـ …*… ـلا مفلسا لا أستطيع
بيعت (وداد) بالمزا …*… د وقلبها دام وجيع
ومضت وراء المشتري …*… فمضت بألباب الجميع
يا من رأى الظبي الأغـ …*… ـن بغارة الذؤبان ريع
خلق بديع كالملا …*… ك يزينه خلق بديع
وإذا بسيدها الجديـ …*… ـد أصحابه مرض سريع
وبعتقها أوصى لما …*… حازته من أدب رفيع
وقضى فخف الطير منـ …*… ـطلقا إلى حصن منيع
وانسلت الزوج المطيـ …*… ـعة تنشد الزوج المطيع
فتلاقيا بعد الإيا …*… س وهكذا يرعى الصنيع
شاعرية الرصافي
وقف الشاعر على كلمة تحت هذا العنوان في مجلة (الصباح) عن سقوط شاعرية (معروف الرصافي) واستنكار شعره في العهد الأخير، وفيها أن صحيفة (بغداد) العراقية نشرت مقالا في الموضوع جاءت فيه هذه الكلمة .. (ما سمعنا بشاعر مات قبل أن يموت إلا الأستاذ الرصافي .. ) فاستنكر هذه الكلمة الجافية، وتصور ما يكون لها من الأثر السيئ في قلب الرصافي لو وقف عليها، وأسف كثيرا لنضرب شاعريته الفياضة وتجرؤ محرر (بغداد) عليه بتلك الكلمة الجارحة، ولم يملك نفسه إزاء هذه المأساة القاسية، عن الاندفاع بهذه الأبيات الشعرية.
نشرت في العدد 26 من جريدة البصائر سنة 1936.
•---------------------------------•
جفاك الشعر يا (معروف) شيخا …*… وطيب فتى به وصلا وطابا
رأيت الشعر أشبه بالغواني …*… يخص بصادق الحب الشبابا
رثيت لشاعر في الشرق فحل …*… خبا في الشعر طالعه وخابا
وناء بعبئه حملا فأزرى …*… شباب الرافدين به عتابا
أقيلوه العثار فكيف يجزى …*… أبوكم في عواقبه عقابا …*…
أب باسم (العراق) سما عريقا …*… وفي أفق (السواد) نما شهابا
أتعرفه العشيرة وهو كهل …*… وتنكره العشيرة حين شابا
وطبع الناس نسيان الأيادي …*… إذا ما غاض موردها وغابا
فقل للشاعر المزرى بعيب …*… ستخلد رغم من أزرى وعابا
ومهما لم يثبك ذووك فاصبر …*… ستلقى عند خالقك الثوابا
دمعة على القمر الخاسف
نشرت في العدد 4 من جريدة البصائر سنة 1936.
•---------------------------------•
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ماذا دهى …*… زين البها؟
غشى الحلك …*… وجه الفلك
وعرا الكدر …*… صفو البشر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
من ذا رمى …*… ملك السما؟
العصف قام …*… يزجي الغمام
والنجم خر …*… يرمي الشرر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ما للسدم …*… سود الأدم؟
ما للجواء …*… ربد الهواء؟
لقي البصر …*… فيها الحسر
ياللعبر …*… خسف القمر
كم شائنات …*… في الكائنات
قل للعيون …*… غضي الجفون
سام العور …*… أسمى الصور
ياللعبر …*… خسف القمر
...
جار الملاك …*… ماذا علاك؟
ماذا أحال …*… منك الجمال؟
هلا سفر …*… ذاك الخفر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ماذا جرى …*… لابن السرى؟
كشف الشعاب …*… وهدى الركاب
وقفا الأثر …*… حتى عثر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
نزل الخسوف …*… بأخي الشفوف
فإذا الحداد …*… يعلو البلاد
وكذا الغير …*… تبلو الخير
ياللعبر …*… خسف القمر
أمن التراب …*… هذا الحجاب
كيف استطال …*… عبد النعال
أعيا النظر …*… سر القدر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ذات البروج …*… آن العروج
هل من مقيل …*… يؤوي النزيل
طال السفر …*… فمتى المقر؟
ياللعبر …*… خسف القمر
آفة العين
نشرت في العدد 8 من جريدة البصائر سنة 1936م
•---------------------------------•
ما لطرفي رنا …*… حوله فافتتن
سامني في الدنا …*… بالضنى وامتحن
يا مذيقي الضنى …*… لا طمعت الوسن
يا لرام رما …*… ني بقوسين
آفة العين ما …*… آفة العين!
...
رغبة العين قد …*… طوحت بالناس
جرعتنا الكمد …*… أوردتنا الياس
علة في الجسد …*… بدأت بالراس
فسقت آدما …*… علقم البين
آفة العين ما …*… آفة العين؟!
...
نظرة عن سؤال …*… نظرة عن رجاء
فإذا الرشد زال …*… وإذا الغي جاء
فافتكر في المال …*… إن أردت النجاء
لا تشر للحما …*… م بهدبين
آفة العين ما …*… آفة العين!
***
خائنات العيون …*… رأفة بالجار
من وراء الجفون …*… أنفس أطهار
سقتها للمجون …*… والخنا والعار
إن هتك الحمى …*… ليس بالهين
آفة العين ما …*… آفة العين!
...
يا أخا العين لا …*… تغترر بالصور
إنها للبلى …*… أجلت والحفر
فادرع للملا …*… ح بغض البصر
ذد ولو بالعمى …*… غارة الزين
آفة العين ما …*… آفة العين!؟
...
يا فؤادا صقل …*… لوحه الصقال
لا تجار المقل …*… إنها ضلال
كاذبات الأمل …*… خائبات الفال
عف كي تسلما …*… من أذى الرين (1)
افة العين ما …*… آفة العين!!
...
__________
(1) الرين: كالصدا يغشى القلب وفي القرآن الكريم. {بل ران على قلوهم ما كانوا يكسبون}.
نشرت في جريدة السنة سنة 1933
•---------------------------------•
غشي الليل أم جلا؟ …*… لست أدري بما تلا
قد مضى العام مدبرا …*… وأتى العام مقبلا
وهوى العام كوكبا …*… بشرار مذيلا
ساء مساء في الأخيـ …*… ـر، وأن سر أولا
جد كالثوب واعترا …*… هـ على اللابس البلى
وسقى الناس غب حلـ …*… ـواه سما فجدلا
مجمل القول أنه …*… كان حولا محولا
أيها العام سؤت فيـ …*… ـنا مقاما ومرحلا
لم تكن مجملا فخذ …*… عني العتب مجملا
أنا بالرغم منك لم …*… أنو إلا التحملا
عل في عامنا الجد …*… يد مفازا مؤملا
جل من ركب ابن آ …*… دم جسما وعدلا
برأ العقل جوهرا …*… بالمعاني موكلا
وطوى الغيب دونه …*… فتقفى وأولا
غم تدبيره على …*… كل عبد وأشكلا
أيها الزائر الذي …*… لا أرى عنه معدلا
إن تصنا فمرحبا …*… أو تنكل بنافلا …*…
منظر تاعس ناعس
نظمها الشاعر في مشهد من مشاهد البؤس الكثيرة في الجزائر وقد رأى بعيني رأسه هذا البؤس الذي وصفه في هذه القصيدة.
•---------------------------------•
بدا لعيني تاعس ناعس …*… على الثرى في الصبح بالي الثياب
جاث على الرجلين جاني الحشى …*… والظهر هاوي الجسم ذاوي الشباب
فهاج من حزني ومن لوعتي …*… كما يهيج النار عود الثقاب
ورحت من شعر إلى عبرة …*… والشعر والعبرة جهد المصاب
وقمت أدعوه على رأسه …*… لعلني أحظى ببعض الجواب
يا أيها الأوي إلى حفرة …*… فى سفح طود عند ملقى الشعاب
يا أيها الهاوي على وجهه …*… تحت أديم الجو فوق التراب
يا أيها الملتم في طمره …*… كالقنفذ انهالت عليه الكلاب
هون من الغم عليك فما أحسـ …*… ـب إلا منه هذا الضباب
أنومك الآن خدل لنا …*… أم لك أم أنك صلب الإهاب؟
لا تفعل الأحجار ما نمت في …*… جنبك والأحجار صم صلاب
هل أنت إلا بشر مثلنا …*… أم أنت جن زال عنك الحجاب
لا بل فقير لم تجد رحمة …*… عند ذوي (الفيلات) ذات القباب
بطونهم ملأى وأكياسهم …*… وأنت خاوي البطن خالي الوطاب
ونومهم طاب وإحساسهم …*… وأنت مرتاع بقفر يباب
طواك عسف الدهر في حفرة …*… بجانب الطود كطي الكتاب
أقمت فيها سائر اليوم في …*… ضنى وفقر وعنا واكتئاب
حتى إذا آن أوان الكرى …*… وصار جنح الليل مثل الغراب
غضضت من عينيك مستغفيا …*… والسهد في عينيك قطر (1) مذاب
وملت مثل القوس موتورة …*… بنبلها مشهورة للضراب
منكس العنق إلى الأرض من …*… همك والهم مذل الرقاب
كأنما ليلك عيش امرىء …*… منذر قوم ما لهم من متاب
كأنما عينك في سهدها …*… عين علينا راصد كل باب
شاهدت من شخصك ما راعني …*… ونالني منه أسى واضطراب
أبعد ما روعتني مصبحا …*… يلذ لي الطعم ويحلو الشراب
أقسمت ما في العيش من راحة …*… سوى منى خلابة كالسراب
والناس ويح الناس في وقفة …*… أو جيئة حول المنى أو ذهاب
والنفس فيهم حكمت فهي لا …*… تفتأ تدعوهم إلى كل عاب
أما إذا أمعنت في مكرهم …*… فإنه والله شيء عجاب
مكر يحاكي الصدق في وضعه …*… وباطل منهم يحاكي الصواب
لولا الهدى من بعض أهل الهدى …*… أقسمت ما في الناس إلا الذئاب
هل آن لي الظعن فقد ضاق بي …*… مكثي على رغمي بهذا اليباب؟
كيف يطيب العيش في معشر …*… شدوا عن المسكين فضل النصاب؟
كأنهم ليس لهم ذمة …*… وليس فيهم مؤمن بالحساب
يا أيها المثرون هبوا إلى …*… إسعاف أهل الفقر فالفقر ناب
ونال من إخوانكم واحتوى …*… عليهم والفقر أس الخراب
__________
(1) القطر: النحاس الذائب.
فاستصرخوا الهمة في برهم …*… وأيدوا في الخير كل اكتتاب
وأكرموا في الله سبحانه …*… عباده يكرمكم بالثواب
ومن يكن لله إنفاقه …*… ينل به الزلفى وحسن المئاب
__________
نشرت بـ (الشهاب) ج: (11) م: (6) غرة رجب 1349هـ ديسمبر 1930م.
وداد
عرض في عاصمة الجزائر فيلم (وداد) العربي، فنظم الشاعر قصة الفيلم في هذه القصيدة بعد مشاهدته له.
نشرت في جريدة البصائر سنة 1937.
•---------------------------------•
إن رمت تجزى عن يد …*… بيد جزاء لن يضيع
فاشكر كما شكرت (ودا …*… د) فضل مالكها الوديع
إذ أدبر العيش المريـ …*… ـح وأقبل العيش المريع
وابتاع سيدها الفتى …*… ما ابتاع بالدين الفظيع
وأراد تأمين المبيـ …*… ـع فعز تأمين المبيع
قالت له: بعني وهب …*… ثمني وإخلاصي شفيع
لا أستطيع أراك كـ …*… ـلا مفلسا لا أستطيع
بيعت (وداد) بالمزا …*… د وقلبها دام وجيع
ومضت وراء المشتري …*… فمضت بألباب الجميع
يا من رأى الظبي الأغـ …*… ـن بغارة الذؤبان ريع
خلق بديع كالملا …*… ك يزينه خلق بديع
وإذا بسيدها الجديـ …*… ـد أصحابه مرض سريع
وبعتقها أوصى لما …*… حازته من أدب رفيع
وقضى فخف الطير منـ …*… ـطلقا إلى حصن منيع
وانسلت الزوج المطيـ …*… ـعة تنشد الزوج المطيع
فتلاقيا بعد الإيا …*… س وهكذا يرعى الصنيع
شاعرية الرصافي
وقف الشاعر على كلمة تحت هذا العنوان في مجلة (الصباح) عن سقوط شاعرية (معروف الرصافي) واستنكار شعره في العهد الأخير، وفيها أن صحيفة (بغداد) العراقية نشرت مقالا في الموضوع جاءت فيه هذه الكلمة .. (ما سمعنا بشاعر مات قبل أن يموت إلا الأستاذ الرصافي .. ) فاستنكر هذه الكلمة الجافية، وتصور ما يكون لها من الأثر السيئ في قلب الرصافي لو وقف عليها، وأسف كثيرا لنضرب شاعريته الفياضة وتجرؤ محرر (بغداد) عليه بتلك الكلمة الجارحة، ولم يملك نفسه إزاء هذه المأساة القاسية، عن الاندفاع بهذه الأبيات الشعرية.
نشرت في العدد 26 من جريدة البصائر سنة 1936.
•---------------------------------•
جفاك الشعر يا (معروف) شيخا …*… وطيب فتى به وصلا وطابا
رأيت الشعر أشبه بالغواني …*… يخص بصادق الحب الشبابا
رثيت لشاعر في الشرق فحل …*… خبا في الشعر طالعه وخابا
وناء بعبئه حملا فأزرى …*… شباب الرافدين به عتابا
أقيلوه العثار فكيف يجزى …*… أبوكم في عواقبه عقابا …*…
أب باسم (العراق) سما عريقا …*… وفي أفق (السواد) نما شهابا
أتعرفه العشيرة وهو كهل …*… وتنكره العشيرة حين شابا
وطبع الناس نسيان الأيادي …*… إذا ما غاض موردها وغابا
فقل للشاعر المزرى بعيب …*… ستخلد رغم من أزرى وعابا
ومهما لم يثبك ذووك فاصبر …*… ستلقى عند خالقك الثوابا
دمعة على القمر الخاسف
نشرت في العدد 4 من جريدة البصائر سنة 1936.
•---------------------------------•
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ماذا دهى …*… زين البها؟
غشى الحلك …*… وجه الفلك
وعرا الكدر …*… صفو البشر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
من ذا رمى …*… ملك السما؟
العصف قام …*… يزجي الغمام
والنجم خر …*… يرمي الشرر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ما للسدم …*… سود الأدم؟
ما للجواء …*… ربد الهواء؟
لقي البصر …*… فيها الحسر
ياللعبر …*… خسف القمر
كم شائنات …*… في الكائنات
قل للعيون …*… غضي الجفون
سام العور …*… أسمى الصور
ياللعبر …*… خسف القمر
...
جار الملاك …*… ماذا علاك؟
ماذا أحال …*… منك الجمال؟
هلا سفر …*… ذاك الخفر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ماذا جرى …*… لابن السرى؟
كشف الشعاب …*… وهدى الركاب
وقفا الأثر …*… حتى عثر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
نزل الخسوف …*… بأخي الشفوف
فإذا الحداد …*… يعلو البلاد
وكذا الغير …*… تبلو الخير
ياللعبر …*… خسف القمر
أمن التراب …*… هذا الحجاب
كيف استطال …*… عبد النعال
أعيا النظر …*… سر القدر
ياللعبر …*… خسف القمر
...
ذات البروج …*… آن العروج
هل من مقيل …*… يؤوي النزيل
طال السفر …*… فمتى المقر؟
ياللعبر …*… خسف القمر
آفة العين
نشرت في العدد 8 من جريدة البصائر سنة 1936م
•---------------------------------•
ما لطرفي رنا …*… حوله فافتتن
سامني في الدنا …*… بالضنى وامتحن
يا مذيقي الضنى …*… لا طمعت الوسن
يا لرام رما …*… ني بقوسين
آفة العين ما …*… آفة العين!
...
رغبة العين قد …*… طوحت بالناس
جرعتنا الكمد …*… أوردتنا الياس
علة في الجسد …*… بدأت بالراس
فسقت آدما …*… علقم البين
آفة العين ما …*… آفة العين؟!
...
نظرة عن سؤال …*… نظرة عن رجاء
فإذا الرشد زال …*… وإذا الغي جاء
فافتكر في المال …*… إن أردت النجاء
لا تشر للحما …*… م بهدبين
آفة العين ما …*… آفة العين!
***
خائنات العيون …*… رأفة بالجار
من وراء الجفون …*… أنفس أطهار
سقتها للمجون …*… والخنا والعار
إن هتك الحمى …*… ليس بالهين
آفة العين ما …*… آفة العين!
...
يا أخا العين لا …*… تغترر بالصور
إنها للبلى …*… أجلت والحفر
فادرع للملا …*… ح بغض البصر
ذد ولو بالعمى …*… غارة الزين
آفة العين ما …*… آفة العين!؟
...
يا فؤادا صقل …*… لوحه الصقال
لا تجار المقل …*… إنها ضلال
كاذبات الأمل …*… خائبات الفال
عف كي تسلما …*… من أذى الرين (1)
افة العين ما …*… آفة العين!!
...
__________
(1) الرين: كالصدا يغشى القلب وفي القرآن الكريم. {بل ران على قلوهم ما كانوا يكسبون}.
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
المرء في حقيقته المجردة نشرت بالعدد (159) من جريدة البصائر في 31 مارس 1936م.
المرء في حقيقته المجردة
نشرت بالعدد (159) من جريدة البصائر في 31 مارس 1936م.
•---------------------------------•
المرء ما المرء سليل الثرى …*… لا غرو أن يشبه جلموده
عالجه الرسل بتأديبهم …*… فلم يلن تأديبهم عوده
لا يخدم المرء سوى نفسه …*… ولو حوى في الخلق محوده
قد يفعل الخيرله معلنا …*… وليس فعل الخير مقصوده
ويوسع الكل بإحسانه …*… رفدا ليستعبد مرفوده
من أثرة النفس ومن حبها …*… محبة الوالد مولوده
لا تحمد المرء لمشهوده …*… فغيبه ينكرمشهوده
إذا أطاع المرء ذا دعوة …*… فبأسه يلحظ أو جوده
لو لم تكن نار ولا جنة …*… لما أطاع المرء معبوده
أين "ليلاي"
أين (ليلاي) أينها …*… حيل بيني وبينها
هل قضت دين من قضى …*… في المحبين دينها
أصحلت القلب نارها …*… وأذاقته حينها
مذ تعرفت سرها …*… وتعشق زينها
روعتني ببينها …*… لا رعى الله بينها
فتعلقت بالطيو …*… ف اللواتي حكينها
وتعللت بالمنى …*… فتبينت مينها
مالـ (ليلاي) لم تصل …*… مهجات فدينها
وقلوبا علقنها …*… وعيونا بكينهما
ايه يا عيني اذرفي …*… لن تري بعد عينها
السماوات والأرا …*… ضي جميعا نفينها
كم تساءلت سالكا …*… أنهجا ما حوينها
لم يجبني سوى الصدى …*… أين (ليلاي) أينها؟! (1)
__________
(1) نشرت في (الشهاب) ج: (7) و (14) في سبتمبر1938م بتعليق الأستاذ الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس، هذا نصه:
جاء في "الأغاني" ج: 3، ص: 291 ما يلي:
"أخبرني عمي، قال حدثنا الحزنبل عن عمرو ابن أبي عمرو وقال .. بلغني أن الحسن بن زيد دعا بابن المولى فاغلظ له وقال: أتشبب بحرم المسلمين، وتنشد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الأسواق والمحافل ظاهرا؟
فحلف له بالطلاق أنه ما تعرض لمحرم قط ولا شبب بامرأة مسلم ولا معاهدة قط.
قال فمن ليلى هذه التي تذكر في شعرك؟ فقال له .. امرأتي طالق إن كانت إلا قوسي هذه، سميتها ليلى لأذكرها في شعري. فإن الشعر لا يحسن إلا بالتشبيب، فضحك الحسن ثم قال: إذا كانت القصة هذه فقل ما شئت.
فمن هي ليلى شاعرنا يا ترى؟ ليست له قوس ولكن له مروحة، فهل يعني هو الاخر مروحته؟ إن محمد العيد الذي يشعر شعور لشعب ويتخيل خيال الشعب، لا تشغله قوس ولا مروحة ولكن لا تفتنه- وهوالبلبل الغريد في قفص .. - إلا الحرية فهل يوافق على هذا بعض من ينقصهم شيء من السياسة ليفهموا؟
وقد أيد الشاعر هذا أخيرا في قصيدته الطويلة "ملحمة الثورة والاستقلال" فقال:
ليلاي فيك تعطفت بوصالها!! …*… نشفت به مجنونها المستهترا
قوس قزح
"قوس الله لا قوس قزح" حديث شريف".
نشرت في البصائر سنة 1939.
•---------------------------------•
أنظر إلى الأفق ضحا …*… بكل لون وضحا
تفتح القلب لإشـ …*… ـراق به تفتحا
أنظر إلى قوس بدا …*… في عرضه مستملحا
من نوره قدحت زنـ …*… ـد الفكر حتى انقدحا
وشى به ذات البرو …*… ج ربنا ووشحا
لا غرو أن تزهو كالـ …*… ـخود به وتمرحا
كأنه أرجوحة …*… فيها السحاب ارتجحا
أو خنجر به القضا …*… ء في الفضاء طوحا
أو صحولجان في السما …*… ء بالسلام لوحا
أو ذيل طاووس بها …*… في خلدها تفسحا
أو كم حوراء به …*… تومي إلى من صلحا
أو محجن الدهر على الـ …*… أرض به ترنحا
أو قوس نصر وسع النجـ …*… ـد بها والأبطحا
أو فلك بحر معلم الرأ …*… س إلى الحج انتحى
قوس أغر جل عن …*… أشباهه ورجحا
قد أطلق الشاعر فيـ …*… ـه طرفة وسرحا
لاكنه سرعان ما …*… لاح له حتى امحى
وغاب عنه بارحا …*… يا ليته ما برحا
...
ياقوس حيرت النهى …*… فمن راك سبحا
لو وجد الإفصاح عنـ …*… ـك واصف لأفصحا
سر الطبيعة استوى …*… فيه (إياس) و (جحا)
سبحان من بك جلا …*… عنا الأسى وزحزحا
زان بك الأفق كما …*… زان الصباح بالضحى
أراك قوس الله ما …*… أراك قوس قزحا
يا ليل
نشرت في العدد 145 من البصائر سنة 1951م
•---------------------------------•
يا ليل طلت جناحا …*… متى تريني الصباحا
أرى الكرى صد عنيي …*… بوجهه وأشاحا
أمسى علي حراما …*… ما كان منه مباحا
قد ضمت بالهم ذرعا …*… وما وجدت انشراحا
ملت فراشي نفسي …*… واستوحشت منه ساحا
كأنني رهن سجن …*… لم أرج منه سراحا
كأن تحتي شوكا …*… يشوكني أو رماحا
أبيت وسنان مضنى …*… أرجو المنى أن تتاحا
ظمآن أنشد ماء …*… يشفي الغليل قراحا
أجيل بالرأيى فكري …*… كمن يجيل القداحا
وانظم الشعر وردا …*… ونرجسا وأقاحا
تأبى البلابل إلا …*… ترنما وصداحا
وقد أرى الجد أجدى …*… فأستحب الكفاحا
وقد أرى الصبر أولى …*… فأطمئن ارتياحا
وقد يهم فؤادي …*… بأن يطير جماحا
وقد أسر بكائي …*… وقد أضج نواحا
ولا يقر قراري …*… إلا إذا الديك صاحا
أرى أخا الشعر يسعى …*… ولا يصيب نجاحا
موكلا بخيال …*… في جوه الرحب ساحا
يخطو به خطوات …*… إلى الأمام فساحا
لكنها خائبات …*… نهاية وافتتاحا
في قلبه نزوات …*… مثل الزناد انقداحا
وفي حشاه سهام …*… قد أثخنته جراحا
أتى المسراب ليروى …*… يا ويحه واستماحا
فلم ير السؤل جدا …*… حتى استحال مزاحا
فلا جناح عليه …*… في يأسه لا جناحا
أقبح بآمال نفسي …*… وإن تبدت ملاحا
قد أوثقتني كتافا …*… فما استطعت براحا
كتمتها منذ حين …*… لكن بها الشعر باحا
إن الشعور لداء …*… أضر بي وأطاحا
من لا شعور بشيء …*… له نجا واستراحا
يا ليل أسرفست بردا …*… وظلمة ورياحا
أطفئ حروبك عنا …*… ولا تزدها لقاحا
وقف لنعقد حلفا …*… ما بيننا واصحطلاحا
إنا عليك اقترحنا …*… فما أجبت اقتراحا
ياليل ما فيك نجم …*… جلا الدجى وأزاحا
إلا كواكب حيرى …*… لم تتضح لي اتضاحا
بطيئة لست أدري …*… بها ونى أم كساحا
تحكي أدلاء قومي …*… مرضى تسوس صحاحا
من غلمة تتمارى …*… وشيخة تتلاحى
ودوا النزاع فكانوا …*… مثل الكباش نطاحا
أخشى على الشعب هلكا …*… يبيده واجتياحا
من ألسن قاذفات …*… تروى القبيح فصاحا
وأنفس خائنات …*… تهوى الخنى والسفاحا
ومن قوانين جور …*… سلت عليها صفاحا
ومن شقاء ملح …*… غدا عليه وراحا
من أين يفلح شعب …*… أبى الهدى والصلاحا
خاض الميادين دعوى …*… فأعقبته افتضاحا
لأنه لم يهيء …*… غير الكلام سلاحا
إن كنت اعزل فارقب …*… من المغير اكتساحا
لا تنتظر منه خيرا …*… ولا ترج فلاحا
وإن يعدك بخير …*… يكذب عليك صراحا
إن قسته بـ (سجاح) …*… في الكذب فاق (سجاحا)
فايأس ولا تترقب …*… من المغير سماحا
اليأس يعقب روحا …*… لليائسين وراحا
واليأس بالحر أحرى …*… من أن يؤم شحاحا
ياليل كم فيك عاد …*… داس الحمى واستباحا
إلى متى أنت داج …*… تغشى الربى والبطاحا
نفسي إلى الفجر تاقت …*… متى أرى الفجر لاحا؟
متى جناحك يطوى …*… يا ليل طلت جناحا!
يا هزاري
نشرت في العدد 170 من جريدة البصائر سنة 1951
•---------------------------------•
ناجني نجوى ادكار …*… واشدلي ليل نهار
…*… قد دنا فك الإسار يا هزاري …*…
عبثا أبكي وتبكي شجنا …*… تارة سرا وطورا علنا
لم نجد في الأرض من يرثى لنا …*… غير واه في مثل الزندواري
…*… فاصطبر مثل اصطباري يا هزاري …*…
أنت رمزي وشعاري …*… أنت سيفي ذوالفقار
…*… أنت مزماري وطاري يا هزاري! …*…
غير أنا فاتنا نيل المنى …*… فتولانا فتور وعنا
خبت في الشدو كما خبت أنا …*… في حياتي فتمنيت احتضاري
…*… وتبرمت بداري يا هزاري! …*…
عاطني كأس عقار …*… من عصارات ابتكاري
…*… أنت ندماني وجاري يا هزاري …*…
عاطني من خمرة الأمال جاما …*… إن فيها نشوة تحيي العظاما
إن فيها لي بردا وسلاما …*… من لظى اليأس ومن نارالخسار
…*… وادع لي ذات الفخار يا هزاري! …*…
أشرقت مثل الدراري …*… ورنت خلف الستار
…*… ترتجى خوض الغمار يا هزاري! …*…
إن تكن ولهان فيها مستهاما …*… فاقتحم معقلها الوعر اقتحاما
أو ترد منها التفاتا وابتساما …*… فترنم بأهازيج الضواري
…*… وتهيأ للطواري يا هزاري!! …*…
الشعر والأدب
أنا ابن جدي وقومي السادة العرب …*… وحرفتي ما حييت: الشعر والأدب
أنفقت وقتي في شعر وفي أدب …*… لا شغل عندي إلا: الشعر والأدب
ولا غذاء به أحيا بغير طوى …*… منعم البال إلا: الشعر والأدب
أسالم الناس في عيشي فإن عمدوا …*… إلى خصامي فسيفي: الشعر والأدب
وإن دعاني قومي أن أناصرهم …*… فعدتي في انتصاري: الشعر والأدب
قل للملوك مقالا من أخي ثقة …*… دليله في الحياة: الشعر والأدب
لا ملك لا عز فيما تفخرون به …*… ما الملك والعز إلا: الشعر والأدب
وقل لمن هام في مال له لبد …*… ما المال ويحك إلا: الشعر والأدب
وقل لمن هام في حب الجمال لقد …*… أخطأت إن الجمال: الشعر والأدب
وقل لمن هام في رشف المدام هوى …*… ما نشوة الخلد إلا: الشعر والأدب
ورب عاتبة لي في سبيلهما …*… تقول لي قد شجاك: الشعر والأدب
ترجو بقائي بلا شعر ولا أدب …*… وما حياتي إلا: الشعر والأدب
فقلت عفي وكفي عن معاتبتي …*… ما نعمة العيش إلا: الشعر والأدب
لقد فنيت غراما فيهما فهما …*… روحي وما أنا إلا: الشعر والأدب
وصف فوارة
(شاهد الشاعر فوارة بديعة الشكل في حديقة عامة بمدينة باتنة فوصفها بهذه القصيدة)!
•---------------------------------•
يا حبذا عين تفور …*… حفت بحافتها الزهور
باتت "بباتنة" تفيـ …*… ـض على سرائرنا السرور
في روضة غناء قد …*… غنت بساحتها الطيور
في حوضها ماء يجو …*… ل كأنه فلك يدور
وترى الفقاقع كالكوا …*… كب فيه تطلع أو تغور
وترى به الأسماك تلمـ …*… ـع كاللآلئي في النحور
تلهو وتمرح لا تحـ …*… ـس بحبسها بين الصخور
مثل الطيور الغاديا …*… ت الرائحات على الوكور
بينا مياه في صعو …*… د إذ مياه في حدور
فكأنها رتب العبا …*… د يديرها صرف الدهور
أو كالرياح فمن قبو …*… ل ناوحتك ومن دبور
يا حبذا فوارة …*… نضحتك من ماء طهور
فكأنها قارورة …*… حوت الرفيع من العطور
قد ضمختك وأسكرتـ …*… ـك ولا كسؤوس ولا خمور
تركت شعورك بالعبيـ …*… ـر يطاول الشعرى العبور
يا عين جددت النشا …*… ط لنا وبددت الفتور
فلأنت أجمل قينة …*… غنت فأطربت الحضور
هذا خريرك يستفـ …*… ـز بلحنه أهل القبور
صلت مياهك للالا …*… هـ صلاة إشراق ونور
فكأنها داوود في …*… محرابه يتلو الزبور
قد جئت ظلك زائرا …*… حسبي بظلك من مزور
فوجدت حسنا فيك لا …*… يطغى علي ولا يجور
متواضعا لا بالنفو …*… ر إذا اقتربت ولا الفخور
الحسن فيك ككهرباء …*… قوية يذكي الشعور
الحسن فيك مجدد …*… بين العشية والبكور
الحسن فيك ممحض …*… لا ريب فيه ولا غرور
ولرب ذي وجه جميـ …*… ـل نفسه مأوى الشرور
قل للأديب هوى الطبيـ …*… ـعة لا يحول ولا يجور
فاهو الطبيعة إنها …*… أم تحوطك بالبرور
حب الطبيعة طاهر …*… لا فسق فيه ولا فجور
يا فؤادي
أطلت انتقادي …*… فمه يا فؤادي
لقد ذدت عني …*… لذيذ الرقاد
بوخزك جنبي …*… كوخز القتاد
ووريك نفسي …*… كوري الزناد
أفي كا ليل …*… بويل تنادي
كأنك ثكلى …*… غلت في الحداد
أبى الله إلا …*… بلاء العباد
بخلف التمني …*… وعكس المراد
فما باختياري ضياع اجتهادي
وثقت بدهري …*… لسخف اعتقادي
ومن فرط حمقي …*… سخائي بزادي
وقصدي صلاحا …*… بأرض الفساد
وعرضي نفيسا …*… بسوق الكساد
هي الأرض مهد …*… لشتى العوادي
أرى ضر زيد …*… بها من زياد
وتفكيرسعد …*… بها في سعاد
أرى الغي يفشو …*… بها في ازدياد
وفي الدين داع …*… إلى الرشد هادي
ولله لطفان …*… خاف وبادي
فماخاب ملق …*… له بالقياد
لك الله فاصحبر …*… بدار النكاد
فكل متاع …*… بها للنفاد
زماند حرب …*… لحر المبادي
وجيلك مغرى …*… بجحد الأيادي
خف الله وارقب …*… ثواب المعاد
نشرت بالعدد (159) من جريدة البصائر في 31 مارس 1936م.
•---------------------------------•
المرء ما المرء سليل الثرى …*… لا غرو أن يشبه جلموده
عالجه الرسل بتأديبهم …*… فلم يلن تأديبهم عوده
لا يخدم المرء سوى نفسه …*… ولو حوى في الخلق محوده
قد يفعل الخيرله معلنا …*… وليس فعل الخير مقصوده
ويوسع الكل بإحسانه …*… رفدا ليستعبد مرفوده
من أثرة النفس ومن حبها …*… محبة الوالد مولوده
لا تحمد المرء لمشهوده …*… فغيبه ينكرمشهوده
إذا أطاع المرء ذا دعوة …*… فبأسه يلحظ أو جوده
لو لم تكن نار ولا جنة …*… لما أطاع المرء معبوده
أين "ليلاي"
أين (ليلاي) أينها …*… حيل بيني وبينها
هل قضت دين من قضى …*… في المحبين دينها
أصحلت القلب نارها …*… وأذاقته حينها
مذ تعرفت سرها …*… وتعشق زينها
روعتني ببينها …*… لا رعى الله بينها
فتعلقت بالطيو …*… ف اللواتي حكينها
وتعللت بالمنى …*… فتبينت مينها
مالـ (ليلاي) لم تصل …*… مهجات فدينها
وقلوبا علقنها …*… وعيونا بكينهما
ايه يا عيني اذرفي …*… لن تري بعد عينها
السماوات والأرا …*… ضي جميعا نفينها
كم تساءلت سالكا …*… أنهجا ما حوينها
لم يجبني سوى الصدى …*… أين (ليلاي) أينها؟! (1)
__________
(1) نشرت في (الشهاب) ج: (7) و (14) في سبتمبر1938م بتعليق الأستاذ الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس، هذا نصه:
جاء في "الأغاني" ج: 3، ص: 291 ما يلي:
"أخبرني عمي، قال حدثنا الحزنبل عن عمرو ابن أبي عمرو وقال .. بلغني أن الحسن بن زيد دعا بابن المولى فاغلظ له وقال: أتشبب بحرم المسلمين، وتنشد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الأسواق والمحافل ظاهرا؟
فحلف له بالطلاق أنه ما تعرض لمحرم قط ولا شبب بامرأة مسلم ولا معاهدة قط.
قال فمن ليلى هذه التي تذكر في شعرك؟ فقال له .. امرأتي طالق إن كانت إلا قوسي هذه، سميتها ليلى لأذكرها في شعري. فإن الشعر لا يحسن إلا بالتشبيب، فضحك الحسن ثم قال: إذا كانت القصة هذه فقل ما شئت.
فمن هي ليلى شاعرنا يا ترى؟ ليست له قوس ولكن له مروحة، فهل يعني هو الاخر مروحته؟ إن محمد العيد الذي يشعر شعور لشعب ويتخيل خيال الشعب، لا تشغله قوس ولا مروحة ولكن لا تفتنه- وهوالبلبل الغريد في قفص .. - إلا الحرية فهل يوافق على هذا بعض من ينقصهم شيء من السياسة ليفهموا؟
وقد أيد الشاعر هذا أخيرا في قصيدته الطويلة "ملحمة الثورة والاستقلال" فقال:
ليلاي فيك تعطفت بوصالها!! …*… نشفت به مجنونها المستهترا
قوس قزح
"قوس الله لا قوس قزح" حديث شريف".
نشرت في البصائر سنة 1939.
•---------------------------------•
أنظر إلى الأفق ضحا …*… بكل لون وضحا
تفتح القلب لإشـ …*… ـراق به تفتحا
أنظر إلى قوس بدا …*… في عرضه مستملحا
من نوره قدحت زنـ …*… ـد الفكر حتى انقدحا
وشى به ذات البرو …*… ج ربنا ووشحا
لا غرو أن تزهو كالـ …*… ـخود به وتمرحا
كأنه أرجوحة …*… فيها السحاب ارتجحا
أو خنجر به القضا …*… ء في الفضاء طوحا
أو صحولجان في السما …*… ء بالسلام لوحا
أو ذيل طاووس بها …*… في خلدها تفسحا
أو كم حوراء به …*… تومي إلى من صلحا
أو محجن الدهر على الـ …*… أرض به ترنحا
أو قوس نصر وسع النجـ …*… ـد بها والأبطحا
أو فلك بحر معلم الرأ …*… س إلى الحج انتحى
قوس أغر جل عن …*… أشباهه ورجحا
قد أطلق الشاعر فيـ …*… ـه طرفة وسرحا
لاكنه سرعان ما …*… لاح له حتى امحى
وغاب عنه بارحا …*… يا ليته ما برحا
...
ياقوس حيرت النهى …*… فمن راك سبحا
لو وجد الإفصاح عنـ …*… ـك واصف لأفصحا
سر الطبيعة استوى …*… فيه (إياس) و (جحا)
سبحان من بك جلا …*… عنا الأسى وزحزحا
زان بك الأفق كما …*… زان الصباح بالضحى
أراك قوس الله ما …*… أراك قوس قزحا
يا ليل
نشرت في العدد 145 من البصائر سنة 1951م
•---------------------------------•
يا ليل طلت جناحا …*… متى تريني الصباحا
أرى الكرى صد عنيي …*… بوجهه وأشاحا
أمسى علي حراما …*… ما كان منه مباحا
قد ضمت بالهم ذرعا …*… وما وجدت انشراحا
ملت فراشي نفسي …*… واستوحشت منه ساحا
كأنني رهن سجن …*… لم أرج منه سراحا
كأن تحتي شوكا …*… يشوكني أو رماحا
أبيت وسنان مضنى …*… أرجو المنى أن تتاحا
ظمآن أنشد ماء …*… يشفي الغليل قراحا
أجيل بالرأيى فكري …*… كمن يجيل القداحا
وانظم الشعر وردا …*… ونرجسا وأقاحا
تأبى البلابل إلا …*… ترنما وصداحا
وقد أرى الجد أجدى …*… فأستحب الكفاحا
وقد أرى الصبر أولى …*… فأطمئن ارتياحا
وقد يهم فؤادي …*… بأن يطير جماحا
وقد أسر بكائي …*… وقد أضج نواحا
ولا يقر قراري …*… إلا إذا الديك صاحا
أرى أخا الشعر يسعى …*… ولا يصيب نجاحا
موكلا بخيال …*… في جوه الرحب ساحا
يخطو به خطوات …*… إلى الأمام فساحا
لكنها خائبات …*… نهاية وافتتاحا
في قلبه نزوات …*… مثل الزناد انقداحا
وفي حشاه سهام …*… قد أثخنته جراحا
أتى المسراب ليروى …*… يا ويحه واستماحا
فلم ير السؤل جدا …*… حتى استحال مزاحا
فلا جناح عليه …*… في يأسه لا جناحا
أقبح بآمال نفسي …*… وإن تبدت ملاحا
قد أوثقتني كتافا …*… فما استطعت براحا
كتمتها منذ حين …*… لكن بها الشعر باحا
إن الشعور لداء …*… أضر بي وأطاحا
من لا شعور بشيء …*… له نجا واستراحا
يا ليل أسرفست بردا …*… وظلمة ورياحا
أطفئ حروبك عنا …*… ولا تزدها لقاحا
وقف لنعقد حلفا …*… ما بيننا واصحطلاحا
إنا عليك اقترحنا …*… فما أجبت اقتراحا
ياليل ما فيك نجم …*… جلا الدجى وأزاحا
إلا كواكب حيرى …*… لم تتضح لي اتضاحا
بطيئة لست أدري …*… بها ونى أم كساحا
تحكي أدلاء قومي …*… مرضى تسوس صحاحا
من غلمة تتمارى …*… وشيخة تتلاحى
ودوا النزاع فكانوا …*… مثل الكباش نطاحا
أخشى على الشعب هلكا …*… يبيده واجتياحا
من ألسن قاذفات …*… تروى القبيح فصاحا
وأنفس خائنات …*… تهوى الخنى والسفاحا
ومن قوانين جور …*… سلت عليها صفاحا
ومن شقاء ملح …*… غدا عليه وراحا
من أين يفلح شعب …*… أبى الهدى والصلاحا
خاض الميادين دعوى …*… فأعقبته افتضاحا
لأنه لم يهيء …*… غير الكلام سلاحا
إن كنت اعزل فارقب …*… من المغير اكتساحا
لا تنتظر منه خيرا …*… ولا ترج فلاحا
وإن يعدك بخير …*… يكذب عليك صراحا
إن قسته بـ (سجاح) …*… في الكذب فاق (سجاحا)
فايأس ولا تترقب …*… من المغير سماحا
اليأس يعقب روحا …*… لليائسين وراحا
واليأس بالحر أحرى …*… من أن يؤم شحاحا
ياليل كم فيك عاد …*… داس الحمى واستباحا
إلى متى أنت داج …*… تغشى الربى والبطاحا
نفسي إلى الفجر تاقت …*… متى أرى الفجر لاحا؟
متى جناحك يطوى …*… يا ليل طلت جناحا!
يا هزاري
نشرت في العدد 170 من جريدة البصائر سنة 1951
•---------------------------------•
ناجني نجوى ادكار …*… واشدلي ليل نهار
…*… قد دنا فك الإسار يا هزاري …*…
عبثا أبكي وتبكي شجنا …*… تارة سرا وطورا علنا
لم نجد في الأرض من يرثى لنا …*… غير واه في مثل الزندواري
…*… فاصطبر مثل اصطباري يا هزاري …*…
أنت رمزي وشعاري …*… أنت سيفي ذوالفقار
…*… أنت مزماري وطاري يا هزاري! …*…
غير أنا فاتنا نيل المنى …*… فتولانا فتور وعنا
خبت في الشدو كما خبت أنا …*… في حياتي فتمنيت احتضاري
…*… وتبرمت بداري يا هزاري! …*…
عاطني كأس عقار …*… من عصارات ابتكاري
…*… أنت ندماني وجاري يا هزاري …*…
عاطني من خمرة الأمال جاما …*… إن فيها نشوة تحيي العظاما
إن فيها لي بردا وسلاما …*… من لظى اليأس ومن نارالخسار
…*… وادع لي ذات الفخار يا هزاري! …*…
أشرقت مثل الدراري …*… ورنت خلف الستار
…*… ترتجى خوض الغمار يا هزاري! …*…
إن تكن ولهان فيها مستهاما …*… فاقتحم معقلها الوعر اقتحاما
أو ترد منها التفاتا وابتساما …*… فترنم بأهازيج الضواري
…*… وتهيأ للطواري يا هزاري!! …*…
الشعر والأدب
أنا ابن جدي وقومي السادة العرب …*… وحرفتي ما حييت: الشعر والأدب
أنفقت وقتي في شعر وفي أدب …*… لا شغل عندي إلا: الشعر والأدب
ولا غذاء به أحيا بغير طوى …*… منعم البال إلا: الشعر والأدب
أسالم الناس في عيشي فإن عمدوا …*… إلى خصامي فسيفي: الشعر والأدب
وإن دعاني قومي أن أناصرهم …*… فعدتي في انتصاري: الشعر والأدب
قل للملوك مقالا من أخي ثقة …*… دليله في الحياة: الشعر والأدب
لا ملك لا عز فيما تفخرون به …*… ما الملك والعز إلا: الشعر والأدب
وقل لمن هام في مال له لبد …*… ما المال ويحك إلا: الشعر والأدب
وقل لمن هام في حب الجمال لقد …*… أخطأت إن الجمال: الشعر والأدب
وقل لمن هام في رشف المدام هوى …*… ما نشوة الخلد إلا: الشعر والأدب
ورب عاتبة لي في سبيلهما …*… تقول لي قد شجاك: الشعر والأدب
ترجو بقائي بلا شعر ولا أدب …*… وما حياتي إلا: الشعر والأدب
فقلت عفي وكفي عن معاتبتي …*… ما نعمة العيش إلا: الشعر والأدب
لقد فنيت غراما فيهما فهما …*… روحي وما أنا إلا: الشعر والأدب
وصف فوارة
(شاهد الشاعر فوارة بديعة الشكل في حديقة عامة بمدينة باتنة فوصفها بهذه القصيدة)!
•---------------------------------•
يا حبذا عين تفور …*… حفت بحافتها الزهور
باتت "بباتنة" تفيـ …*… ـض على سرائرنا السرور
في روضة غناء قد …*… غنت بساحتها الطيور
في حوضها ماء يجو …*… ل كأنه فلك يدور
وترى الفقاقع كالكوا …*… كب فيه تطلع أو تغور
وترى به الأسماك تلمـ …*… ـع كاللآلئي في النحور
تلهو وتمرح لا تحـ …*… ـس بحبسها بين الصخور
مثل الطيور الغاديا …*… ت الرائحات على الوكور
بينا مياه في صعو …*… د إذ مياه في حدور
فكأنها رتب العبا …*… د يديرها صرف الدهور
أو كالرياح فمن قبو …*… ل ناوحتك ومن دبور
يا حبذا فوارة …*… نضحتك من ماء طهور
فكأنها قارورة …*… حوت الرفيع من العطور
قد ضمختك وأسكرتـ …*… ـك ولا كسؤوس ولا خمور
تركت شعورك بالعبيـ …*… ـر يطاول الشعرى العبور
يا عين جددت النشا …*… ط لنا وبددت الفتور
فلأنت أجمل قينة …*… غنت فأطربت الحضور
هذا خريرك يستفـ …*… ـز بلحنه أهل القبور
صلت مياهك للالا …*… هـ صلاة إشراق ونور
فكأنها داوود في …*… محرابه يتلو الزبور
قد جئت ظلك زائرا …*… حسبي بظلك من مزور
فوجدت حسنا فيك لا …*… يطغى علي ولا يجور
متواضعا لا بالنفو …*… ر إذا اقتربت ولا الفخور
الحسن فيك ككهرباء …*… قوية يذكي الشعور
الحسن فيك مجدد …*… بين العشية والبكور
الحسن فيك ممحض …*… لا ريب فيه ولا غرور
ولرب ذي وجه جميـ …*… ـل نفسه مأوى الشرور
قل للأديب هوى الطبيـ …*… ـعة لا يحول ولا يجور
فاهو الطبيعة إنها …*… أم تحوطك بالبرور
حب الطبيعة طاهر …*… لا فسق فيه ولا فجور
يا فؤادي
أطلت انتقادي …*… فمه يا فؤادي
لقد ذدت عني …*… لذيذ الرقاد
بوخزك جنبي …*… كوخز القتاد
ووريك نفسي …*… كوري الزناد
أفي كا ليل …*… بويل تنادي
كأنك ثكلى …*… غلت في الحداد
أبى الله إلا …*… بلاء العباد
بخلف التمني …*… وعكس المراد
فما باختياري ضياع اجتهادي
وثقت بدهري …*… لسخف اعتقادي
ومن فرط حمقي …*… سخائي بزادي
وقصدي صلاحا …*… بأرض الفساد
وعرضي نفيسا …*… بسوق الكساد
هي الأرض مهد …*… لشتى العوادي
أرى ضر زيد …*… بها من زياد
وتفكيرسعد …*… بها في سعاد
أرى الغي يفشو …*… بها في ازدياد
وفي الدين داع …*… إلى الرشد هادي
ولله لطفان …*… خاف وبادي
فماخاب ملق …*… له بالقياد
لك الله فاصحبر …*… بدار النكاد
فكل متاع …*… بها للنفاد
زماند حرب …*… لحر المبادي
وجيلك مغرى …*… بجحد الأيادي
خف الله وارقب …*… ثواب المعاد
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
جمال الريف في هذه القصيدة تظهر براعة الشاعر وقدرته على الوصف بالرغم من أنه لم يكثر منه في شعره.
جمال الريف
في هذه القصيدة تظهر براعة الشاعر وقدرته على الوصف بالرغم من أنه لم يكثر منه في شعره.
•---------------------------------•
هزك للشعر حنات وأشواق …*… وعاودتك حساسات وأذواق
اليوم صدرك للأفراح منشرح …*… فما عليه من الأتراح أغلاق
أقم هنيئا فما في القلب موجدة …*… ونم قريرا فما بالعين إراق
حيتك في البدو كل الكائنات به …*… الريح عازفة والروض صفاق
والحقل محتفل الأشجارمن طرب …*… تشدو وتهفو به ورق وأوراق
والنهر في جنبات السفح منبسط …*… والماء في جنبات النهررقراق
وفي الكروم عناقيد تحف بها …*… كأنها في نحورالغيد أطواق
وفي المزارع قطعان منوعة …*… ضأن ومعز وأبقار وأنياق
تشدو الرعاة بسوق للغناء بها …*… وللغناء كما للشعر أسواق
لهم مزامير بالألحان صادحة …*… كأنها في صدى الوديان أبواق
والوحش سلوان في الغابات منطلق …*… والطير جذلان في الأوكار زقزاق
والشمس زاهرة في كل آونة …*… كأن إمساءها في العين إشراق
والبدر في الليل يبدوا زاهدا ورعا …*… له إلى الله إخبات وإطراق
أو عاشقا ساهرا في الحي منفردا …*… وقد غفت من رعاة الحي أحداق
يا ساهر الليل لا خانتك باصرة …*… ولا عداك على الغافين إشفاق
إنزل إلينا قليلا نصحب زمنا …*… فكلنا لجمال البدو عشاق
الكوخ أبهى من الأفلاك نيرة …*… والقصر يعلو طاق فوقه طاق
فقل لمن هو في نشدان راحته …*… إلى الحواضر بالجدان منساق
دع الحواضر لا يغررك زخرفها …*… فجوها قاتم كالغاز خناق
واغش البوادي تنعم في مرابعها …*… عيشا ويخطئك إعسار وإملاق
عيش البوادي نضير لا نظير له …*… وجوها لعضال الداء ترياق
فما كأودية البادين أودية …*… ولا كآفاقهم في الأرض آفاق
أنظر تجد خلل الأكواخ مائدة …*… تميد من فوقها بالرزق أطباق
مبسوطة لبني الإنسان مطلقة …*… على يد كلها بسط وإطلاق
يا رب شكرك حق لست أجحده …*… فما سواك لهذا الخير خلاق
صوت من الغيب
نشرت في العدد (159) من جريدة البصائر 31 مارس 1936.
•---------------------------------•
قم هنئ العشائرا …*… وأعلن البشائرا
وبالمنى فحدث النفـ …*… ـس وسل الخاطرا
فيومنا الحاضر لا …*… يشبه أمس الدابرا
وعصرنا الآتي حر …*… ي أن يفوق الحاضرا
أرى على الأفق من الـ …*… ـشرق سحابا ماطرا
يوشك أن ينبت في الـ …*… ـشرق نباتا ناضرا
أرى أمامي نهضة …*… كبرى وعصرا زاهرا
قف بي أحدثك حديـ …*… ـثا لي طريفا نادرا
أتى رئي الجن في …*… بعض الليالي شاعرا
كأنما هو (شصا …*… ر) إذ أتى (خنافرا) (1)
حف به في عالم النـ …*… ـوم ورف طائرا
وملأ البيت على الـ …*… ـشاعر طيبا عاطرا
فحدق الشاعر في …*… وجه الرئي حائرا
ماذا أرى؟ أرى محيـ …*… ـا كالصباح سافرا
أرى جبينا مشرق الـ …*… ـون وطرفا فاترا
__________
(1) خنافر اسم كاهن من كهان العرب وشصار اسم رئي من الجن كان يأتيه بالأخبار في زعمهم.
أرى قواما كالقضـ …*… ـيب سادلا غدائرا
أرى فتى من فتية الغـ …*… ـيب سادلا غدائرا
أرى فتى من فتية الغـ …*… ـيب جميلا ساحرا
أرى فتى يبسم عن …*… ثغر جلا الدياجرا
كأنه حق عقيـ …*… ـق مفعم جواهرا
يحمل في أحضانه الأ …*… عراف والأزاهرا
محنية أهلة …*… مثنية ضفائرا
عليه هالة من النـ …*… ـور تسر الناظرا
يا عجبا تراه جنـ …*… ـنا أم ملاكا طاهرا؟
سبحان من صور لي …*… هذا الجمال الباهرا
يا زائرا لم أر أبـ …*… ـهى قط منه زائرا
يا مالكا عواطفي …*… علي والمشاعرا
أراك أوتيت من الـ …*… ـنعمة حظا وافرا
أرى عليك أثر الـ …*… ـيمن يلوح ظاهرا
عساك معلنا بأنبـ …*… ـاء السماء جاهرا
قل .. أتسمع لك مطـ …*… ـيعا وأجبك شاكرا
قال .. طويت عالم الـ …*… ـغيب إليك سائرا
مغادرا مراتع الـ …*… ـأرواح والحظائرا
وحاملا إليك سـ …*… ـرا يشرح السرائرا
فكن إذا لما سألـ …*… ـقيه عليك ذاكرا
وكن إذا له مذ …*… يعا في البلاد ناشرا
سمعت صوتا من غيا …*… بات الغيوب صادرا
قد آن للمسلم أن …*… يستمرئ المصائرا
إن له في صفحة ألأر …*… ض لرسما فاخرا
يأبى له الالاه أن …*… يبقى ذليلا صاغرا
كوني له يا أرض فر …*… دوسا كأمس زاخرا
كوني له أسرة …*… كوني له منابرا
غدا يذل الله من …*… يطغى عليك جائرا
غدا يصير كل مقـ …*… ـهورعليك قاعرا
وهاتفا من قبل الـ …*… ـعرش يقول آمرا
يا روح رح إلى بني الـ …*… ـأرض وسر مبادرا
واختر لهذا الشأن في …*… الأرض سفيرا ماهرا
فلم أجد غيرك للـ …*… ـكشف عليه قادرا
ألست آسيا لأهـ …*… ـواء القلوب آسرا؟
إن من الشعر لوحـ …*… ـيا يكشف الضمائر!
فاستيقظ الشاعر جذ …*… لان وقام باكرا
ولم يزل يدعو القرى …*… لليمن والحواضرا
حتى نفى الشؤم من الأ …*… رض وعاد ظافرا
ومن وعى قاس على الـ …*… ـنظائر النظائرا
يا شعب قم على الهمو …*… م والشؤوم ثائرا
يا شعب جد الجد فانـ …*… ـهض واكسب المفاخرا
يا شعب رض بالصالحا …*… ت أرضك الجزائرا
واتبع بها معالم الأ …*… جداد والمآثرا
قد أنجبت وتنجب الأ …*… حرار والحرائرا
ما بر أمه الولو …*… د من يراها عاقرا
قل للألى هبوا إلى …*… داعي العلى نوافرا
سيروا على ضوء اليقـ …*… ـين تأمنوا المعاثرا
فالله خير حافظا …*… والله خير ناصرا
عسى الاله أن يكو …*… ن للكسير جابرا
وأن يكون لحماه …*… المستباح غائرا
فهو المعز أولا …*… وهوالمعز آخرا
اقتران اضداد
رأى الشاعر ذات مرة فتاة تضحك وتمسك بحمار لها فقال متسائلا:
•---------------------------------•
فتاة ضحوك أمسكت بحمارها …*… أحسن وقبح؟! كيف يجتمعان؟
إذا اختلفا في الحسن والقبح صورة …*… فما اختلفا في وحدة الحيوان
وكيف تميز الشيء إلا بضده …*… لذاك ترى الضدين يقترنان
تأمل تر الأضداد في كل كائن …*… فكم من قباح قورنت بحسان
يشاهدها الانسان في كل حادث …*… وفي كل مرئي بكل مكان
فسلم لمن أجرى- كما شاء- سنة …*… بديعة ضع من قديم زمان
يا بحر
يا بحر أفديك بحرا …*… ملكت قلبي سحرا
بهرتني بصنوف …*… من المفاتن كبرى
أرى عليك مآت …*… من المناظر تترى
تبدو مياهك زرقا …*… للناظرين وخضرا
فليس لونك ليلا …*… كمثل لونك فجرا
وليس لونك صبحا …*… كمثل لونك ظهرا
حاولت حصرك وصفا …*… فلم أطق لك حصرا
يا بحر أنت أنيسي …*… إن ضقت بالهم صدرا
حسبي جوارك إني …*… أرى جوارك ذخرا
أطريت حسنك مدحا …*… يا بحر والحسن يطرى
أغريتني بك حسنا …*… فلم أزل بك مغرى
من فيك يسبح جسما …*… ففيك أسبح فكرا
مهما عجبت لأمر …*… فأنت أعجب أمرا
يا أبيض العرض جرت …*… لك الشواطئ وزرا
على الشواطئ سيل …*… من الفضائح أزرى
تلقى الفتاة فتاها …*… كلاهما فيك معرى
يكاشفانك فحشا …*… ويسمعانك هجرا
فالقلب من ذاك آس …*… والعين من ذاك عبري
أراك كالنمر وثبا …*… أراك كالليث زأرا
هل أنت ترقص لهوا …*… أم أنت تطفح سكرا
قد رق جوك لطفا …*… وراق ماؤك طهرا
تنوعت فيك فلك …*… بالنار والريح تجرى
ففي المراسي قصور …*… قصر يشارف قصرا
وإن تغص فأفاع …*… يهابها الحوت ذعرا
سريعة فيك سبحا …*… ذريعة فيك مخرا
كأنها قافلات …*… تجتاز صحراء قفرا
فلم تدع لك مرسى …*… لم تجر فيه ومسرى
ولم تدع لك جزءا …*… لم تمتلكه وشطرا
ولم تدع لك سطحا …*… لم تمتلكه وقعرا
فكنت للبعض حصنا …*… وكنت للبعض قبرا
أخشى غدا فيه تغدو …*… ازبادك البيض حمرا
أخشى وغى فيك تحمى …*… فتقلب الماء جمرا
أمست مراسيك ترعى …*… مراصد الشهب سهرى
فيها دوارع غبر …*… تحوي دوارع غبرا
ويل لمن جاز حدا …*… أو ميت تقدم شبرا
وكل من رام حربا …*… فإنما رام خسرا
يا أبيض الوجه نالت …*… إفريقيا بك فخرا
نالت بفضلك خيرا …*… من الجزيرة وفرا
فكم من العرب غاز …*… لها تخطاك جسرا
فقام بالدين فيها …*… وبالفضيلة نشرا
وقائد فيك حر …*… ساق الأعاجم أسرى
والحر إن ثار يطغى …*… كالليث إن جاع يضرى
أحب فيك ثباتا …*… على الخطوب وصبرا
أحب فيك هزوءا …*… بالأقوياء وسخرا
أحب فيك جمالا …*… من الطبيعة نضرا
أحب فيك أديما …*… صفا وأشرق بشرا
لأنت بالحب أولى …*… من الحسان وأحرى
فلست تخلف وعدا …*… ولست تضمرغدرا
ولست تهتك عرضا …*… ولست تكشف سترا
حب الطبيعة دأب …*… لكل من قال شعرا
أرى بك الموج جندا …*… أرى الشواطئ ثغرا
ما أنشب الموج حربا …*… إلا تغلب نصرا
كم زنت بالحلي كفا …*… وزنت بالحلي نحرا
من شم منك نسيما …*… كأنما شم عطرا
أوليتني منك فضلا …*… فجئت أوليك شكرا
فهل إلى خير أرض …*… تقلني منك ظهرا
عساي أطرح ذنبا …*… عني وأربح أجرا
عساي أقرى بدار …*… في ظلها الحر يقرى
هببت لو كنت ريحا …*… وطرت لو كنت نسرا
إلى حمى عربي …*… يسمو به الحر قدرا
براك باريك جدوى …*… للعالمين وذكرا
فكنت للرسم لوحا …*… وللطبيعه سفرا
يقلب الدهر صحفا …*… لديك يمنى ويسرا
نطالع الغيب فيها …*… كمن يطالع جفرا
أراك بالموج ترمي …*… صخرا وتجذب صخرا
هل أنت للبر خصم …*… أو طالب منه وترا
كأن سطحك أفق …*… يبدي كواكب زهرا
البدر في الليل يجري …*… أنواره فيك نهرا
والشمس ي الصبح تذري …*… فيك الأشعة تبرا
هل الطبيعة صارت …*… طبيعة فيك أخرى
كم ليلة بت حولي …*… كالفحل تهدر هدرا
دوي موجك أحلى …*… من المعازف نبرا
أعز حولك شعبا …*… يساق للذل قهرا
وأغن حولك قوما …*… يشكون بؤسا وفقرا
هذا وداع محب …*… ينوي فراقك دهرا
ما عنده رأس مال …*… إلا أماني حسرى
يا بحر إن ضاق أمر …*… قد يحدث الله أمرا
لا بد من بعد عسر …*… أن يجعل الله يسرا
زلزلة الأصنام
نشرت بجريدة البصائر عدد 288 سنة 1954م.
•---------------------------------•
ويح الجزائر ما دهاها مالها …*… تدعو دراك وتستغيث رجالها
ويح الجزائر أصبحت مكروبة …*… ولهى تئن فمن يكون ثمالها
مفجوعة ثكلت فتاة برة …*… حسناء شوهت المنون جمالها
تذري على الأصنام صيب دمعها …*… وتردد الزفرات مما نالها
أسفي على الأصنام رجت دورها …*… تحت الظلام وزلزلت زلزالها
مارجها الزلزال حتى ردها …*… بعد الأناقة دمنة وأحالها
تجتاح أرواح الشقاء ديارها …*… وتجوس أشباح الفناء خلالها
تقف الوفود بها صوامت تجتلى …*… آثارها وترى بها أطلالها
تسدى العزاء إلى بقايا أهلها …*… بعد المصاب وتشكر استبسالها
وتناول الجرحى وسائل برئها …*… عطفا وتجزل للجياع نوالها
بدع أصاب من الزلزال أرضها …*… فأزاح بهجة عيشها وأزالها
ودهى جميع قلاعها ورباعها …*… وضياعها ودهى البلاد حيالها
أخلى أواهلها وخلى حولها …*… سبعين ألفا تطلب المأوى لها
تتجاذب الخبراء حبل حديثه …*… وعلى حقيقته تطيل جدالها
هل كان بعض صواعق جوية …*… الله قدر وحده إنزالها
أم كان هزة تربة نارية …*… طغت المياه فسببت إشعالها
أم كان بعض تجارب ذرية …*… بعض المخابر دبراستعمالها
لم نكتشف سببا له متيقنا …*… إلا افتراضات نحوك خيالها
ما في خرائبه لشاهدها سوى …*… عبر تفك عن العقول عقالها
فترى الديار على الديار أكبها …*… وترى الجبال على الجبال أمالها
خرت مطأطئة الرؤوس فبددت …*… حول السفوح صخورها ورمالها
فكأنها سفن ببحر هائج …*… صخب تميل يمينها وشمالها
ولرب دار هزها من أسها …*… وأدارها مثل الرحى واجالها
ولرب دار زجها في هوة …*… فمحا مبانيها وأقبر آلها
وترى أعاصير الرياح أثارها …*… حربا تسدد للكبود نبالها
وترى الكواكب في سواد قاتم …*… مثل الثكالى استشعرت اسمالها
وترى أخاديد الشقوق رهيبة …*… في العمق توغل في الثرى ايغالها
فكأنها أحناء أودية بدت …*… لكن بنيران البخار أسالها
وترى بها القتلى هنا وهناك قد …*… طمس التراب على الثرى أشكالها
بينا قضوا في النوم زلفة ليلهم …*… في دورهم متفيئين ظلالها
إذ طاف بالبلوى عليهم طائف …*… خسف الديار وعجل استئصالها
عجبا لها من رجة أرضية …*… ما شاهد الجيل الحديث مثالها
دوت دوي الرعد ثم تدكدكت …*… بالآهلين وأخرجت اثقالها
وتتابعت رجاتها وتكررت …*… أنكالها فتجرعوا أنكالها
أردت قبيلة (راشد) وتذيلت …*… فاشهد (تنس) تجدبها أذيالها
وبواديى (شلف) ألم و (فضة) …*… تبصر إلى (مجانة) استرسالها
أودت بأعلاق التلاد وأزهقت …*… مهج العباد ومزقت أوصالها
وجرت حوادث قبلها لم تجر من …*… قبل الزلازل ضاعفت أهوالها
عوت الكلاب وخارت الأبقار في …*… هلع كأن قد ألهمت اقبالها
ولعل فيها عبرة لذوي النهى …*… وهدي يقي النفس اللجوج ضلالها
فالنفس لم تترك غرائز خبثها …*… والآدمية لم تدع صلصالها
وبنو الجزائر في سفاسف عيشهم …*… خلف اللذائذ ينشدون وصالها
ترجو الجزائر أن تناضل حرة …*… عن حقها فيعرقلون نضالها
وتحولت حكامها ظلامها …*… وتبدلت انصارها خذالها
فلذاك أنذرنا الإله برجة …*… في كل يوم نسمع استفحالها
كم كرمة ألوت بها وحديقة …*… عصفت بها ومن استغل غلالها
وسراية قد زينت بأسرة …*… تؤوي عرائس لا تحد دلالها
خسفت بها فتقوضت وتعوضت …*… من يمنها شؤما يقبح فالها
لم تبق ربات الحجال بها كما …*… لم تبق إلا في الحضيض حجالها
كم أسرة في عزها وجلالها …*… نشأت أضاعت عزها وجلالها
امست مشردة تهيم فقيرة …*… تبكي سعادتها وتندب مالها
كم مرضع صاد الحمام وحيدها …*… كالنسر صاد حمامة فاغتالها
فتحرقت حزنا عليه وأعولت …*… ترجو إغاثة من يعي اعوالها
وخريدة في الآنسات فريدة …*… نزل البلاء بها فحير بالها
صرخت من الانقاض تسأل نجدة …*… عجلى فلبى المنقذون سؤالها
خفوا اليها كالوعول تسابقت …*… نحو المكانس كي تجير غزالها
واستنقذوها من مخالب موتها …*… والخوف يوشك أن يثير خبالها
فنجت وصحت بالعلاج وأصبحت …*… برعاية الاسعاف تحمد حالها
إن الجزائر بالجميل مدينة …*… لمن افتدى الأسر الضياع وعالها
شكرا لمن أولى الضحايا منة …*… ترضى ومد يدا لها فأطالها
شكر الكل مكفن أمواتها …*… شكر الكل مكفل أطفالها
شكرا لمن آوى اليتامى واعتنى …*… بحياتها فاسترجعت آمالها
شكر المن أسدى إلى الجرحى يدا …*… بالمسعفات فأدركت ابلالها
شكرا لمصر وللعراق وسوريا …*… ولمن أسا أجراحنا ورثى لها
من كل جامعة سخت بإغاثة …*… وحكومة أبدت لنا أفضالها
أما الفئات المهملات فقل لها …*… أن الجزائر سجلت إهمالها
من قام بالحسنات فليك مكملا …*… إن الشرائع تبتغي إكمالها
والله ارحم راحم سبحانه …*… وسع الخلائق رحمة وأنالها
حد الحدود لها ولكن أجرمت …*… وتجرأت فاذاقها اعمالها
غفرانك اللهم إنا أمة …*… رزحى يحملها الهوى أحمالها
ناءت بها أغلالها فتقاعست …*… عن واجباتك فاكفها أغلالها
أشهدتنا قبل القيامة صورة …*… منها تنزيل عن النهى أسدالها
وترى نفوس الجاحدين حقيقة …*… هزئت بها وتعمدت إغفالها
إن القيامة بالوبال نذيرة …*… عفوا فانا لا نطيق وبالها
لم نتخذ ذخرا لفصل قضائها …*… إلا شفاعة من يقول أنا لها
فارفق بأمة مصطفاك محمد …*… واجعل إلى كنف السلام مآلها
في هذه القصيدة تظهر براعة الشاعر وقدرته على الوصف بالرغم من أنه لم يكثر منه في شعره.
•---------------------------------•
هزك للشعر حنات وأشواق …*… وعاودتك حساسات وأذواق
اليوم صدرك للأفراح منشرح …*… فما عليه من الأتراح أغلاق
أقم هنيئا فما في القلب موجدة …*… ونم قريرا فما بالعين إراق
حيتك في البدو كل الكائنات به …*… الريح عازفة والروض صفاق
والحقل محتفل الأشجارمن طرب …*… تشدو وتهفو به ورق وأوراق
والنهر في جنبات السفح منبسط …*… والماء في جنبات النهررقراق
وفي الكروم عناقيد تحف بها …*… كأنها في نحورالغيد أطواق
وفي المزارع قطعان منوعة …*… ضأن ومعز وأبقار وأنياق
تشدو الرعاة بسوق للغناء بها …*… وللغناء كما للشعر أسواق
لهم مزامير بالألحان صادحة …*… كأنها في صدى الوديان أبواق
والوحش سلوان في الغابات منطلق …*… والطير جذلان في الأوكار زقزاق
والشمس زاهرة في كل آونة …*… كأن إمساءها في العين إشراق
والبدر في الليل يبدوا زاهدا ورعا …*… له إلى الله إخبات وإطراق
أو عاشقا ساهرا في الحي منفردا …*… وقد غفت من رعاة الحي أحداق
يا ساهر الليل لا خانتك باصرة …*… ولا عداك على الغافين إشفاق
إنزل إلينا قليلا نصحب زمنا …*… فكلنا لجمال البدو عشاق
الكوخ أبهى من الأفلاك نيرة …*… والقصر يعلو طاق فوقه طاق
فقل لمن هو في نشدان راحته …*… إلى الحواضر بالجدان منساق
دع الحواضر لا يغررك زخرفها …*… فجوها قاتم كالغاز خناق
واغش البوادي تنعم في مرابعها …*… عيشا ويخطئك إعسار وإملاق
عيش البوادي نضير لا نظير له …*… وجوها لعضال الداء ترياق
فما كأودية البادين أودية …*… ولا كآفاقهم في الأرض آفاق
أنظر تجد خلل الأكواخ مائدة …*… تميد من فوقها بالرزق أطباق
مبسوطة لبني الإنسان مطلقة …*… على يد كلها بسط وإطلاق
يا رب شكرك حق لست أجحده …*… فما سواك لهذا الخير خلاق
صوت من الغيب
نشرت في العدد (159) من جريدة البصائر 31 مارس 1936.
•---------------------------------•
قم هنئ العشائرا …*… وأعلن البشائرا
وبالمنى فحدث النفـ …*… ـس وسل الخاطرا
فيومنا الحاضر لا …*… يشبه أمس الدابرا
وعصرنا الآتي حر …*… ي أن يفوق الحاضرا
أرى على الأفق من الـ …*… ـشرق سحابا ماطرا
يوشك أن ينبت في الـ …*… ـشرق نباتا ناضرا
أرى أمامي نهضة …*… كبرى وعصرا زاهرا
قف بي أحدثك حديـ …*… ـثا لي طريفا نادرا
أتى رئي الجن في …*… بعض الليالي شاعرا
كأنما هو (شصا …*… ر) إذ أتى (خنافرا) (1)
حف به في عالم النـ …*… ـوم ورف طائرا
وملأ البيت على الـ …*… ـشاعر طيبا عاطرا
فحدق الشاعر في …*… وجه الرئي حائرا
ماذا أرى؟ أرى محيـ …*… ـا كالصباح سافرا
أرى جبينا مشرق الـ …*… ـون وطرفا فاترا
__________
(1) خنافر اسم كاهن من كهان العرب وشصار اسم رئي من الجن كان يأتيه بالأخبار في زعمهم.
أرى قواما كالقضـ …*… ـيب سادلا غدائرا
أرى فتى من فتية الغـ …*… ـيب سادلا غدائرا
أرى فتى من فتية الغـ …*… ـيب جميلا ساحرا
أرى فتى يبسم عن …*… ثغر جلا الدياجرا
كأنه حق عقيـ …*… ـق مفعم جواهرا
يحمل في أحضانه الأ …*… عراف والأزاهرا
محنية أهلة …*… مثنية ضفائرا
عليه هالة من النـ …*… ـور تسر الناظرا
يا عجبا تراه جنـ …*… ـنا أم ملاكا طاهرا؟
سبحان من صور لي …*… هذا الجمال الباهرا
يا زائرا لم أر أبـ …*… ـهى قط منه زائرا
يا مالكا عواطفي …*… علي والمشاعرا
أراك أوتيت من الـ …*… ـنعمة حظا وافرا
أرى عليك أثر الـ …*… ـيمن يلوح ظاهرا
عساك معلنا بأنبـ …*… ـاء السماء جاهرا
قل .. أتسمع لك مطـ …*… ـيعا وأجبك شاكرا
قال .. طويت عالم الـ …*… ـغيب إليك سائرا
مغادرا مراتع الـ …*… ـأرواح والحظائرا
وحاملا إليك سـ …*… ـرا يشرح السرائرا
فكن إذا لما سألـ …*… ـقيه عليك ذاكرا
وكن إذا له مذ …*… يعا في البلاد ناشرا
سمعت صوتا من غيا …*… بات الغيوب صادرا
قد آن للمسلم أن …*… يستمرئ المصائرا
إن له في صفحة ألأر …*… ض لرسما فاخرا
يأبى له الالاه أن …*… يبقى ذليلا صاغرا
كوني له يا أرض فر …*… دوسا كأمس زاخرا
كوني له أسرة …*… كوني له منابرا
غدا يذل الله من …*… يطغى عليك جائرا
غدا يصير كل مقـ …*… ـهورعليك قاعرا
وهاتفا من قبل الـ …*… ـعرش يقول آمرا
يا روح رح إلى بني الـ …*… ـأرض وسر مبادرا
واختر لهذا الشأن في …*… الأرض سفيرا ماهرا
فلم أجد غيرك للـ …*… ـكشف عليه قادرا
ألست آسيا لأهـ …*… ـواء القلوب آسرا؟
إن من الشعر لوحـ …*… ـيا يكشف الضمائر!
فاستيقظ الشاعر جذ …*… لان وقام باكرا
ولم يزل يدعو القرى …*… لليمن والحواضرا
حتى نفى الشؤم من الأ …*… رض وعاد ظافرا
ومن وعى قاس على الـ …*… ـنظائر النظائرا
يا شعب قم على الهمو …*… م والشؤوم ثائرا
يا شعب جد الجد فانـ …*… ـهض واكسب المفاخرا
يا شعب رض بالصالحا …*… ت أرضك الجزائرا
واتبع بها معالم الأ …*… جداد والمآثرا
قد أنجبت وتنجب الأ …*… حرار والحرائرا
ما بر أمه الولو …*… د من يراها عاقرا
قل للألى هبوا إلى …*… داعي العلى نوافرا
سيروا على ضوء اليقـ …*… ـين تأمنوا المعاثرا
فالله خير حافظا …*… والله خير ناصرا
عسى الاله أن يكو …*… ن للكسير جابرا
وأن يكون لحماه …*… المستباح غائرا
فهو المعز أولا …*… وهوالمعز آخرا
اقتران اضداد
رأى الشاعر ذات مرة فتاة تضحك وتمسك بحمار لها فقال متسائلا:
•---------------------------------•
فتاة ضحوك أمسكت بحمارها …*… أحسن وقبح؟! كيف يجتمعان؟
إذا اختلفا في الحسن والقبح صورة …*… فما اختلفا في وحدة الحيوان
وكيف تميز الشيء إلا بضده …*… لذاك ترى الضدين يقترنان
تأمل تر الأضداد في كل كائن …*… فكم من قباح قورنت بحسان
يشاهدها الانسان في كل حادث …*… وفي كل مرئي بكل مكان
فسلم لمن أجرى- كما شاء- سنة …*… بديعة ضع من قديم زمان
يا بحر
يا بحر أفديك بحرا …*… ملكت قلبي سحرا
بهرتني بصنوف …*… من المفاتن كبرى
أرى عليك مآت …*… من المناظر تترى
تبدو مياهك زرقا …*… للناظرين وخضرا
فليس لونك ليلا …*… كمثل لونك فجرا
وليس لونك صبحا …*… كمثل لونك ظهرا
حاولت حصرك وصفا …*… فلم أطق لك حصرا
يا بحر أنت أنيسي …*… إن ضقت بالهم صدرا
حسبي جوارك إني …*… أرى جوارك ذخرا
أطريت حسنك مدحا …*… يا بحر والحسن يطرى
أغريتني بك حسنا …*… فلم أزل بك مغرى
من فيك يسبح جسما …*… ففيك أسبح فكرا
مهما عجبت لأمر …*… فأنت أعجب أمرا
يا أبيض العرض جرت …*… لك الشواطئ وزرا
على الشواطئ سيل …*… من الفضائح أزرى
تلقى الفتاة فتاها …*… كلاهما فيك معرى
يكاشفانك فحشا …*… ويسمعانك هجرا
فالقلب من ذاك آس …*… والعين من ذاك عبري
أراك كالنمر وثبا …*… أراك كالليث زأرا
هل أنت ترقص لهوا …*… أم أنت تطفح سكرا
قد رق جوك لطفا …*… وراق ماؤك طهرا
تنوعت فيك فلك …*… بالنار والريح تجرى
ففي المراسي قصور …*… قصر يشارف قصرا
وإن تغص فأفاع …*… يهابها الحوت ذعرا
سريعة فيك سبحا …*… ذريعة فيك مخرا
كأنها قافلات …*… تجتاز صحراء قفرا
فلم تدع لك مرسى …*… لم تجر فيه ومسرى
ولم تدع لك جزءا …*… لم تمتلكه وشطرا
ولم تدع لك سطحا …*… لم تمتلكه وقعرا
فكنت للبعض حصنا …*… وكنت للبعض قبرا
أخشى غدا فيه تغدو …*… ازبادك البيض حمرا
أخشى وغى فيك تحمى …*… فتقلب الماء جمرا
أمست مراسيك ترعى …*… مراصد الشهب سهرى
فيها دوارع غبر …*… تحوي دوارع غبرا
ويل لمن جاز حدا …*… أو ميت تقدم شبرا
وكل من رام حربا …*… فإنما رام خسرا
يا أبيض الوجه نالت …*… إفريقيا بك فخرا
نالت بفضلك خيرا …*… من الجزيرة وفرا
فكم من العرب غاز …*… لها تخطاك جسرا
فقام بالدين فيها …*… وبالفضيلة نشرا
وقائد فيك حر …*… ساق الأعاجم أسرى
والحر إن ثار يطغى …*… كالليث إن جاع يضرى
أحب فيك ثباتا …*… على الخطوب وصبرا
أحب فيك هزوءا …*… بالأقوياء وسخرا
أحب فيك جمالا …*… من الطبيعة نضرا
أحب فيك أديما …*… صفا وأشرق بشرا
لأنت بالحب أولى …*… من الحسان وأحرى
فلست تخلف وعدا …*… ولست تضمرغدرا
ولست تهتك عرضا …*… ولست تكشف سترا
حب الطبيعة دأب …*… لكل من قال شعرا
أرى بك الموج جندا …*… أرى الشواطئ ثغرا
ما أنشب الموج حربا …*… إلا تغلب نصرا
كم زنت بالحلي كفا …*… وزنت بالحلي نحرا
من شم منك نسيما …*… كأنما شم عطرا
أوليتني منك فضلا …*… فجئت أوليك شكرا
فهل إلى خير أرض …*… تقلني منك ظهرا
عساي أطرح ذنبا …*… عني وأربح أجرا
عساي أقرى بدار …*… في ظلها الحر يقرى
هببت لو كنت ريحا …*… وطرت لو كنت نسرا
إلى حمى عربي …*… يسمو به الحر قدرا
براك باريك جدوى …*… للعالمين وذكرا
فكنت للرسم لوحا …*… وللطبيعه سفرا
يقلب الدهر صحفا …*… لديك يمنى ويسرا
نطالع الغيب فيها …*… كمن يطالع جفرا
أراك بالموج ترمي …*… صخرا وتجذب صخرا
هل أنت للبر خصم …*… أو طالب منه وترا
كأن سطحك أفق …*… يبدي كواكب زهرا
البدر في الليل يجري …*… أنواره فيك نهرا
والشمس ي الصبح تذري …*… فيك الأشعة تبرا
هل الطبيعة صارت …*… طبيعة فيك أخرى
كم ليلة بت حولي …*… كالفحل تهدر هدرا
دوي موجك أحلى …*… من المعازف نبرا
أعز حولك شعبا …*… يساق للذل قهرا
وأغن حولك قوما …*… يشكون بؤسا وفقرا
هذا وداع محب …*… ينوي فراقك دهرا
ما عنده رأس مال …*… إلا أماني حسرى
يا بحر إن ضاق أمر …*… قد يحدث الله أمرا
لا بد من بعد عسر …*… أن يجعل الله يسرا
زلزلة الأصنام
نشرت بجريدة البصائر عدد 288 سنة 1954م.
•---------------------------------•
ويح الجزائر ما دهاها مالها …*… تدعو دراك وتستغيث رجالها
ويح الجزائر أصبحت مكروبة …*… ولهى تئن فمن يكون ثمالها
مفجوعة ثكلت فتاة برة …*… حسناء شوهت المنون جمالها
تذري على الأصنام صيب دمعها …*… وتردد الزفرات مما نالها
أسفي على الأصنام رجت دورها …*… تحت الظلام وزلزلت زلزالها
مارجها الزلزال حتى ردها …*… بعد الأناقة دمنة وأحالها
تجتاح أرواح الشقاء ديارها …*… وتجوس أشباح الفناء خلالها
تقف الوفود بها صوامت تجتلى …*… آثارها وترى بها أطلالها
تسدى العزاء إلى بقايا أهلها …*… بعد المصاب وتشكر استبسالها
وتناول الجرحى وسائل برئها …*… عطفا وتجزل للجياع نوالها
بدع أصاب من الزلزال أرضها …*… فأزاح بهجة عيشها وأزالها
ودهى جميع قلاعها ورباعها …*… وضياعها ودهى البلاد حيالها
أخلى أواهلها وخلى حولها …*… سبعين ألفا تطلب المأوى لها
تتجاذب الخبراء حبل حديثه …*… وعلى حقيقته تطيل جدالها
هل كان بعض صواعق جوية …*… الله قدر وحده إنزالها
أم كان هزة تربة نارية …*… طغت المياه فسببت إشعالها
أم كان بعض تجارب ذرية …*… بعض المخابر دبراستعمالها
لم نكتشف سببا له متيقنا …*… إلا افتراضات نحوك خيالها
ما في خرائبه لشاهدها سوى …*… عبر تفك عن العقول عقالها
فترى الديار على الديار أكبها …*… وترى الجبال على الجبال أمالها
خرت مطأطئة الرؤوس فبددت …*… حول السفوح صخورها ورمالها
فكأنها سفن ببحر هائج …*… صخب تميل يمينها وشمالها
ولرب دار هزها من أسها …*… وأدارها مثل الرحى واجالها
ولرب دار زجها في هوة …*… فمحا مبانيها وأقبر آلها
وترى أعاصير الرياح أثارها …*… حربا تسدد للكبود نبالها
وترى الكواكب في سواد قاتم …*… مثل الثكالى استشعرت اسمالها
وترى أخاديد الشقوق رهيبة …*… في العمق توغل في الثرى ايغالها
فكأنها أحناء أودية بدت …*… لكن بنيران البخار أسالها
وترى بها القتلى هنا وهناك قد …*… طمس التراب على الثرى أشكالها
بينا قضوا في النوم زلفة ليلهم …*… في دورهم متفيئين ظلالها
إذ طاف بالبلوى عليهم طائف …*… خسف الديار وعجل استئصالها
عجبا لها من رجة أرضية …*… ما شاهد الجيل الحديث مثالها
دوت دوي الرعد ثم تدكدكت …*… بالآهلين وأخرجت اثقالها
وتتابعت رجاتها وتكررت …*… أنكالها فتجرعوا أنكالها
أردت قبيلة (راشد) وتذيلت …*… فاشهد (تنس) تجدبها أذيالها
وبواديى (شلف) ألم و (فضة) …*… تبصر إلى (مجانة) استرسالها
أودت بأعلاق التلاد وأزهقت …*… مهج العباد ومزقت أوصالها
وجرت حوادث قبلها لم تجر من …*… قبل الزلازل ضاعفت أهوالها
عوت الكلاب وخارت الأبقار في …*… هلع كأن قد ألهمت اقبالها
ولعل فيها عبرة لذوي النهى …*… وهدي يقي النفس اللجوج ضلالها
فالنفس لم تترك غرائز خبثها …*… والآدمية لم تدع صلصالها
وبنو الجزائر في سفاسف عيشهم …*… خلف اللذائذ ينشدون وصالها
ترجو الجزائر أن تناضل حرة …*… عن حقها فيعرقلون نضالها
وتحولت حكامها ظلامها …*… وتبدلت انصارها خذالها
فلذاك أنذرنا الإله برجة …*… في كل يوم نسمع استفحالها
كم كرمة ألوت بها وحديقة …*… عصفت بها ومن استغل غلالها
وسراية قد زينت بأسرة …*… تؤوي عرائس لا تحد دلالها
خسفت بها فتقوضت وتعوضت …*… من يمنها شؤما يقبح فالها
لم تبق ربات الحجال بها كما …*… لم تبق إلا في الحضيض حجالها
كم أسرة في عزها وجلالها …*… نشأت أضاعت عزها وجلالها
امست مشردة تهيم فقيرة …*… تبكي سعادتها وتندب مالها
كم مرضع صاد الحمام وحيدها …*… كالنسر صاد حمامة فاغتالها
فتحرقت حزنا عليه وأعولت …*… ترجو إغاثة من يعي اعوالها
وخريدة في الآنسات فريدة …*… نزل البلاء بها فحير بالها
صرخت من الانقاض تسأل نجدة …*… عجلى فلبى المنقذون سؤالها
خفوا اليها كالوعول تسابقت …*… نحو المكانس كي تجير غزالها
واستنقذوها من مخالب موتها …*… والخوف يوشك أن يثير خبالها
فنجت وصحت بالعلاج وأصبحت …*… برعاية الاسعاف تحمد حالها
إن الجزائر بالجميل مدينة …*… لمن افتدى الأسر الضياع وعالها
شكرا لمن أولى الضحايا منة …*… ترضى ومد يدا لها فأطالها
شكر الكل مكفن أمواتها …*… شكر الكل مكفل أطفالها
شكرا لمن آوى اليتامى واعتنى …*… بحياتها فاسترجعت آمالها
شكر المن أسدى إلى الجرحى يدا …*… بالمسعفات فأدركت ابلالها
شكرا لمصر وللعراق وسوريا …*… ولمن أسا أجراحنا ورثى لها
من كل جامعة سخت بإغاثة …*… وحكومة أبدت لنا أفضالها
أما الفئات المهملات فقل لها …*… أن الجزائر سجلت إهمالها
من قام بالحسنات فليك مكملا …*… إن الشرائع تبتغي إكمالها
والله ارحم راحم سبحانه …*… وسع الخلائق رحمة وأنالها
حد الحدود لها ولكن أجرمت …*… وتجرأت فاذاقها اعمالها
غفرانك اللهم إنا أمة …*… رزحى يحملها الهوى أحمالها
ناءت بها أغلالها فتقاعست …*… عن واجباتك فاكفها أغلالها
أشهدتنا قبل القيامة صورة …*… منها تنزيل عن النهى أسدالها
وترى نفوس الجاحدين حقيقة …*… هزئت بها وتعمدت إغفالها
إن القيامة بالوبال نذيرة …*… عفوا فانا لا نطيق وبالها
لم نتخذ ذخرا لفصل قضائها …*… إلا شفاعة من يقول أنا لها
فارفق بأمة مصطفاك محمد …*… واجعل إلى كنف السلام مآلها
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
مواضيع مماثلة
» ديوان محمد العيد آل خليفة اجتماعيات وسياسيات
» ديوان محمد العيد آل خليفة أخلاقيات وحكميات
» ديوان محمد العيد آل خليفة إسلاميات وقوميات
» شيد خليفة أسألوه
» محمد إقبال >> قد سمعنا أن في عصر قديم
» ديوان محمد العيد آل خليفة أخلاقيات وحكميات
» ديوان محمد العيد آل خليفة إسلاميات وقوميات
» شيد خليفة أسألوه
» محمد إقبال >> قد سمعنا أن في عصر قديم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى