منتديات أنوار المدينة
أهلاً وسهلااً بك زائرنا الكريم إذا كانت هذه زيارتك الأولى نرجو من حضرتك التسجيل
حتى تتمكن من استعمال العناوين الخارجية

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات أنوار المدينة
أهلاً وسهلااً بك زائرنا الكريم إذا كانت هذه زيارتك الأولى نرجو من حضرتك التسجيل
حتى تتمكن من استعمال العناوين الخارجية
منتديات أنوار المدينة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بحث أفعال الرسول ودلالتها علي الأحكام الشرعية

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

 بحث أفعال الرسول ودلالتها علي الأحكام الشرعية Empty بحث أفعال الرسول ودلالتها علي الأحكام الشرعية

مُساهمة من طرف عبدالحق شريف الرباطابي الثلاثاء 13 مارس 2012 - 9:56

كتاب أفعال الرسول ودلالتها علي الأحكام الشرعية
رسالة دكتوراه من الأزهر
محمد سليمان الأشقر


من أفعال الرسول
صلي الله عليه وسلم

1. الفعل الجبلي


الضرب الأول:

فعل يقع منه صلي الله عليه وسلم اضطراراً دون قصد منه لإيقاعه مطلقا كتألمه من جرح يصيبه أوحصول طعم حلو أو حامضي في فمه من طعام يأكله, وما يدور في نفسه من حب وكراهة لأشخاص أو أشياء مما لا سيطرة له علي منعه أو إيجاده ككراهيته أكل لحم الضب فلم يقتد به الصحابة في ذلك.
هذا النوع لا حكم له شرعاً , لوقوعه دون قصد منه صلي الله عليه وسلم , وهو لذلك خارج نطاق التكليف, ومن أجل ذلك لايستفاد منه حكم , ولا يتعلق به أمر باقتداء أو نهي عن مخالفة.

الضرب الثاني:

أفعال جبلية إختيارية. وهي ما يفعله صلي الله عليه وسلم عن قصد وإرادة, ولكنها أفعال تدعو إليها ضرورته من حيث هو بشر. مثل تناول الطعام والشراب, وقضاء الحاجة , واتخاذ المنزل, والملبس, والمشي والجلوس والنوم والتداوي.هذه الأشياء تكون من الضرب الأول, فمن فعل شيئاً من ذلك وزعم أنه يقتدي بالنبي صلي الله عليه وسلم فقد أخطأ, لأنه سيفعله شاء أم أبي.

أولاً: الهيئات التي يمكن أن تقع عليها الأفعال المشار إليها في هذا الضرب:

الفعل قد يقع علي هيئات مختلفة , فيفعل صلي الله عليه وسلم الفعل علي هيئة دون غيرها, كما ورد أنه كان ينام علي جنبه الأيمن , ويأكل بيمينه , ويشرب ثلاثاً, ويأتي أهله بطريقة معينة, فليس ذلك دليلا ًعلي استحباب تلك الطريقة أو وجوبها, لإمكان عمله علي الهيئة أو الهيئات الأخري ما لم يدل دليل علي أنه صلي الله عليه وسلم قصد بذلك موافقة الأمر الشرعي.
هذه الهيئات هي أيضاً أفعال جبلية اختيارية , وتدل علي الإباحة.

ثانياً: أنواع الأشياء المستعملة من الضرورات المشار إليها:

إذ قد يأكل طعاماً معيناً , كما قد أكل التمر والعسل وخبز الشعير وليس شيء من ذلك ضرورياً, إذ قد يترك ما أكله ويأكل بدله شيئاً آخر. وكذلك اتخذ بيوتاً مبنية من طين ومسقوفة بالجريد, وكان له فراش من أدم حشوه ليف. وتزوج نساء علي أوصاف معينة, ومن قبائل معينة.
وهذا النوع يدل علي الإباحة أيضاً.

ثالثاً: الأمكنة والأزمنة التي يوقع فيها الفعل الجبلي:

إذ قد يأكل في وقت دون وقت, أو ينام في مكان دون آخر.

رابعاً: أن يفعل ما تقتضيه الجبلة ما ليس أصله ضرورياً وإنما هو حاجي كأصل اتخاذ المراكب, أو مراكب من نوع خاص كالخيل والبغال والحمير.

وكذلك ما يفعله مما فيه من المنفعة , وإن لم تكن حاجية, كاتخاذ العصا وشم الطيب.

والفعل الجبلي الإختياري مهما كان نوعه يدل علي الإباحة, ولا يدل علي استحباب أو وجوب, ما لم يقترن بقول أو قرينة تدل علي ذلك, أو يكون له صلة بالعبادة.


أقسام الفعل الجبلي الاختياري:

أولا ً:الفعل الجبلي الصرف:

والمراد به ما ليس له صلة بالعبادة كأكل طعام معين, وسير في طريق معين, ولبس ثياب ذات شكل معين, كالقباء والعباء والقميص , أو من مادة معينة كالقطن والصوف.
هذا النوع من الأفعال يقع من النبي صلي الله عليه وسلم علي سبيل الإباحة والمشهور عند الأصوليين أنه لا أسوة فيه, بل من شاء أن يفعل مثله فعل, ومن شاء أن يترك تركه, دون أن يكون للفعل ميزه علي الترك من ثواب أو غيره, ودون أن يكون في الترك ذم شرعي.
ولا يصح أن يفهم من حديث " ... فمن رغب عن سنتي فليس مني" أن من أكل بالملعقة وترك الأكل بالأصابع فقد رغب عن السنة واستحق الوعيد , ولا أن من توضأ من المغسلة أو الابريق وترك الوضوء من إناء صفر يغترف منه باليد فقد رغب عن السنة , ولو اعتقد الآكل بالملعق والمتوضيء من المغسلة أن ذلك أنظف وأحسن فليس ذلك أيضا رغبة عن السنة , لأنه تركُ للمباح مع اعتقاد إباحته , وليس في ذلك حرج.

وهناك أحوالا مختلفة الدرجات:


الدرجة الأولي : أن يرشد إلي الهيئة المخصوصة بالقول مع الفعل وهذا يخرج الفعل عن هذا البحث , لأن النظر حين إذن في الدليل القولي.
ومثاله ما ورد في الحديث : إنه كان إذا شرب تنفس ثلاثا , ويقول : "إنه أهنأ وأمرأ".
ومثاله أيضا : أنه كان يأكل بيمينه , وأمر بذلك , ويأكل مما يليه وأمر بذلك.


الدرجة الثانية : أن يواظب النبي صلي الله عليه وسلم علي إيقاع الفعل الجبلي علي هيئة مخصوصة ووجه معروف , كما نقل عنه ذلك في بعض هيئات الأكل والشرب والنوم ونحو ذلك. فهذا يحتمل أن المقصود به التشريع , فيكون مستحبا , ويحتمل أنه فعل ذلك لداعي الجبلة فلا يكون مستحبا. ومن ذلك أنه كان إذا نام وضع يده اليمني تحت خده , وينام علي جنبه الأيمن , وكان يأكل بثلاث أصابع.

قاعدة تعارض الأصل والظاهر : فالأصل عدم التشريع وبراءة الذمم من التكاليف الشرعية , وهذا يقتضي في هذا النوع أن لا يكون واجبا ولا مستحبا. والظاهر أن فعله لما واظب عليه علي طريقة معينة أنه شرع يتبع , لأن الغالب من أفعاله صلي الله عليه وسلم التشريع , إذ هو صلي الله عليه وسلم مبعوث لبيان الشرعيات.
وقد نقل الزركشي عن أبي إسحاق في ذلك وجهين للشافعية أحدهما : أنه سنة متبعة , والثاني : أنه لا يتبع فيه إلاّ بدليل. ونقل عنه أيضا من موضع آخر من كتابه أن الوجه الثاني لهم أنه يتوقف فيه لاحتمال الخصوصية.
وقد مال السبكي في القواعد إلي القول بالاستحباب.
والمشهور عند المحدّثين , وهو المتداول في كتبهم وشروحهم للحديث , أن ذلك الفعل يدل علي الندب ويطلب التأسّي به صلي الله عليه وسلم فيه.
والأرجح عندي أنه دال علي الإباحة لا أكثر. ولا تنتهض المواظبة و التكرار دليلا ً علي كون الفعل مقصودا به التشريع, إذ كثيرا ما يقع من الإنسان أن يفعل الأفعال التي من نوع واحد بطريقة واحدة , بل إن ذلك هو الأغلب علي الناس , لأن في ذلك اقتصادا في المجهود الفكري , فالشيء إذا فعله الإنسان علي الطريقة التي جري عليها في مثله أمكنه فعله دون إعمال للفكر فيه , ويمكن الاستفادة من الفكر في أثناء ذلك الفعل في أشياء أخري.فلما كان هذا من طبيعة البشر, فإن ما واظب عليه يلحق بما لم يواظب عليه , ولا يستفاد من ذلك حكم أعلي من الإباحة.

والدرجة الثالثة : أن يقع منه الفعل الجبلّي لا علي سبيل المواظبة والتكرار. ومثاله أن يكون صلي الله عليه وسلم قد سار في أيمن الطريق أو أيسرها , أو جلس تحت شجرة معينة أو نحو ذلك. فهذا أضعف درجات الفعل الجبلّي الاختياري. ودلالةه علي الإباحة واضحة. أما الندب فالقول به هنا أضعف منه فيما واظب عليه صلي الله عليه وسلم.

وقد نقل عن ابن عمر أنه كان يتتبع آثاره صلي الله عليه وسلم , والمواضع التي سار فيها أو جلس فيها, ورأينا أنه فعل ذلك لا علي سبيل التعبد لله , أعني لا علي سبيل أنه مستحب شرعا, وإنما فعله بداعي عظم المحبة للنبي صلي الله عليه وسلم , فهو يسلي نفسه أو يستثير شوقه بأن يعمل صورة ما عمل النبي صلي الله عليه وسلم , أو بالكون في المكان الذي كان فيه " لعل خفا يقع علي خف" كما قال رضي الله عنه , فهي مسألة شخصية صرفة, كما يصنع المحب المتيم بآثار حبيبه , إذ يحتفظ بصورته , أو بقطعة من ثيابه , أو يذهب إلي المكان الذي قابله فيه , أو نحو ذلك.

ثانيا : الفعل الذي له علاقة بالعبادة:

وهو ما وقع في أثناء العبادة , أو في وسيلتها , أو قبلها قريبا منها , أو بعدها كذلك.
فمما وقع في أثناء العبادة : نزوله صلي الله عليه وسلم بالمحصّب ليلة النفر, وقبض الأصابع الثلاث في التشهد , ووضعها علي الأرض مضمومة في السجود. وجلسة الاستراحة بعد الركعة الأولي وبعد الثالثة , والتطيب للإحلال من الإحرام , واتكاؤه صلي الله عليه وسلم أثناء الخطبة علي قوس أو عصا , ولبس النعلين في الصلاة , يحتمل أنه فعله لكونه من سنة الصلاة , ويحتمل أنه فعله علي سبيل الجواز فقط , كما يلبس في الصلاة قطناً أو صوفاً أوغير ذلك.

ومما وقع في وسيلة العبادة : دخوله مكة من طريق كُدَيّ , وخروجه من طريق كَدَاء ودخوله المسجد الحرام من باب بني شيبة , وطوافه بالبيت راكباً علي بعير , وكذلك في السعي بين الصفا والمروة , ووقوفه في الموقف بعرفات علي بعير , وعودته صلي الله عليه وسلم من صلاة العيد من طريق غير طريق الذهاب , وذهابه إلي العيد ورجوعه منه ماشيا , ووقوع صلاته في السفر في مواضع معينة.

ومما وقع قبل العبادة قريبا منها : اضطجاعة صلي الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر بعد أن يصلّي النافلة.قالت عائشة رضي الله عنها : (( كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا صلّي ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظةً حدثني , وإلا اضجع حتي يؤذَن للصلاة )) رواه البخاري ومسلم. وفي رواية البخاري : اضطجع علي شقه الأيمن. وقد أوجب ابن حزم الضجعة بعد ركعتي الفجر.

وقال الشافعية باستحبابها بناء علي هذا الحديث. وبوب عليه البخاري : "باب الضجعة علي الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر", مما يوحي بأنه يري استحبابه. واستنكرابن مسعود وابن عمر وإبراهيم النخعي والحسن البصريّ ممن فعله , وقال ابن عمر هو بدعة.

ومما وقع بعد انتهاء العبادة : انصرافه صلي الله عليه وسلم من الصلاة عن يمينه أو عن يساره.

فهذا القسم الثاني وهو ما له صلة بالعبادة , بأنواعه الأربعة أعلي من القسم الذي قبله. والقول بالندب فيه أظهر من القسم الأول , وهو ما لا صلة له بالعبادة. فإذا انضم إلي صلته بالعبادة عنصر التكرار والمواظبة عليه قوي القول بالندب فيه.

وباستقراء الفروع الفقهية يتبين أن هذا النوع علي درجات :

الدرجة الأولي : أن الفعل الجبلي يُلحظ فيه أحياناً أنه مقصود في العبادة ليكون جزءاً منها. وقد قيل بالوجوب في ذلك أحياناً ولو لم يرد فيه قول آخر. ومن ذلك الجلوس بين الخطبتين , قال الشافعي بوجوبه , وقال غير من الأئمة بأنه مستحب, ونُقل عن بعض الصحابة أنهم خطبوا فلم يجلسوا حتي الفراغ.
وكذلك القيام في الخطبتين , واظب عليه النبي صلي الله عليه وسلم.فقيل بوجوبه. وهو أحد قولين في مذهب أحمد. والقول الآخر أنه لا يجب , وهو مذهب أبي حنيفة.

وعندي أن الوجوب هنا ليس متلقّي من مجرد الفعل , بل من كونه فعلاً بيانياً في اعتقاد القائل بالوجوب , أي اعتقاد أن الفعل مقصود به بيان صفة خطبة الجمعة المأمور بها في سورة الجمعة , فهذا القصد هو سبب القول بالوجوب. إذ الفعل البياني يمكن أن يُدَلّ به علي الوجوب , كما يأتي.

الدرجة الثانية : ما سبيله الاستحباب من ذلك , وهو ما وضح فيه أمر التعبّد , وذلك إن عُلم , أوغَلَب علي الظن بأمارة , أن المقصود التعبد به , كالقيام في الخطبتين والجلوس بينهما كما تقدم , وصلاته صلي الله عليه وسلم داخل الكعبة , وإفطاره علي رطبات وتراً , ونحو ذلك.

ومن هذا النوع عند الجمهور تحويل النبي صلي الله عليه وسلم رداءه في دعاء الاستسقاء , لم يقل أبو حنيفة بمشروعيته. وقال من احتج له : إنما قلب صلي الله عليه وسلم رداءه ليكون أثبت علي عاتقه عند رفع اليدين في الدعاء , فهو عنده جبلّي. وأجيب بأن تثبيت الرداء لا يدعو لقلبه , فالظاهر أنه قلبه قصداً تعبّداً.

والدرجة الثالثة : ما حصل التردّد فيه بين أن يكون مقصوداً به التعبد أو لا. فهذا الذي فيه الخلاف.

والخلاف فيه ناشئ عن تعارض الأصل والظاهر كما تقدم., إذ الظاهر أن المقصود به التشريع لصلته بالعبادة , والأصل عدم هذا القصد. والذي نرجحه أنه لايدل علي الإستحباب , وإنما قصاراه أن يدل علي الجواز في العبادة, كرفضه صلي الله عليه وسلم التنشيف من الغسل بالمنديل, واستعماله آنية من نوع معين في الوضوء, وكالضجعة بعد ركعتي الفجر, وأكله من كبد أضحيته يوم عيد الأضحي, وذهابه إلي عرفة من طريق ضب , ورجوعه من طريق المأزمين , وركوبه أثناء الطواف و السعي والوقوف, وكون الركوب في تلك المواضع علي بعير, فكل ذلك دال علي الإباحة فقط ولا قدوة فيه.
وهذا يفسر لنا قلة عناية الصحابة رضي الله عنهم بنقل أفعاله التي من هذا النوع , حيث إنها علي الإباحة , وهي الأصل.والله أعلم.

وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في المبيت بالمحصَّ بعد النفر : (( المحصب ليس من النسك , إنما هو منزل نزله رسول الله صلي الله عليه وسلم ليكون أسمح لخروجه )).

إلا أن احتمالاً يرد هنا , وهو أن يقال : إن احتمال عدم قصد التعبد بهذا النوع يقتضي عدم اعتباره جزءا من العبادة. ولكن الاستحباب فيه وارد في جهة أخري هي موافقة صورةِ ما عمله النبي صلي الله عليه وسلم فيثبت الاستحباب. وقد أشار إلي هذا ابن السبكي , قال في مسألة التحصيب : (( قال أصحابنا : يستحب النزول به . ولو تركه لم يؤثّر في نسكه لأنه ليس من مناسك الحج )).

وقد تقدم القول في هذا عند ذكر متابعات ابن عمر في القسم الأول , وبيّنا ما نعتمده في ذلك.والله ولي التوفيق

الدرجة الرابعة : ما وضح فيه أنه ليس مقصودا به التعبد , ولكن وقع لغرض جبلي أو نحوه , فلا إشكال في أن ذلك يدل علي الإباحة مطلقاً , أو إذا وجد سببه , ولا يُظَنَّ أن أحداً يقول بالاستحباب فيه. وذلك كالتفاته صلي الله عليه وسلم في الصلاة وقت الخطر , وسيره فيها حتي فتح الباب لعائشة , وأشار بيده ليَرُدّ السلام , واعتماده علي عمود في صلاته عندما أسنّ وكبر , وقعوده في موضع القيام كذلك, واختياره ما أكله وشربه أثناء حجه , ونزوله في خيمة حين ذاك , ونحو ذلك.
2. الفعل العادي:

وهو ما فعله النبي صلي الله عليه وسلم جريا علي عادة قومه ومألوفهم.

ومن أمثلتها أنه لبس المرط المرحل , والمخطط, والجبة, والعمامة, والقباء, وأطال شعره , واستعمل القرب الجلدية في خزن الماء, وكان يكتحل, ويستعمل الطيب والعطور.

وحكم هذه الأمور وأمثالها أنها تدل علي الإباحة لا غير إلا في حالين:

· أن يظهر قول يأمر أو يرغب فيها, فيظهر أنها حينئذ تكون شرعية.
· أن يظهر ارتباطها بالشرع بقرينة غير قولية, كتوجيه الميت في قبره إلي القبلة فإن ارتباط ذلك بالشرع لا خفاء فيه.

3. الفعل في الأمور الدنيوية:

وهو مافعله النبي صلي الله عليه وسلم بقصد تحصيل نفع في المال أوالبدن له ولغيره , أو دفع ضرر, أو دبر تدبيراً في شأنه خاصة أو شؤون المسلمين عامة لغرض التوصل إلي جلب نفع أو دفع ضرر.

ويشمل هذا النوع الأفعال في الطب والزراعة والصناعة والتجارة , والتدابير التي اتخذها في الحرب , والتدابير التي اتخذها في الإدارة المدنية.

الوجه الأول: يستفاد من فعله صلي الله عليه وسلم في ذلك إباحته وأنه لايخالف العقيدة أو الشريعة, وأنه قد يرقي إلي درجة الاستحباب أو الوجوب بحسب الأحوال الداعية إليه.
وفي الحديث القولي إشارة إلي ذلك حيث قال صلي الله عليه وسلم : (( ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده , وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده )).(رواه البخاري)

الوجه الثاني: الأمر الذي عمله بخصوصه, هو مباح له , وقد يكون مستحبا له, أو واجباً عليه, لاعتقاده أنه هو المؤدي إلي غرض مستحب أو واجب. ولكن هل يكون حكم مثله بالنسبة إلينا كذلك, كما لو شرب دواءً معينا لمرض معين, فهل يستحب لنا شرب ذلك الدواء لذلك المرض مثلاً, أو يجب, بل هل يباح بناء علي ذلك أم لا؟

هذا ينبني علي أصل, وهو أن اعتقاداته أو ظنونه صلي الله عليه وسلم في الأمور الدنيوية هل يلزم أن تكون مطابقة للواقع بمقتضي نبوته, أم أن هذا أمر لا صلة له بالنبوة؟

اختلف العلماء في ذلك علي مذهبين:


المذهب الأول: أنه صلي الله عليه وسلم معصوم من خطأ الاعتقاد في أمور الدنيا, بل كل ما يعتقده في ذلك فهو مطابق للواقع.
ولم نجد أحداً من قدماء الأصوليين صرّح بمثل هذا المذهب.
ولكنه لازم لمن جعل جميع أفعاله صلي الله عليه وسلم حجة حتي في الطبيات والزراعة ونحوها.وهو لازم أيضا لمن صحح منهم أن تقريره صلي الله عليه وسلم لمخبر عن أمر دنيوي يدل علي صحة ذلك الخبر كما فعل السبكي وأيده المحلي والبناني.
والذين عند حصرهم أقسام الأفعال النبوية , لم يذكروا الفعل النبوي في الأمور الدنيوية كقسم من أفعاله لا دلالة فيه يُظهر أنهم يقولون بهذا القول , إذ يلزمهم أن يكون فعله صلي الله عليه وسلم في الطب مثلا دليلا شرعيا.من هؤلاء أبو شامة والسبكي وابن الهمام وغيرهم.
وابن القيم في كتابه "الطب النبوي" يذهب إلي حُجّيّة أفعاله صلي الله عليه وسلم في الطب , فيلزمه القول بهذا المذهب.
ويظهر أن هذه طريقة المحدثين , فإنا نجد عند البخاري مثلا هذه الأبواب , ولم يذكر فيها من الأحاديث إلا أحاديث فعلية : باب السعوط باب أي ساعة يحتجم باب الحجامة في السفر باب الحجامة علي الرأس باب الحجامة من الشقيقة والصداع وعتد غيره من المحدثين كأصحاب السنن تبويبات مشابهة. ويوافقهم الشراح غالبا علي ذلك , فيذكرون استحباب أدوية معينة لأمراض معينة , بناء علي ما ورد في ذلك من الأفعال النبوية.

المذهب الثاني: أنه لايلزم أن يكون اعتقاده في أمور الدنيا مطابقا للواقع , بل قد يقع الخطأ في ذلك الاعتقاد قليلاً أو كثيراً, بل قد يصيب غيره ويخطئ هو صلي الله عليه وسلم .
قالوا: وليس في ذلك حط من منصبه العظيم الذي أكرمه الله به, لأن منصب النبوة منصب علي العلم بالأمور الدينية, من الاعتقاد في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر, ومن الأمور الشرعية. أما إذا اعتقد أن فلاناً مظلوم فإذا هو ظالم, أو أن دواءً معيناً يشفي من مرض معين فإذا هو لا يشفي, أو أن تدبيراً زراعياً أو تجارياً أو صناعياً يؤدي إلي هدف معين فإذا هو لا يؤدي إليه, أو يؤدي إلي عكسه, أو أن تدبيراً عسكرياً أو إدارياً سينتج مصلحة معينة, أو يدفع ضرراً معيناً, فإذا هو لا يفعل, فإن ذلك الإعتقاد لا دخل له بالنبوة, بل هو يعتقده من حيث هو إنسان, له تجاربه الشخصية, وتأثراته بما سبق من الحوادث, وما سمع أو رأي من غيره, مما أدي إلي نتائج معينة, كل ذلك يؤدي إلي أن يعتقد كما يعتقد غيره من البشر, ثم قد ينكشف الغطاء فإذا الأمر علي خلاف ما ظن أو اعتقد.

وقد صرّح بأصل هذا المذهب , دون تفاصيله , القاضي عيّاض والقاضي عبد الجبار الهمداني المعزلي والشيخ محمد أبو زهرة. وظاهر الحديث أنه صلي الله عليه وسلم كغيره من الناس في ذلك , بل فيه التصريح بأن أصحاب الخبرة في صنائعهم وتجاراتهم وزرعاتهم قد يكونون أعلم منه بدقائقها. إلا أن القاضي عيّاضا أوجب أن يكو الخطأ في ذلك نادرا لا كثيرا يؤذن بالبله والغفلة.

رأينا في ذلك :

نختار المذهب القائل بأن أفعاله الدنيوية ليست تشريعا , وذلك لأجل الأدلة الآتية :

1. قوله تعالي {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إليّ} وقوله { قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا} وقد تكرر التأكيد في الكتاب علي بشرية الرسول صلي الله عليه وسلم , وأنه ليس إلها ولا ملكا و لا يعلم الغيب. ومن المعلوم أنه صلي الله عليه وسلم لما نبّأه الله عز وجل لم يمنعه من تصرفاته البشرية كما يتصرف غيره من الناس علي غالب الظنون والتقادير التي تخطيء وتصيب , ولا تعهّد له بأن يمنعه من الخطأ في ذلك , فالأصل استمرار حاله في ذلك كما كان قبل النبوة , لمّا لم يدل علي انتقاله عن ذلك دليل.وقد أكّدت السنة النبوية ما بيّنه القرآن من ذلك كما يأتي.

2. حديث تأبيرالنخل . قوله " إنما أنا بشر مثلكم , إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به, وإذا أمرتكم بشئ من رأيي فإنما أنا بشر". وفي رواية " أنتم أعلم بأمر دنياكم".

وبهذا الحديث , برواياته المختلفة, يؤصل النبي صلي الله عليه وسلم أصلا عظيما في الشريعة ويبينه لنا, ويشعرنا أن بعض أفراد الأمة أحياناً أعلم منه بما يتقنونه من أمور الدنيا, والمقصود أهل الخبرة في كل فن وصناعة, وأنه لا داعي شرعاً لالتفاتهم إلي ما يصدر عنه من ذلك إلا كما يلتفتون إلي قول غيره من الناس.

3. حديث غزوة بدر. وموقف الحباب بن المنذر, وسؤاله له:أهذا منزل أنزلكه الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة.

فقد كان أصحابه يفرقون بين ما كان من أوامر الرسول صادراً في مقام التشريع , وما كان صادرا في غير مقام التشريع , وإذا أشكل عليهم أمر سألوا عنه . ومثله الحديث التالي.(إضافة)

4. حديث بريرة . وكلام الرسول في أن تراجع مغيث , فقالت: أتأمرني يا رسول الله؟ قال : لا, ولكني أشفع , فأبت أن تراجعه , ولم يثرﱢ بها رسول الله ولا المسلمون.(إضافة)

5. حديث: " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي, ولعل بعضكم أن يكون الحن بحجته من بعض, فأقضي له علي نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه شيئا فلا يأخذه, فإنما أقطع له بقطعة من النار".

مسائل متممة لبحث الأفعال النبوية الدنيوية :

المسألة الأولي : إذا انضم إلي الفعل الدنيوي قول آمر فذلك يخرجه من باب الأفعال ويعود النظر إلي الدليل القولي , وذلك خارج عن موضوع بحثنا.

المسألة الثانية : إذا نص القرآن علي أمر دنيوي فهو حق لا مرية فيه , لأنه من الله تعالي الذي لا تخفي عليه خافية في السموات ولا في الأرض.

فإن كان الفعل النبوي في الشؤون الدنيوية استجابة لإرشادت القرآن التي تتعلق بذلك الأمر, فيكون الفعل بياناً أوامتثالاً للقرآن, ويحمل علي الشرعي. ولعل خير مثال علي ذلك شربه صلي الله عليه وسلم العسل للتداوي. فإن ذلك تطبيق لقوله تعالي {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس}
وشبيه بذلك ما أخبر صلي الله عليه وسلم أنه فعله بوحي من الله تعالي.

المسألة الثالثة : إذا تردد الفعل بين أن يكون دنيويا أو دينيا , حمل علي الدينيّ , لأنه الأكثر من أفعاله صلي الله عليه وسلم . والله أعلم.




الخصائص النبوية :

بعض الأفعال التي كان يفعلها النبي صلي الله عليه وسلم هي مما أبيح له خاصة من دون سائر المؤمنين , أو وجب عليه دونهم , وبعض ما حرّم عليه , حرّم عليه خاصة من دونهم.وهذا النوع من الأفعال فيما يسمي الخصائص النبوية.
ما اختص به النبي صلي الله عليه وسلم أمور كثيرة أفردها العلماء بالتأليف , ويذكرها المؤلفون في السيرة النبوية وفي الشمائل النبوية.

تصنيف الخصائص النبوية :

1. بحسب من عنه الاختصاص.

( أ ) منها ما تشاركه فيه أمته , وينفرد به هو وأمته صلي الله عليه وسلم عن سائر الأنبياء وأممهم. وذلك مثل ما ورد في الحديث : (( أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر , وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا , فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلي , وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي , وأعطيت الشفاعة , وكان النبي يبعث إلي قومه خاصة , وبعثت إلي الناس عامة )) ومثل تجويز الدية في قتل العمد ولم تكن لمن قبلنا جائزة.

(ب) ومنها ما ينفرد به صلي الله عليه وسلم عمن ليس بنبي , لكن يشاركه فيه كل الأنبياء , أو بعضهم.وأمثلة ذلك تأييدهم بالمعجزات , وبالعصمة من المعاصي , وتكليم الله لهم , ونزول الوحي عليهم , وكونهم لا يورثون , ويدفنون حيث يموتون.

(ج) ومنها ما ينفرد به محمد صلي الله عليه وسلم عن جميع البشر من الأنبياء وغيرهم , ككونه خاتم النبيين , وإمام المرسلين , وأنه مبعوث إلي حميع العالمين إنسهم وجنهم , وشفاعته العظمي يوم الحساب.

2. بحسب زمن الاختصاص.

( أ ) في الدنيا , كالإسراء به , وكإباحة نكاح أكثر من أربع نسوة.

(ب) في الآخرة , ككونه أول من يبعث , وأول شافع وأول مشفع , وأول من يقرع باب الجنة , وأكثر الأنبياء تابعا يوم القيامة , وبيده لواء الحمد يوم القيامة , وأُعطي الكوثر , والحوض.

3. بحسب ما فيه الاختصاص.

( أ ) ما ليس بحكم شرعي , وأمثلته ما كان في خلقته صلي الله عليه وسلم كخاتم النبوة بين كتفيه , وتأييده بالمعجزات والوحي والنصر بالرعب مسيرة شهر.

(ب) وما هو حكم شرعي.

وهذا القسم نوعان : إما حكم شرعي لفعل غيره بسببه كرامة له , كتحريم نسائه علي غيره , وما نسخ من وجوب الصدقة علي المؤمنين عند مناجاته , ووجوب احتجاب نسائه , وتحريم أخذ الزكاة علي آل بيته , وأنه لا يورث , وأن الكذب عليه عمدا كبيرة , وتحريم رفع الصوت فوق صوته.

وإما حكم شرعي لفعله هو صلي الله عليه وسلم كوجوب قيام الليل , وتحريم الصدقة عليه , وإباحة نكاح ما زاد علي أربع نسوة , و تحريم نكاح من لم تهاجر معه.

الفعل الدائر بين الخصوصية وغيرها :

يدور بين الخصوصية وغيرها نوعان من الأفعال :

الأول : ما تلمح فيه الخصوصية , كوضعه صلي الله عليه وسلم جريدة علي قبرين بقصد التخفيف من عذاب صاحبيهما.فقد اُدّعيت الخصوصية في أفعال معدودة , لمّا حصل التعارض بين الفعل وغيره من الأدلة , فتخلّص بعض العلماء بدعوي الخصوصية في الفعل.

والثاني : ما لا تلمح فيه الخصوصية , ولكن يجوز عقلا أن يكون خاصا وأن يكون مشتركا.وهذ النوع هو سائر الأفعال المجردة, ويأتي بيان الحكم فيها.

والمعتمد أن الأصل في الفعل عدم الخصوصية , وأنه لا تجوز دعوي الخصوصية بغير دليل , كما سيأتي إيضاحه , وكذلك لو كانت الدلالة ضعيفة وأمكن التخلّص منها.

وسبب ذلك أن الخصوصية خلاف الأصل , لأنه صلي الله عليه وسلم مبعوث قدوة وداعيا بفعلة وقوله كما تقدم. فأفعالة هي للاقتداء , والخصوصية تمنع الاقتداء.

أدلة الخصوصية :

يعلم أن حكم الفعل من خصائصة صلي الله عليه وسلم بأمور:

الأول : أن يرد في القرآن النص علي الخصوص والمنع من الاشتراك , كقوله تعالي : {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم}.

وقد يكون في النص الدالّ علي الخصوصية خفاء فيقع فيه الخلاف. ومن ذلك قوله تعالي في صلاة الخوف : {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة...}, يقول القرطبي : ( هذه الآية خطاب للنبي صلي الله عليه وسلم وهو يتناول الأمراء بعده إلي يوم القيامة. هذا قول كافة العلماء.وشذ أبو يوسف , وإسماعيل بن علية , فقالا : لا تصلي صلاة الخوف بعد النبي صلي الله عليه وسلم, فإن الخطاب كان خاصا له بقوله : {وإذا كنت فيهم} وإذا لم يكن فيهم لم يكن لهم ذلك , لأن النبي صلي الله عليه وسلم ليس كغيره في ذلك ...)

ثم ذكر أن الجمهور يرون اتباعه صلي الله عليه وسلم مطلقا حتي يدل دليل واضح علي الخصوص, ولئلا تكون الشريعة قاصرة علي من خوطب.وقد عمل الصحابة بصلاة الخوف بعده صلي الله عليه وسلم.

ثم إن خاطب الله تعالي نبيه بالحكم بضمير المفرد , أو بقوله يا أيها النبي , لم يدل ذلك علي الاختصاص , لأنه صلي الله عليه وسلم قائد أمته في طريقها إلي الله , والأمر للقائد أمر لأتباعه.ومن رفض المشاركة في الحكم هنا بمقتضي اللفظ لا يمنع القياس.ومثاله قوله تعالي:{لا تمدّنّ عينيك إلي ما متّعنا به أزواجاً منهم} وقوله:{وشاورهم في الأمر}.

الثاني: أن يقول صلي الله عليه وسلم ذلك. كنهيه لهم عن الوصال لما واصل , وقال : ( إني لست كهيئتكم , إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ). وقال في دخول مكة مقاتلا : ( إن أحد ترخص بقتال رسول الله , فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يإذن لكم ).

أما لو ورد الإخبار من النبي صلي الله عليه وسلم أنه يفعل كذا أو لا يفعل كذا , فلا يدل علي الاختصاص , كقوله صلي الله عليه وسلم : ( لا آكل متكئاً ).

الثالث : الإجماع علي الخصوصية , كإجماعهم علي تحريم الزيادة علي أربع نسوة واختصاصه صلي الله عليه وسلم بإباحة ذلك.

الرابع : القياس الجلي , كتحريم نكاح امرأة تكره صحبته. لأنه إذا وجب عليه طلاق من تكره صحبته ممن قد تزوجهن فأن لا يبتدي نكاح الكارهة أولي.ودليل وجوب الطلاق عليه في تلك الحال قوله تعالي : {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتنَّ تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتِّعكن وأسرّحكن سراحا جميلاً}

درجات خصائصه في سلم الأحكام :

يقسم الفقهاء خصائصه في أفعاله إلي ثلاثة أنواع :

1. أفعال واجبه عليه خاصة , كتخيير نسائه .
2. وأفعال محرمة عليه خاصة , كتبدّل أزواجه , ونكاح من لم تهاجر معه.
3. وأفعال مباحة له خاصة , كالزيادة علي أربع زوجات.

عدد الخصائص

أما اختص به صلي الله عليه وسلم في أحكام أفعاله, فليس كل ما ذكره المؤلفون من الخصوصيات صحيحا , قد حصرها القرطبي في 37 خاصة ,وقال:إن منها المتفق عليه ,والمختلف فيه .والسيوطي جعلها 65 خاصة,والرملي الشافعي جعلها 47 خاصة.
ولعل ما يصح دليله من كل ما ذكر قريب من 15خاصة لا أكثر.

وأما ماصح من خصائصه بدليل:


(1) في الواجبات: التهجد بالليل , وتخيير نسائه.

(2)
في المحرمات: تحريم الزكاة عليه وعلي آله,وتحريم أكل الأطعمة الكريهة الرائحة, وتحريم التبدل بأزواجه.



(3)
في الجائزات: خُمس خمُس الغنيمة,وخمس الفيء,والوصال,والزيادة علي أربع نسوة,وسقوط القسم بين زوجاته,والقتال بمكة.



الاستدلال بأفعاله صلي الله عليه وسلم الخاصة به في الأحكام المماثلة :

إذا ثبت الخصوصية في فعل من أفعال النبي صلي الله عليه وسلم فإنها تقتضي أن حكم غيره ليس كحكمه وذلك إجماع , إذ لو كان حكمه حكم غيره لما كان للاختصاص معني.

ومن أجل ذلك كانت فائدة معرفةالخصائص معرفة أن حكم غيره صلي الله عليه وسلم ليس كحكمه فيها , ولئلا يقتدي بها جاهل إذا سمع الحديث مثلا أن النبي صلي الله عليه وسلم فعل كذا. هذا ما يذكره الفقهاء من فائدة معرفتها.

إلا أنه من المهم ثبوت الخصوصية بدليل صحيح , أعني بصحته صحة الثبوت بالإضافة إلي صحة الدلالة علي الخصوصية.

ثم إنه وإن امتنعت مشاركتنا للنبي صلي الله عليه وسلم في خصوصياته , فإن للاقتداء به فيها وجها واضحا , فإنه إذا امتنع من أكل الثوم والبصل لكونهما محرمين عليه خاصة , فيتجه أن يقال : إن من اقتدي به في الامتناع من ذلك يؤجر , ويكون في حقه مكروها , وإذا وجب عليه تخيير نسائه إذا بدا منهن الضيق , استُحب ذلك لغيره.

وفي هذه المسألة للعلماء قولان :

الأول : الفعل الخاص لا يكون دليلا في حقنا , ولا يمتنع أن يكون الدليل شيئا آخر كالقول مثلا.

هذا وإن أكثر ما نُقل من خصائصه صلي الله عليه وسلم بُين الحكم فيه في حقنا بأدلة مستقلة , كاستحباب الضحي والأضحي والوتر والتهجد في حقنا للأدلة القولية الواردة في ذلك.وتخيير المرأة الكارهة نوع من الإحسان, والإحسان مطلوب شرعا.
وككراهية أخذ الزكاة والصدقة في حقنا , وكراهة أكل ما له ريح كريهة كالبصل والثوم.

الثاني : الاقتداء به صلي الله عليه وسلم ممنوع في ما أبيح له خاصة لدلالة الخصوصية علي امتناع ذلك في حق غيره. وأن الاقتداء به صلي الله عليه وسلم علي سبيل الاستحباب ثابت فيما فعله علي سبيل الوجوب , وفي ترك ما تركه علي سبيل الحرمة.

هذا وإن أغلب ما اختص به النبي صلي الله عليه وسلم في باب الوجوب والتحريم يعلم حكمه في حقنا بأدلة غير الأفعال. ومن أجل ذلك كانت فائدة هذه القاعدة ضئيلة في استفادة الأحكام الشرعية من الأفعال الخاصة,إذ إنها تحصيل حاصل.ويجوز استعمالها للتوكيد والاستئناس.

عبدالحق شريف الرباطابي
عبدالحق شريف الرباطابي
المدير العام
المدير العام

الميزان
عدد المساهمات : 556
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
العمر : 35
الموقع : السودان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

 بحث أفعال الرسول ودلالتها علي الأحكام الشرعية Empty رد: بحث أفعال الرسول ودلالتها علي الأحكام الشرعية

مُساهمة من طرف شريف ابراهيم الثلاثاء 13 مارس 2012 - 15:20

جزاك الله خيرا عبد الحق



أغرّ، عليه للنّبوّة خاتم ... من الله مشهود يلوح ويشهد
وضمّ الإله اسم النّبي إلى اسمه، ... إذ قال في الخمس المؤذّن أشهد
وشقّ له من اسمه كي يجلّه ... فذو العرش محمود، وهذا محمّد
نبي أتانا بعد يأس وفترة ... من الرّسل، والأوثان في الأرض تعبد
فأمسى سراجا مستنيرا وهاديا، ... يلوح كما لاح الصّقيل المهنّد
وأنذرنا نارا، وبشّر جنة ... وعلّمنا الإسلام، فالله نحمد
وأنت إله الخلق ربّي وخالقي ... بذلك ما عمّرت في الناس أشهد
تعاليت ربّ الناس عن قول من دعا ... سواك إلها، أنت أعلى وأمجد
لك الخلق والنّعماء، والأمر كلّه، ... فإيّاك نستهدي، وإيّاك نعبد
شريف ابراهيم
شريف ابراهيم
نائب المدير العام
نائب المدير العام

عدد المساهمات : 1930
السٌّمعَة : 10
تاريخ التسجيل : 28/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى