منتديات أنوار المدينة
أهلاً وسهلااً بك زائرنا الكريم إذا كانت هذه زيارتك الأولى نرجو من حضرتك التسجيل
حتى تتمكن من استعمال العناوين الخارجية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات أنوار المدينة
أهلاً وسهلااً بك زائرنا الكريم إذا كانت هذه زيارتك الأولى نرجو من حضرتك التسجيل
حتى تتمكن من استعمال العناوين الخارجية
منتديات أنوار المدينة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ]

اذهب الى الأسفل

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ] Empty فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ]

مُساهمة من طرف شريف ابراهيم الخميس 1 يونيو 2017 - 11:47

[الحديث الضَّعِيفُ]
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الضَّعِيفُ.
90 - أَمَّا الضَّعِيفُ فَهْوَ مَا لَمْ يَبْلُغِ ... مَرْتَبَةَ الْحُسْنِ وَإِنْ بَسْطٌ بُغِي
91 - فَفَاقِدٌ شَرْطَ قَبُولٍ قِسْمُ ... وَاثْنَيْنِ قِسْمٌ غَيْرُهُ وَضَمُّ
92 - سِوَاهُمَا فَثَالِثٌ وَهَكَذَا ... وَعُدْ لِشَرْطٍ غَيْرِ مَبْدُوءٍ فَذَا
93 - قِسْمٌ سِوَاهَا ثُمَّ زِدْ غَيْرَ الَّذِي ... قَدَّمْتُهُ ثُمَّ عَلَى ذَا فَاحْتَذِي
94 - وَعَدَّهُ الْبُسْتِيُّ فِيمَا أَوْعَى ... لِتِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ نَوْعَا.
(أَمَّا الضَّعِيفُ فَهُوَ مَا لَمْ يَبْلُغِ مَرْتَبَةَ الْحَسَنِ) وَلَوْ بِفَقْدِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَلَا احْتِيَاجَ لِضَمِّ الصَّحِيحِ إِلَيْهِ ; فَإِنَّهُ حَيْثُ قَصُرَ عَنِ الْحَسَنِ، كَانَ عَنِ الصَّحِيحِ أَقْصَرَ، وَلَوْ قُلْنَا بِتَبَايُنِهِمَا.
(وَإِنْ بَسْطٌ بُغِي) أَيْ: وَإِنْ طُلِبَ بَسْطٌ وَتَرْكِيبٌ لَأَقْسَامِهِ (فَفَاقِدُ شَرْطِ قَبُولٍ قِسْمُ) أَيْ: شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الْمَقْبُولِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ، وَهِيَ سِتَّةٌ: اتِّصَالُ السَّنَدِ، وَالْعَدَالَةُ، وَالضَّبْطُ، وَنَفْيُ الشُّذُوذِ، وَنَفْيُ الْعِلَّةِ الْقَادِحَةِ، وَالْعَاضِدُ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ، الَّتِي بِالنَّظَرِ لِانْتِفَائِهَا اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا تَتَعَدَّدُ أَقْسَامُهُ، فَفَقْدُ الِاتِّصَالِ مَثَلًا قِسْمٌ تَحْتَهُ ثَلَاثَةٌ: الْمُرْسَلُ، وَالْمُنْقَطِعُ، وَالْمُعْضَلُ.
(وَ) فَاقِدٌ (اثْنَيْنِ) مِنْهَا ; وَهُمَا الِاتِّصَالُ مَعَ آخَرَ مِنَ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ (قِسْمٌ غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ الْأَوَّلِ تَحْتَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِالنَّظَرِ إِلَى الضَّعِيفِ وَالْمَجْهُولِ اللَّذَيْنِ يَشْمَلُهُمَا فَقْدُ الْعَدَالَةِ ; لِأَنَّكَ تَضْرِبُهُمَا، وَالَأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ فِي الثَّلَاثَةِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ فَقْدِ الِاتِّصَالِ، فَتَبْلُغُ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ فَمَجْمُوعُ الْقِسْمَيْنِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ قِسْمًا.
(وَضَمُّ سِوَاهُمَا) أَيْ: وَضَمُّ وَاحِدٍ غَيْرِ فَقْدِ الِاتِّصَالِ، وَالْآخَرِ الَّذِي فُقِدَ مَعَهُ مِنْ بَاقِيهَا إِلَيْهَا بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَفْقُودُ ثَلَاثَةً لَا غَيْرَ (فَ) ذَلِكَ قِسْمٌ (ثَالِثٌ) تَحْتَهُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ; لِأَنَّكَ تَضُمُّ إِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ قِسْمَيِ الْعَدَالَةِ، وَإِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ الضَّبْطِ، وَإِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ الْعَاضِدِ -
الشُّذُوذَ مَرَّةً وَالْعِلَّةَ أُخْرَى.
وَإِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ قِسْمَيِ الْعَدَالَةِ، الضَّبْطَ تَارَةً، وَالْعَاضِدَ أُخْرَى، وَكَذَا مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ شَرْطَيْنِ آخَرَيْنِ ; وَهُمَا اجْتِمَاعُ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ، فَتِلْكَ ثَلَاثَةٌ، وَبِهَا يَصِيرُ هَذَا الْقِسْمُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ.
(وَهَكَذَا) فَافْعَلْ إِلَى آخِرِ الشُّرُوطِ ; فَخُذْ مَا فُقِدَ فِيهِ شَرْطٌ آخَرُ مَضْمُومًا إِلَى فَقْدِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَهُوَ قِسْمٌ آخَرُ تَحْتَهُ اثْنَا عَشَرَ ; لِأَنَّكَ تَضُمُّ إِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ قِسْمَيِ الْعَدَالَةِ، وَإِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ الضَّبْطِ، وَإِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ الِاتِّصَالُ بِأَقْسَامِهِ مَعَ الْعَاضِدِ - الشُّذُوذَ وَالْعِلَّةَ مَعًا.
ثُمَّ ارْتَقِ إِلَى مَا فُقِدَ فِيهِ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ، مِنْهَا فَقْدُ الِاتِّصَالِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَجْمَعَ أَقْسَامَ الِاتِّصَالِ أَوِ اثْنَيْنِ مِنْهَا.
وَكَذَا قِسْمَيِ الْعَدَالَةِ بِأَنْ تَجْعَلَ مَثَلًا الْمُرْسَلَ مَعَ الْمُنْقَطِعِ أَوْ مَعَ الْمُعْضَلِ، أَوِ الضَّعِيفَ مَعَ الْمَجْهُولِ فِي قِسْمٍ وَاحِدٍ (وَ) بَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ الِاتِّصَالُ (عُدْ) أَيِ: ارْجِعْ (لِشَرْطٍ غَيْرِ مَبْدُوءٍ) بِهِ أَوَّلًا ; وَهُوَ الْعَدَالَةُ مَثَلًا (فَذَا قِسْمٌ سِوَاهَا) أَيِ: الْأَقْسَامِ الْمَاضِيَةِ تَحْتَهُ اثْنَانِ.
(ثُمَّ زِدْ) مَعَ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ (غَيْرَ الَّذِي قَدَّمْتَهُ) وَتَحْتَهُ ثَمَانِيَةٌ ; لِأَنَّكَ تَضُمُّ مَا فُقِدَ فِيهِ الضَّبْطُ أَوِ الْعَاضِدُ أَوْ فِيهِ شُذُوذٌ أَوْ عِلَّةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (ثُمَّ عَلَى ذَا) الْحَذْوِ (فَاحْتَذِي) بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، أَيِ: اقْتَدِ أَنْتَ.
وَالْمَعْنَى أَنَّكَ تُكْمِلُ هَذَا الْعَمَلَ الثَّانِيَ الَّذِي بَدَأْتَهُ بِفَقْدِ الشَّرْطِ الْمُثَنَّى بِهِ، كَمَا كَمَّلْتَ الْأَوَّلَ ; بِأَنْ تَضُمَّ إِلَى فَقْدِ الْعَدَالَةِ بِقِسْمَيْهَا، وَالْآخَرَ الَّذِي فُقِدَ مَعَهُ مِنْ بَاقِيهَا ثَالِثًا، إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْعَمَلُ، ثُمَّ عُدْ فَابْدَأْ بِمَا فُقِدَ فِيهِ شَرْطٌ غَيْرُ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ بَدَأْتَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي عَمَلَيْكَ، وَهُوَ الضَّبْطُ، ثُمَّ ضُمَّهُ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ، ثُمَّ إِلَى اثْنَيْنِ، وَهَكَذَا فَافْعَلْ فِي فَقْدِ الْعَاضِدِ، ثُمَّ عُدْ فَخُذِ الشَّاذَّ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ مَضْمُومًا مَعَ الْمُعَلَّلِ، ثُمَّ عُدْ فَخُذِ الْمُعَلَّلَ مُنْفَرِدًا.
وَإِلَى هُنَا انْتَهَى الْعَمَلُ، وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ بِحَسَبِ الْفَرْضِ لَا الْوَاقِعِ لَيْسَ بِآخِرِهِ، بَلْ
لَوْ نَظَرْنَا إِلَى أَنَّ فَقْدَ الِاتِّصَالِ يَشْمَلُ أَيْضًا الْمُعَلَّقَ وَالْمُنْقَطِعَ الْخَفِيَّ كَالتَّدْلِيسِ، وَفَقْدَ الْعَدَالَةِ يَشْمَلُ الضَّعِيفَ بِكَذِبِ رَاوِيهِ أَوْ تُهْمَتِهِ بِذَلِكَ أَوْ فِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ أَوْ جَهَالَةِ عَيْنِهِ أَوْ جَهَالَةِ حَالِهِ، وَفَقْدَ الضَّبْطِ يَشْمَلُ كَثْرَةَ الْغَلَطِ وَالْغَفْلَةَ وَالْوَهْمَ وَسُوءَ الْحِفْظِ وَالِاخْتِلَاطَ وَالْمُخَالَفَةَ - لَزَادَتِ الْأَقْسَامُ كَثِيرًا، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ بِقَوْلِهِ: وَمَا كَانَ مِنَ الصِّفَاتِ لَهُ شُرُوطٌ، فَاعْمَلْ فِي شُرُوطِهِ نَحْوَ ذَلِكَ، فَيَتَضَاعَفْ بِذَلِكَ الْأَقْسَامُ.
وَلَكِنْ قَدْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ - مِنْهُمْ شَيْخُنَا - بِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ التَّعَبِ فِيهِ قَلِيلُ الْفَائِدَةِ، وَلَا يُقَالُ: إِنَّ فَائِدَتَهُ كَوْنُ مَا كَثُرَ فَقْدُ شُرُوطِ الْقَبُولِ فِيهِ أَضْعَفُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَقَدْ يَكُونُ الْفَاقِدُ لِلصِّدْقِ وَحْدَهُ أَضْعَفَ مِنْ فَاقِدِ جَمِيعِ مَا عَدَاهُ مِمَّا ذُكِرَ ; لِأَنَّ فَقْدَ الْعَدَالَةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْكَذِبِ.
وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: " ثُمَّ مَا عُدِمَ فِيهِ جَمِيعُ صِفَاتِ الْقَبُولِ هُوَ الْقِسْمُ الْأَرْذَلُ " - قَدْ لَا يُعَارِضُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ: فَائِدَتُهُ تَخْصِيصُ كُلِّ قَسْمٍ مِنْهَا بِلَقَبٍ ; إِذْ لَمْ يُلَقَّبْ مِنْهَا إِلَّا الْمُرْسَلُ، وَالْمُنْقَطِعُ، وَالْمُعْضَلُ، وَالْمُعَلَّلُ، وَالشَّاذُّ، وَكَذَا لُقِّبَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْأَقْسَامِ الْمَقْطُوعُ، وَالْمُدْرَجُ، وَالْمَقْلُوبُ، وَالْمُضْطَرِبُ، وَالْمَوْضُوعُ، وَالْمَطْرُوحُ، وَالْمُنْكَرُ، وَهُوَ بِمَعْنَى الشَّاذِّ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا.
وَحِينَئِذٍ فَالِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ مِنْ مُهِمَّاتِ الْفَنِّ الَّذِي لَا يَتَّسِعُ الْعُمُرُ الطَّوِيلُ لِاسْتِقْصَائِهِ - آكَدُ، وَقَدْ خَاضَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا الشَّأْنَ فِي ذَلِكَ، فَتَعِبُوا وَأَتْعَبُوا.
وَلَوْ قِيلَ لَأَطْوَلِهِمْ وَأَعْرَضِهِمْ: أَوْجِدْنَا مِثَالًا لِمَا لَمْ يُلَقَّبْ مِنْهَا بِلَقَبٍ خَاصٍّ لَبَقِيَ مُتَحَيِّرًا، وَوَرَاءَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ فِي بَعْضِ الْأَقْسَامِ نِزَاعًا، وَذَلِكَ أَنَّ اجْتِمَاعَ الشُّذُوذِ مَعَ
الضَّعِيفِ أَوِ الْمَجْهُولِ - كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ - غَيْرُ مُمْكِنٍ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ الشُّذُوذَ تَفَرُّدُ الثِّقَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا بِأَنْ يَكُونَ فِي السَّنَدِ ثِقَةٌ خُولِفَ وَضَعِيفٌ.
قَالَ: وَفَائِدَةُ ذَلِكَ قُوَّةُ الضَّعْفِ ; لِكَثْرَةِ الْأَسْبَابِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ فِي السَّنَدِ ضَعِيفٌ، يُحَالُ مَا فِي الْخَبَرِ مِنْ تَغْيِيرٍ عَلَيْهِ، نَعَمْ إِنْ عُرِفَ مِنْ خَارِجٍ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنَ الثِّقَةِ، [أَوْ كَانَ الضَّعِيفُ بَعْدَ الرَّاوِي الَّذِي شَذَّ جَاءَ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا] .
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمَّا كَانَ التَّقْسِيمُ الْمَطْلُوبُ صَعْبَ الْمَرَامِ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ، لَخَّصَهُ شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ: فَقْدُ الْأَوْصَافِ رَاجِعٌ إِلَى مَا فِي رَاوِيهِ طَعْنٌ، أَوْ فِي سَنَدِهِ سَقْطٌ، فَالسَّقْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِهِ، أَوْ فِي آخِرِهِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ.
وَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ الْمُرْسَلُ وَالْمُعَلَّقُ وَالْمُدَلَّسُ وَالْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ، إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِ الطَّعْنِ، وَهِيَ تَكْذِيبُ الرَّاوِي، أَوْ تُهْمَتُهُ بِذَلِكَ، أَوْ فُحْشُ غَلَطِهِ، أَوْ مُخَالَفَتُهُ، أَوْ بِدْعَتُهُ، أَوْ جَهَالَةُ عَيْنِهِ، أَوْ جَهَالَةُ حَالِهِ - فَبِاعْتِبَارِ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْهُ أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ، مَعَ الِاحْتِرَازِ مِنَ التَّدَاخُلِ الْمُفْضِي إِلَى التَّكْرَارِ، فَإِذَا فَقَدَ ثَلَاثَةَ أَوْصَافٍ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ، حَصَلَتْ مِنْهُ أَقْسَامٌ أُخْرَى، مَعَ الِاحْتِرَازِ مِمَّا ذُكِرَ، ثُمَّ إِذَا فَقَدَ أَرْبَعَةَ أَوْصَافٍ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى آخِرِهِ.
فَكُلُّ مَا عُدِمَتْ فِيهِ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ - يَعْنِي غَيْرَ الْكَذِبِ - يَكُونُ أَخَفَّ مِمَّا عُدِمَتْ فِيهِ صِفَتَانِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الصِّفَةُ - يَعْنِي الْمُضَعِّفَةَ - قَدْ جَبَرَتْهَا صِفَةٌ مُقَوِّيَةٌ، يَعْنِي كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: " مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُفَهَا جَابِرٌ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَسَنِ ".
وَهَكَذَا إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الْحَدِيثُ إِلَى دَرَجَةِ الْمَوْضُوعِ الْمُخْتَلَقِ ; بِأَنْ يَنْعَدِمَ فِيهِ شُرُوطُ الْقَبُولِ،
وَيُوجَدَ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ انْعِدَامُهُ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَابِ الطَّعْنِ وَالسِّقْطِ.
قَالَ: لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا - يَعْنِي الشَّارِحَ -: إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِالْوَضْعِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، لَكِنَّ مَدَارَ الْحُكْمِ فِي الْأَنْوَاعِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا. انْتَهَى.
وَلَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فِي الْحُسْنِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَزِيدُ أَقْسَامُهُ جُمْلَةً (وَعَدَّهُ) أَيْ: قِسْمَ الضَّعِيفِ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ (الْبُسْتِيُّ) الْمَاضِيَ فِي الصَّحِيحِ، الزَّائِدَ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ (فِيمَا أَوْعَى) أَيْ: حَفِظَ وَجَمَعَ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْهُ، لَكِنْ غَيْرَ مُعَيِّنٍ لِتَصْنِيفِ الْوَاقِعِ فِيهِ.
وَزَعَمَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ فِي الضُّعَفَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالَّذِي فِيهِ إِنَّمَا هُوَ تَقْسِيمُ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِتَضْعِيفِ الرُّوَاةِ، لَا تَقْسِيمُ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، وَهُوَ الْتِبَاسٌ بَعِيدٌ، خُصُوصًا وَعِدَّةُ مَا ذَكَرَهُ عِشْرُونَ قِسْمًا (لِتِسْعَةٍ) بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ (وَأَرْبَعِينَ نَوْعًا) خَمْسِينَ قِسْمًا إِلَّا وَاحِدًا، كَمَا هُوَ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَلَكِنَّ الْأُولَى أَخْصَرُ، مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِاصْطِلَاحِ الْحِسَابِ فِي تَقْدِيمِ الْعَطْفِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ.
وَالثَّانِيَةُ أَسْلَمُ مِنْ عُرُوضِ التَّصْحِيفِ، وَمِنْ دُخُولِ اللَّامِ ; لِكَوْنِ " عَدَّهُ " مُتَعَدِّيًا مَعَ نُطْقِ الْقُرْآنِ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ: {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23] ، وَ {أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [الْعَنْكَبُوتِ: 14] .
عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ النَّاظِمُ - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا - أَنْ يَقُولَ: " مُسْتَوْعِبًا خَمْسِينَ إِلَّا نَوْعًا "، وَلِلْخَوْفِ مِنَ التَّصْحِيفِ أَيْضًا ثَبَتَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «إِنَّ لِلَّهِ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا» ، إِذَا عُلِمَ هَذَا، فَسَيَأْتِي قُبَيْلَ " مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ " مَسَائِلُ تَدْخُلُ فِي هَذَا الْقِسْمِ لَا بَأْسَ بِاسْتِحْضَارِهَا.
[تَتِمَّةٌ] : أَفْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ هَذَا نَوْعًا آخَرَ سَمَّاهُ الْمُضَعَّفَ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُجْتَمَعْ عَلَى ضَعْفِهِ بَلْ فِيهِ إِمَّا فِي الْمَتْنِ أَوْ فِي السَّنَدِ تَضْعِيفٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَتَقْوِيَةٌ لِآخَرِينَ، وَهُوَ أَعْلَى مَرْتَبَةً مِنَ الضَّعِيفِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
وَمَحَلٌ هَذَا إِذَا كَانَ التَّضْعِيفُ هُوَ الرَّاجِحَ، أَوْ لَمْ يَتَرَجَّحْ شَيْءٌ، وَإِلَّا فَيُوجَدُ فِي كُتُبِ مُلْتَزِمِي الصِّحَّةِ حَتَّى الْبُخَارِيِّ، مِمَّا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَشْيَاءُ.
شريف ابراهيم
شريف ابراهيم
نائب المدير العام
نائب المدير العام

عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ] Empty [الْمَرْفُوعُ]

مُساهمة من طرف شريف ابراهيم الخميس 1 يونيو 2017 - 11:48

[الْمَرْفُوعُ]
95 - وَسَمِّ مَرْفُوعًا مُضْافًا لِلنَّبِي ... وَاشْتَرَطَ الْخَطِيبُ رَفْعَ الصَّاحِبِ
96 - وَمَنْ يُقَابِلْهُ بِذِي الْإِرْسَالِ ... فَقَدْ عَنَى بِذَاكَ ذَا اتِّصَالِ.
وَقُدِّمَ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِتَمَحُّضِهِ فِي شَرِيفِ الْإِضَافَةِ (وَسَمِّ) أَيُّهَا الطَّالِبُ (مَرْفُوعًا مُضَافًا لِلنَّبِي) أَيْ: وَسَمِّ كُلَّ مَا أُضِيفَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا لَهُ أَوْ فِعْلًا أَوْ تَقْرِيرًا، مَرْفُوعًا ; سَوَاءٌ أَضَافَهُ إِلَيْهِ صَحَابِيٌّ أَوْ تَابِعِيٌّ، أَوْ مَنْ بَعْدَهُمَا، حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِينَ وَلَوْ تَأَخَّرُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَّصِلُ، وَالْمُرْسَلُ، وَالْمُنْقَطِعُ، وَالْمُعْضَلُ، وَالْمُعَلَّقُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ، وَيَخْرُجُ الْمَوْقُوفُ وَالْمَقْطُوعُ لِاشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ الْمَخْصُوصَةِ.
(وَاشْتَرَطَ) الْحَافِظُ الْحُجَّةُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْخَطِيبُ) الْآتِي فِي الْوَفَيَاتِ فِيهِ (رَفْعَ الصَّاحِبِ) فَقَطْ، وَلَفْظُهُ: الْمَرْفُوعُ مَا أَخْبَرَ فِيهِ الصَّحَابِيُّ عَنْ قَوْلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فِعْلِهِ، فَعَلَى هَذَا مَا يُضِيفُهُ التَّابِعِيُّ فَمَنْ بَعْدَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُسَمَّى مَرْفُوعًا.
وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ، مَعَ أَنَّ شَيْخَنَا قَدْ تَوَقَّفَ فِي كَوْنِهِ قَيْدًا ; فَإِنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْخَطِيبِ لِلصَّحَابِيِّ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، أَوِ الْغَالِبِ ; لِكَوْنِ غَالِبِ مَا يُضَافُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصَّحَابَةِ، لَا أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّقْيِيدِ، فَلَا
يَخْرُجُ حِينَئِذٍ عَنِ الْأَوَّلِ، وَيَتَأَيَّدُ بِكَوْنِ الرَّفْعِ إِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ إِلَى الْمَتْنِ دُونَ الْإِسْنَادِ. انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ.
(وَمَنْ يُقَابِلْهُ) أَيِ: الْمَرْفُوعَ (بِذِي الْإِرْسَالِ) أَيْ: بِالْمُرْسَلِ ; كَأَنْ يَقُولَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ: رَفَعَهُ فُلَانٌ، وَأَرْسَلَهُ فُلَانٌ، مِثَالُهُ حَدِيثُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» .
قَالَ الْآجُرِّيُّ: سَأَلْتُ أَبَا دَاوُدَ عَنْهُ، فَقَالَ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ عِيسَى، وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ مُرْسَلٌ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ: لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى.
(فَقَدْ عَنَى) الْقَائِلُ (بِذَاكَ) اللَّفْظِ (ذَا اتِّصَالِ) أَيِ: الْمُتَّصِلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ رَفْعٌ مَخْصُوصٌ ; إِذِ الْمَرْفُوعُ أَعَمُّ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، عَلَى أَنَّ ابْنَ النَّفِيسِ مَشَى عَلَى ظَاهِرِ هَذَا، فَقَيَّدَ الْمَرْفُوعَ بِالِاتِّصَالِ.
شريف ابراهيم
شريف ابراهيم
نائب المدير العام
نائب المدير العام

عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ] Empty [الْمُسْنَدُ]

مُساهمة من طرف شريف ابراهيم الخميس 1 يونيو 2017 - 11:50

[الْمُسْنَدُ]
97 - وَالْمُسْنَدُ الْمَرْفُوعُ أَوْ مَا قَدْ وُصِلْ ... لَوْ مَعَ وَقْفٍ وَهْوَ فِي هَذَا يَقِلْ
98 - وَالثَّالِثُ الرَّفْعُ مَعَ الْوَصْلِ مَعَا ... شَرْطٌ بِهِ الْحَاكِمُ فِيهِ قَطَعَا.
وَقُدِّمَ عَلَى مَا بَعْدَهُ نَظَرًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالَأَخِيرِ فِيهِ، (وَالْمُسْنَدُ) كَمَا قَالَهُ أَبُو عُمَرَ
بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: هُوَ (الْمَرْفُوعُ) إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، وَقَدْ يَكُونُ مُتَّصِلًا ; كَمَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ مُنْقَطِعًا ; كَمَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا - لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ - فَهُوَ مُسْنَدٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ أُسْنِدَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قُلْتُ: وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي: أَسَمِعَ زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ؟ فَقَالَ: مَا أُرَاهُ سَمِعَ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ، وَعَلَى هَذَا فَهُمَا - أَعْنِي الْمُسْنَدَ وَالْمَرْفُوعَ - عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ فِيهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ - شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَالِانْقِطَاعُ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا شُمُولُهُ الْمُرْسَلَ وَالْمُعْضَلَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُسْتَفِيضِ مِنْ عَمَلِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي مُقَابَلَتِهِمْ بَيْنَ الْمُرْسَلِ وَالْمُسْنَدِ، فَيَقُولُونَ: أَسْنَدَهُ فُلَانٌ، وَأَرْسَلَهُ فُلَانٌ. انْتَهَى.
وَيَأْتِي فِيهِ مَا سَلَفَ قَرِيبًا فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْفُوعِ بِالْمُرْسَلِ، وَمِمَّنِ اقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّ الْمَسْنَدَ الْمَرْفُوعُ، الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَدْ نَقَلَ الْحَاكِمُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ الثَّقَفِيِّ: إِنَّهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ يُسْنِدُهَا، وَغَيْرُهُ يُوقِفُهَا.
(أَوْ) الْمُسْنَدُ (مَا قَدْ وُصِلَ) إِسْنَادُهُ وَ (لَوْ) كَانَ الْوَصْلُ (مَعَ وَقْفٍ) عَلَى الصَّحَابِيِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَالْمُسْنَدُ وَالْمُتَّصِلُ سَوَاءٌ ; لِإِطْلَاقِهِمَا عَلَى كُلٍّ مِنَ الْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ، وَلَكِنَّ الْأَكْثَرَ اسْتِعْمَالًا الْمُسْنَدُ فِي الْأَوَّلِ.
كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ عَزَا فِي الْكِفَايَةِ، لِأَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ الَّذِي
اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ بَيْنَ رَاوِيهِ وَبَيْنَ مَنْ أَسْنَدَ عَنْهُ، قَالَ: إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ اسْتِعْمَالِهِمْ لَهُ فِيمَا أُسْنِدَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً.
(وَهُوَ) أَيِ: الْمُسْنَدُ (فِي هَذَا) أَيْ: فِيمَا وُقِفَ عَلَى الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ (يَقِلْ) أَيْ: قَلِيلٌ، وَحِينَئِذٍ فَافْتِرَاقُهُمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُتَّصِلِ فِي الْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، بِخِلَافِ الْمُسْنَدِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَرْفُوعِ أَكْثَرِيٌّ دُونَ الْمَوْقُوفِ.
ثُمَّ إِنَّ فِي كَلَامِ الْخَطِيبِ الَّذِي قَدْ أَقَرَّهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ إِشْعَارًا بِاسْتِعْمَالِ الْمَسْنَدِ قَلِيلًا فِي الْمَقْطُوعِ، بَلْ وَفِي قَوْلِ مَنْ بَعْدَ التَّابِعِيِّ، وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ يَأْبَاهُ.
(وَ) الْقَوْلُ (الثَّالِثُ) إِنَّهُ (الرَّفْعُ) أَيِ: الْمَرْفُوعُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مَعَ الْوَصْلِ) أَيْ: مَعَ اتِّصَالِ إِسْنَادِهِ (مَعَا) كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ قَوْمٍ وَهُوَ (شَرْطٌ بِهِ) الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ (الْحَاكِمُ) صَاحِبُ (الْمُسْتَدْرَكِ) فِي كِتَابِهِ (عُلُومِ الْحَدِيثِ) ، (فِيهِ) أَيْ: فِي الْمُسْنَدِ (قَطَعَا) حَيْثُ لَمْ يَحْكِ فِيهِ - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ - غَيْرَهُ، وَكَأَنَّ النَّاظِمَ إِنَّمَا أَخَّرَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ لَا لِضَعْفِهِ ; فَإِنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَأَشْعَرَ بِهِ تَمْرِيضُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ لِلْأَوَّلِ، وَتَقْدِيمُهُ لِهَذَا عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي " الْمُعْتَصَرِ " أَيْضًا: إِنَّهُ أَصَحُّ ; إِذْ لَا تَمْيِيزَ إِلَّا بِهِ،
يَعْنِي لِكَوْنِ قَائِلِهِ لَحَظَ فِيهِ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَّصِلِ وَالْمَرْفُوعِ، مِنْ حَيْثِيَّةِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ يُنْظَرُ فِيهِ إِلَى حَالِ الْمَتْنِ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْإِسْنَادِ اتَّصَلَ أَمْ لَا، وَالْمُتَّصِلَ يُنْظَرُ فِيهِ إِلَى حَالِ الْإِسْنَادِ، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْمَتْنِ مَرْفُوعًا كَانَ أَوْ مَوْقُوفًا، وَالْمُسْنَدَ يُنْظَرُ فِيهِ إِلَى الْحَالَيْنِ مَعًا، فَيَجْمَعُ شَرْطَيِ الِاتِّصَالِ وَالرَّفْعِ، فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنَ الرَّفْعِ وَالِاتِّصَالِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فَكُلُّ مُسْنَدٍ مَرْفُوعٌ، وَكُلُّ مُسْنَدٍ مُتَّصِلٌ، وَلَا عَكْسَ فِيهِمَا.
هَذَا مَعَ أَنَّ شَيْخَنَا قَالَ مَا نَصُّهُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي بِالِاسْتِقْرَاءِ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَتَصَرُّفِهِمْ أَنَّ الْمُسْنَدَ هُوَ مَا أَضَافَهُ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الِاتِّصَالُ.
قَالَ: فَـ " مَنْ سَمِعَ " أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَحَابِيًّا، أَوْ تَحَمَّلَ فِي كُفْرِهِ وَأَسْلَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَكِنَّهُ يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ ; كَالْمُرْسَلِ، وَالْمُعْضَلِ.
وَ " بِسَنَدٍ " يُخْرِجُ مَا كَانَ بِلَا سَنَدٍ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُعَلَّقِ.
وَ " ظُهُورُ الِاتِّصَالِ " يُخْرِجُ الْمُنْقَطِعَ، لَكِنْ يَدْخُلُ فِيهِ الِانْقِطَاعُ الْخَفِيُّ كَعَنْعَنَةِ الْمُدَلِّسِ، وَالنَّوْعُ الْمُسَمَّى بِالْمُرْسَلِ الْخَفِيِّ، وَنَحْوُهُمَا مِمَّا ظَاهِرُهُ الِاتِّصَالُ، وَقَدْ يُفَتَّشُ فَيُوجَدُ مُنْقَطِعًا.
وَاسْتَشْهَدَ لِلْأَخِيرِ بِأَنَّ لَفْظَ الْحَاكِمِ: الْمُسْنَدُ مَا رَوَاهُ الْمُحَدِّثُ عَنْ شَيْخٍ يَظْهَرُ سَمَاعُهُ مِنْهُ لَيْسَ يَحْتَمِلُهُ، وَكَذَلِكَ سَمَاعُ شَيْخِهِ مِنْ شَيْخِهِ مُتَّصِلًا إِلَى صَحَابِيٍّ مَشْهُورٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِيهِ نَظَرٌ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: " لَيْسَ يَحْتَمِلُهُ " يُخْرِجُ عَنْعَنَةَ الْمُدَلِّسِ، خُصُوصًا وَقَدْ صَرَّحَ الْحَاكِمُ بَعْدُ بِاشْتِرَاطِ عَدَمِ التَّدْلِيسِ فِي رُوَاتِهِ.
وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ أَصْحَابَ الْمَسَانِيدِ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَا يَتَحَامَوْنَ فِيهَا تَخْرِيجَ مُعَنْعَنَاتِ الْمُدَلِّسِينَ، وَلَا أَحَادِيثَ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ، مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، بَلْ عِبَارَةُ الْخَطِيبِ: " وَاتِّصَالُ الْإِسْنَادِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رُوَاتِهِ سَمِعَهُ مِمَّنْ فَوْقَهُ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ السَّمَاعَ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَنْعَنَةِ ".
شريف ابراهيم
شريف ابراهيم
نائب المدير العام
نائب المدير العام

عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ] Empty [الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُولُ]

مُساهمة من طرف شريف ابراهيم الخميس 1 يونيو 2017 - 11:51

[الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُولُ]
99 - وَإِنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُولَا ... فَسَمِّهِ مُتَّصِلًا مَوْصُولَا
100 - سَوَاءٌ الْمَوْقُوفُ وَالْمَرْفُوعُ ... وَلَمْ يَرَوْا أَنْ يَدْخُلَ الْمَقْطُوعُ.
وَقُدِّمَ عَلَى مَا بَعْدَهُ نَظَرًا لِوُقُوعِهِ عَلَى الْمَرْفُوعِ (وَإِنْ تَصِلْ) أَيُّهَا الطَّالِبُ (بِسَنَدٍ) أَيْ: وَإِنْ تَرْوِ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ خَبَرًا (مَنْقُولًا فَسَمِّهِ) أَيِ: السَّنَدَ (مُتَّصِلًا وَمَوْصُولًا) ، وَكَذَا " مُؤْتَصِلًا " بِالْفَكِّ وَالْهَمْزَةِ، كَمَا هِيَ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ (الْأُمِّ) ، وَعَزَاهَا إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَصْرِيفِهِ: إِنَّهَا لُغَتُهُ، فَهِيَ مُتَرَادِفَةٌ، (سَوَاءٌ) فِي ذَلِكَ ; حَيْثُ اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ (الْمَوْقُوفُ) عَلَى الصَّحَابِيِّ، (وَالْمَرْفُوعُ) إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَخَرَجَ بِقَيْدِ الِاتِّصَالِ الْمُرْسَلُ وَالْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ وَالْمُعَلَّقُ، وَكَذَا مُعَنْعَنُ الْمُدَلِّسِ قَبْلَ تَبَيُّنِ سَمَاعِهِ.
(وَلَمْ؟ يَرْوا أَنْ يَدْخُلَ الْمَقْطُوعُ) الَّذِي هُوَ - كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا - قَوْلُ التَّابِعِيِّ، وَلَوِ اتَّصَلَ إِسْنَادُهُ ; لِلتَّنَافُرِ بَيْنَ لَفْظِ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ، هَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ; كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ.
وَمُطْلَقُهُ - أَيِ: الْمُتَّصِلِ - يَقَعُ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ، أَمَّا مَعَ التَّقْيِيدِ فَهُوَ جَائِزٌ، بَلْ وَاقِعٌ أَيْضًا فِي كَلَامِهِمْ، يَقُولُونَ: هَذَا مُتَّصِلٌ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَوْ إِلَى الزُّهْرِيِّ، أَوْ إِلَى مَالِكٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
شريف ابراهيم
شريف ابراهيم
نائب المدير العام
نائب المدير العام

عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ] Empty [الْمَوْقُوفُ]

مُساهمة من طرف شريف ابراهيم الخميس 1 يونيو 2017 - 11:52

[الْمَوْقُوفُ]
101 - وَسَمِّ بِالْمَوْقُوفِ مَا قَصَرْتَهُ ... بِصَاحِبٍ وَصَلْتَ أَوْ قَطَعْتَهُ
102 - وَبَعْضُ أَهْلِ الْفِقْهِ سَمَّاهُ الْأَثَرْ ... وَإِنْ تَقِفْ بِغَيْرِهِ، قَيِّدْ تَبَرْ.
وَقُدِّمَ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالصَّحَابِيِّ، [وَفِيهِ لِلضِّيَاءِ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ بَدْرِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُرْدِيِّ الْمَوْصِلِيِّ الْحَنَفِيِّ الْفَقِيهِ الْوُقُوفُ عَلَى الْمَوْقُوفِ] (وَسَمِّ) أَيُّهَا الطَّالِبُ (بِالْمَوْقُوفِ مَا قَصَرْتَهُ بِصَاحِبٍ) أَيْ: عَلَى صَحَابِيٍّ قَوْلًا لَهُ أَوْ فِعْلًا أَوْ نَحْوَهُمَا، مِمَّا لَا قَرِينَةَ فِيهِ لِلرَّفْعِ ; سَوَاءٌ (وَصَلْتَ) السَّنَدَ بِذَلِكَ (أَوْ قَطَعْتَهُ) .
وَشَذَّ الْحَاكِمُ ; فَاشْتَرَطَ عَدَمَ الِانْقِطَاعِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُسَمَّى خَبَرًا أَمْ لَا؟ فَمُقْتَضَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ بِعَدَمِ مُرَادَفَةِ الْخَبَرِ لِلْحَدِيثِ، وَأَنَّ الْخَبَرَ مَا جَاءَ عَنْ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَوَّلُ.
(وَبَعْضُ أَهْلِ الْفِقْهِ) مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (سَمَّاهُ الْأَثَرَ) ، بَلْ حَكَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْفَوْرَانِيُّ مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ عَنِ الْفُقَهَاءِ، وَأَطْلَقَ فَإِنَّهُ قَالَ: الْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ: الْخَبَرُ مَا كَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْأَثَرُ مَا يُرْوَى عَنِ الصَّحَابَةِ. انْتَهَى.
وَظَاهِرُ تَسْمِيَةِ الْبَيْهَقِيِّ كِتَابَهُ الْمُشْتَمِلَ عَلَيْهِمَا بِـ " مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ " مَعَهُمْ، وَكَأَنَّ سَلَفَهُمْ فِيهِ إِمَامُهُمْ، فَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ كَثِيرًا، وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ: لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْمَرَاتِبِ يَقْتَضِي التَّفَاوُتَ فِي الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا، فَيُقَالُ لِمَا نُسِبَ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ: الْخَبَرُ، وَلِلصَّحَابَةِ: الْأَثَرُ، وَلِلْعُلَمَاءِ: الْقَوْلُ، وَالْمَذْهَبُ.
وَلَكِنِ الْمُحَدِّثُونَ - كَمَا عَزَاهُ إِلَيْهِمُ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابَيْهِ - يُطْلِقُونَ الْأَثَرَ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَالْمَوْقُوفِ.
وَظَاهِرُ تَسْمِيَةِ الطَّحَاوِيِّ لِكِتَابِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا " شَرْحُ مَعَانِي الْآثَارِ " مَعَهُمْ، وَكَذَا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ فِي " تَهْذِيبِ الْآثَارِ " لَهُ، إِلَّا أَنَّ كِتَابَهُ اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى الْمَرْفُوعِ، وَمَا يُورِدُهُ فِيهِ مِنَ الْمَوْقُوفِ فَبِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، بَلْ فِي الْجَامِعِ لِلْخَطِيبِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ حَبِيبٍ الْفَارْيَابِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ بَيَانٍ عَنْ أَسَدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكُوفِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «مَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ فَهُوَ فَرِيضَةٌ، وَمَا جَاءَ عَنِّي فَهُوَ حَتْمٌ وَفَرِيضَةٌ، وَمَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِي فَهُوَ سُنَّةٌ، وَمَا جَاءَ عَنْ أَتْبَاعِهِمْ فَهُوَ أَثَرٌ، وَمَا جَاءَ عَمَّنْ دُونَهُمْ فَهُوَ بِدْعَةٌ» .
قَالَ شَيْخُنَا: (وَيُنْظَرُ فِي سَنَدِهِ، فَإِنَّنِي أَظُنُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ) . قُلْتُ: بَلْ لَا يَخْفَى بُطْلَانُهُ عَلَى آحَادِ أَتْبَاعِهِ ; فَالْفَارْيَابِيُّ رُمِيَ بِالْوَضْعِ، وَفِي تَرْجَمَتِهِ أَوْرَدَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ، وَاللَّذَانِ فَوْقَهُ قَالَ الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: يَرْوِي الْعَجَائِبَ، وَيَنْفَرِدُ بِالْمَنَاكِيرِ.
وَأَصْلُ الْأَثَرِ: مَا ظَهَرَ مِنْ مَشْيِ الشَّخْصِ عَلَى الْأَرْضِ.
قَالَ زُهَيْرٌ:
وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَثَرُ ... لَا يَنْتَهِي الْعُمُرُ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْأَثَرُ
ثُمَّ إِنَّهُ لَا اخْتِصَاصَ فِي الْمَوْقُوفِ بِالصَّحَابِيِّ، بَلْ وَلَوْ أُضِيفَ الْمَرْوِيُّ لِلتَّابِعِيِّ، وَكَذَا لِمَنْ بَعْدَهُ - كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ - سَاغَ تَسْمِيَتُهُ مَوْقُوفًا.
(وَ) لَكِنْ (إِنْ تَقِفْ بِغَيْرِهِ) أَيْ: عَلَى غَيْرِ الصَّحَابِيِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَابِعٍ، وَالْأُولَى أَشْمَلُ فَـ (قَيِّدْ) ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مَوْقُوفٌ عَلَى فُلَانٍ (تَبَرْ) أَيْ: يَزْكُ عَمَلُكَ وَلَا يُنْكَرْ.
شريف ابراهيم
شريف ابراهيم
نائب المدير العام
نائب المدير العام

عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث [الحديث الضَّعِيفُ] Empty [الْمَقْطُوعُ]

مُساهمة من طرف شريف ابراهيم الخميس 1 يونيو 2017 - 11:53

[الْمَقْطُوعُ]
103 - وَسَمِّ بِالْمَقْطُوعِ قَوْلَ التَّابِعِي ... وَفِعْلَهُ وَقَدْ رَأَى لِلشَّافِعِي
104 - تَعْبِيرَهُ بِهِ عَنِ الْمُنْقَطِعِ ... قُلْتُ وَعَكْسُهُ اصْطِلَاحُ الْبَرْدَعِي.
وَيَجُوزُ فِي جَمْعِهِ الْمَقَاطِيعُ وَالْمَقَاطِعُ بِإِثْبَاتِ التَّحْتَانِيَّةِ وَحَذْفِهَا اخْتِيَارًا ; كَـ (الْمَسَانِيدِ) وَ (الْمَرَاسِيلِ) ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي مِثْلِ (الْمَقَاطِيعِ) عَنِ الْبَصْرِيِّينَ سِوَى الْجَرْمِيِّ الْإِثْبَاتُ جَزْمًا، وَالْجَرْمِيُّ مَعَ الْكُوفِيِّينَ فِي جَوَازِ الْحَذْفِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مَالِكٍ.
(
وَسَمِّ بِالْمَقْطُوعِ قَوْلَ التَّابِعِيِّ وَفِعْلَهُ
) ; حَيْثُ لَا قَرِينَةَ لِلرَّفْعِ فِيهِ، كَالَّذِي قَبْلَهُ ; لِيَخْرُجَ مَا هُوَ بِحَسَبِ اللَّفْظِ قَوْلُ تَابِعِيٍّ أَوْ صَحَابِيٍّ، وَيُحْكَمَ لَهُ بِالرَّفْعِ لِلْقَرِينَةِ ; كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي سَادِسِ الْفُرُوعِ.
وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَنْعُ إِدْخَالِهِمَا فِي أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ بِكَوْنِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَذَاهِبِهِمْ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِيهِ، بَلْ قَالَ الْخَطِيبُ فِي جَامِعِهِ: إِنَّهُ يَلْزَمُ كَتْبُهَا وَالنَّظَرُ فِيهَا ; لِيَتَمَيَّزَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ، وَلَا يَشِذَّ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ.
قُلْتُ: لَا سِيَّمَا وَهِيَ أَحَدُ مَا يَعْتَضِدُ بِهِ الْمُرْسَلُ، وَرُبَّمَا يَتَّضِحُ بِهَا الْمَعْنَى الْمُحْتَمَلُ مِنَ الْمَرْفُوعِ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ فِي الْمَوْقُوفَاتِ عَلَى الصَّحَابَةِ: جَعَلَهَا كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْفُوعَاتِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لُزُومِ الْعَمَلِ بِهَا، وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْقِيَاسِ وَإِلْحَاقِهَا بِالسُّنَنِ. انْتَهَى.
وَمَسْأَلَةُ الِاحْتِجَاجِ بِالصَّحَابِيِّ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ، ثُمَّ إِنَّ شَيْخَنَا أَدْرَجَ فِي الْمَقْطُوعِ مَا جَاءَ عَمَّنْ دُونَ التَّابِعِيِّ، وَعِبَارَتُهُ: وَمَنْ دُونَ التَّابِعِيِّ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ فِيهِ، أَيْ: فِي الِاسْمِ بِالْمَقْطُوعِ مِثْلُهُ، أَيْ: مِثْلُ مَا يَنْتَهِي إِلَى التَّابِعِيِّ.
(وَقَدْ رَأَى) أَيِ: ابْنُ الصَّلَاحِ (لِلشَّافِعِيِّ) رَحِمَهُ اللَّهُ (تَعْبِيرَهُ بِهِ) أَيْ:
بِالْمَقْطُوعِ (عَنِ الْمُنْقَطِعِ) أَيِ: الَّذِي لَمْ يَتَّصِلْ إِسْنَادُهُ، وَلَكِنَّهُ وَإِنْ كَانَ سَابِقًا حُدُوثَ الِاصْطِلَاحِ، فَقَدْ أَفَادَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي كَلَامِ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ تَأَخَّرَ، يَعْنِي كَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَالْحُمَيْدِيِّ، وَابْنِ الْحِصَارِ ; فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَقْطُوعِ فِي مَقَامِ الْمُنْقَطِعِ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِهِمْ أَيْضًا.
(قُلْتُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ: عَكْسُ مَا لِلشَّافِعِيِّ وَمَنْ مَعَهُ (اصْطِلَاحُ) الْحَافِظِ الثِّقَةِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ بْنِ رَوْحٍ الْبَرْدِيجِيِّ (الْبَرْدَعِيِّ) - بِإِهْمَالِ دَالِهِ، نِسْبَةً لِبَرْدَعَةَ، بَلْدَةٍ مِنْ أَقْصَى بِلَادِ أَذَرْبِيجَانَ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَرْدِيجَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا - الْمُتَوَفَّى فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِمِائَةٍ (301 هـ) .
حَيْثُ قَالَ فِي جُزْءٍ لَهُ لَطِيفٍ تَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى الْمُنْقَطِعِ وَالْمُرْسَلِ: الْمُنْقَطِعُ هُوَ قَوْلُ التَّابِعِيِّ. وَهَذَا - وَإِنْ حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ - فَإِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ قَائِلَهُ، بَلْ قَالَ - كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُنْقَطِعِ -، وَحَكَى الْخَطِيبُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ: مَا رُوِيَ عَنِ التَّابِعِيِّ أَوْ مَنْ دُونَهُ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ. وَحِينَئِذٍ فَهُوَ أَعَمُّ.
وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ غَرِيبٌ بَعِيدٌ، وَيُشْبِهُهُ أَنْ يَكُونَ سَلَفُ شَيْخِنَا فِيمَا أَسْلَفْتُهُ عَنْهُ قَرِيبًا.
شريف ابراهيم
شريف ابراهيم
نائب المدير العام
نائب المدير العام

عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى