تأملات إيمانية في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} [الأعراف: 199
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تأملات إيمانية في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} [الأعراف: 199
تأملات إيمانية في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} [الأعراف: 199].
1- «هذه الآية من ثلاث كلمات: تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات، فقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} دخل فيه صلة القاطعين، والعفو عن المذنبين، والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين، ودخل في قوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار، وفي قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} الحض على التعلق بالعلم، والإعراض عن أهل الظلم، والتنزه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهلة الأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، والأفعال الرشيدة» قاله القرطبي.
2- هذه الآية أجمع آية في مكارم الأخلاق.
أخرج البخاري عن عبد الله بن الزبير –رضي الله عنه- {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} قال: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.
3- هذه الآية هدمت أنواع التفكير التي لا توصل إلى نتيجة ولا ينفع صاحبه ولا يعود عليه بخير؛ كالتفكير النقدي الذي لا يرى إلا إيجابيات نفسه ويرى جميع العيوب والنقص؛ فهو يهدم كل خير إن جاء عن غير طريق صاحبه.
وكالتفكير المقلد فلا يرى إلا حسنات من قَلَّده ويضع كل العيوب في الآخرين وقد يلجأ من أجل إظهار مناقب من قَلّده الى الكذب والتزوير والتدليس والتلبيس.
أو التفكير المشوش الغامض لعجزه عن إدراك العلاقات بين الأشياء، فتجده كثير المشاكل لأنه لا يحسن ربط المقدمات مع النتائج والبدايات مع العواقب والأعمال بخواتيمها.
أو التفكير المتشكك الجاهل فيشك في كل عمل وفي كل شخص.
أو التفكير المبالغ لدرجة الهوس فهو يضخم كل شيء ويجعل من الحبة قبة، ومن النملة فيلاً، وينسج من الرمال حبالاً أضخم من جبال الهملايا لكنها أرفع من أعواد الخيزران.
أو التفكير الجزئي الذي ينظر إلى الحدث والفعل مبتوراً عن سياقه منفصلاً عن سباقه فهو يركز على كلمة لا يدري أين موقعها من الحقيقة ولا يبحث عن صحتها، وإنما سمع كلمة تقال فقالها وحديثاً يروى فرواه وإشاعة فرددها وقد يكون في ذلك كله هلاكه.
أو التفكير السطحي الذي يكتفي بظاهر الأشياء ولا ينفذ إلى بواطنها وجوهرها {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون} [الروم:6و7].
ولذلك تراه يقع صيداً سهلاً للآخرين وبخاصة أصحاب التفكير الإدعائي، وتراه صاحب دعاوى عريضة وبطولات خيالية فما يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً فيكذب على الله وعلى رسوله وعلى الخلق ... وما يزال يكذب حتى يكذب على نفسه فيصدقها.
أو التفكير التسويغي (التبريري) حيث يبادر إلى إخلاء نفسه من أي مسؤولية في أمر ويلقي بالتبعة على الله أو العباد.
وهناك تفكير كلي تحليلي إبداعي تكون ثماره المشاريع الناجحة والحلول المفيدة ويضيف للحياة شيئاً ويستخلص العبر من الأحداث ويظهر الحقائق في جميع الأمور وهذا ما يأمرنا الله به في قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} فتفكير الإنسان يدل على شخصيته فجالس العلماء والحكماء وخذ ما عندهم من عفو وَأْمُر بما عندهم من المعروف وأعرض عن الجاهلين الحمقى لكي لا تكون على شاكلتهم.
4- في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} لطائف مع أن العفو يعط فالإنسان هو الذي يعطي العفو والصفح عن كلمة نابية جارحة أو موقف ظالم أو فرية تلوك عرضه وتستبيح دمه لكن التعبير القرآني يوضح حقائق كثيرة أهمها الحقائق النفسية لمن عفا وصفح وغفر.
أ- من عفا وصفح أراح نفسه من الهم والحزن والحسد والبغضاء وامتلأت نفسه راحة وطمأنية وسكينة فكأنه هو الآخذ المستفيد من العفو.
ب- من عفا فإنه يعرض عن الجاهلين ومستريح من العابثين فهو المستفيد من العفو.
ث- من عفا لم يزدد إلا عزاً ورفعة بفضل الله فهو في علو ورفعة وغيره في خمول وسفول.
ت- من عفا فهو محسن تأملوا قول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [آل عمران:134]. وبينما أحد السلف يصب عليه خادمه ماء من الإبريق سقط الإبريق وكسر وذهب الماء فنظر إلى خادمه فقال له الخادم: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} قال: كظمت غيظي، فقال الخادم: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}. قال: عفوت عنك. قال الخادم: {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} قال السيد: اذهب فأنت حر لوجه الله.
للاستماع اضغط هنا
1- «هذه الآية من ثلاث كلمات: تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات، فقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} دخل فيه صلة القاطعين، والعفو عن المذنبين، والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين، ودخل في قوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار، وفي قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} الحض على التعلق بالعلم، والإعراض عن أهل الظلم، والتنزه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهلة الأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة، والأفعال الرشيدة» قاله القرطبي.
2- هذه الآية أجمع آية في مكارم الأخلاق.
أخرج البخاري عن عبد الله بن الزبير –رضي الله عنه- {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} قال: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.
3- هذه الآية هدمت أنواع التفكير التي لا توصل إلى نتيجة ولا ينفع صاحبه ولا يعود عليه بخير؛ كالتفكير النقدي الذي لا يرى إلا إيجابيات نفسه ويرى جميع العيوب والنقص؛ فهو يهدم كل خير إن جاء عن غير طريق صاحبه.
وكالتفكير المقلد فلا يرى إلا حسنات من قَلَّده ويضع كل العيوب في الآخرين وقد يلجأ من أجل إظهار مناقب من قَلّده الى الكذب والتزوير والتدليس والتلبيس.
أو التفكير المشوش الغامض لعجزه عن إدراك العلاقات بين الأشياء، فتجده كثير المشاكل لأنه لا يحسن ربط المقدمات مع النتائج والبدايات مع العواقب والأعمال بخواتيمها.
أو التفكير المتشكك الجاهل فيشك في كل عمل وفي كل شخص.
أو التفكير المبالغ لدرجة الهوس فهو يضخم كل شيء ويجعل من الحبة قبة، ومن النملة فيلاً، وينسج من الرمال حبالاً أضخم من جبال الهملايا لكنها أرفع من أعواد الخيزران.
أو التفكير الجزئي الذي ينظر إلى الحدث والفعل مبتوراً عن سياقه منفصلاً عن سباقه فهو يركز على كلمة لا يدري أين موقعها من الحقيقة ولا يبحث عن صحتها، وإنما سمع كلمة تقال فقالها وحديثاً يروى فرواه وإشاعة فرددها وقد يكون في ذلك كله هلاكه.
أو التفكير السطحي الذي يكتفي بظاهر الأشياء ولا ينفذ إلى بواطنها وجوهرها {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون} [الروم:6و7].
ولذلك تراه يقع صيداً سهلاً للآخرين وبخاصة أصحاب التفكير الإدعائي، وتراه صاحب دعاوى عريضة وبطولات خيالية فما يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً فيكذب على الله وعلى رسوله وعلى الخلق ... وما يزال يكذب حتى يكذب على نفسه فيصدقها.
أو التفكير التسويغي (التبريري) حيث يبادر إلى إخلاء نفسه من أي مسؤولية في أمر ويلقي بالتبعة على الله أو العباد.
وهناك تفكير كلي تحليلي إبداعي تكون ثماره المشاريع الناجحة والحلول المفيدة ويضيف للحياة شيئاً ويستخلص العبر من الأحداث ويظهر الحقائق في جميع الأمور وهذا ما يأمرنا الله به في قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} فتفكير الإنسان يدل على شخصيته فجالس العلماء والحكماء وخذ ما عندهم من عفو وَأْمُر بما عندهم من المعروف وأعرض عن الجاهلين الحمقى لكي لا تكون على شاكلتهم.
4- في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} لطائف مع أن العفو يعط فالإنسان هو الذي يعطي العفو والصفح عن كلمة نابية جارحة أو موقف ظالم أو فرية تلوك عرضه وتستبيح دمه لكن التعبير القرآني يوضح حقائق كثيرة أهمها الحقائق النفسية لمن عفا وصفح وغفر.
أ- من عفا وصفح أراح نفسه من الهم والحزن والحسد والبغضاء وامتلأت نفسه راحة وطمأنية وسكينة فكأنه هو الآخذ المستفيد من العفو.
ب- من عفا فإنه يعرض عن الجاهلين ومستريح من العابثين فهو المستفيد من العفو.
ث- من عفا لم يزدد إلا عزاً ورفعة بفضل الله فهو في علو ورفعة وغيره في خمول وسفول.
ت- من عفا فهو محسن تأملوا قول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [آل عمران:134]. وبينما أحد السلف يصب عليه خادمه ماء من الإبريق سقط الإبريق وكسر وذهب الماء فنظر إلى خادمه فقال له الخادم: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} قال: كظمت غيظي، فقال الخادم: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}. قال: عفوت عنك. قال الخادم: {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} قال السيد: اذهب فأنت حر لوجه الله.
للاستماع اضغط هنا
عبدالحق شريف الرباطابي- المدير العام
-
عدد المساهمات : 556
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
العمر : 36
الموقع : السودان
رد: تأملات إيمانية في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} [الأعراف: 199
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين
جزاك الله خير جعلك الله من اهل القرآن وخاصتهو
جزاك الله خير جعلك الله من اهل القرآن وخاصتهو
شريف ابراهيم- نائب المدير العام
- عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
مواضيع مماثلة
» تفسير قوله تعالى: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾
» تفسير قوله تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
» تفسير قوله تعالى " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم "
» الكتب » تفسير القرآن العظيم » تفسير سورة البقرة » تفسير قوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة
» إرشاد السالك الى أشرف المسالك فى فقه الإمام مالك
» تفسير قوله تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
» تفسير قوله تعالى " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم "
» الكتب » تفسير القرآن العظيم » تفسير سورة البقرة » تفسير قوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة
» إرشاد السالك الى أشرف المسالك فى فقه الإمام مالك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى